يبدو أن الإخلاص للمقعد وللمبنى المكيَّف الفخم، كان أقوى من الإخلاص لدماء الشهداء الذين سقطوا فى موقعة ماسبيرو، فلم يمتلك رئيس الوزراء عصام شرف شجاعة وزير ماليته حازم الببلاوى الذى أعلن استقالته اعتراضا على إدارة الأزمة، بينما اكتفى شرف بالمماطلة. شرف لا يرغب فى الاستقالة، فهو، تعليقا على استقالة الببلاوى، لم يقل سوى إنه «تحت أى ظرف استثنائى فالوزارة تضع استقالتها تحت تصرف المجلس الأعلى للقوات المسلحة»، وهى الجملة التى أثارت لبسا، فى أن الحكومة قد تكون تقدمت باستقالتها، ولكن هذا المعنى لم يكن هو المقصود نهائيا، فقد نفى السفير محمد حجازى المتحدث باسم مجلس الوزراء، ذلك. الجملة التى قالها شرف جاءت خلال المؤتمر الصحفى الذى عقده على هامش مباحثاته مع الوفد السودانى بمقر مجلس الوزراء أمس. خلال مباحثات شرف مع الوفد السودانى كان الارتباك قد ساد مجلس الوزراء مع انتشار أنباء استقالة الببلاوى من منصبه، وحينما بدأ المؤتمر الصحفى سئل عن استقالة الدكتور الببلاوى وأحداث ماسبيرو، فكان رده أن الأوضاع التى تحدث فى مصر أوضاع غريبة لا تمت بصلة إلى العلاقة الوثيقة بين المسلمين والمسيحيين، والأمر متروك حاليا للتحقيقات، وما ستسفر عنه النتائج لنضع أيدينا على أمور واضحة لأنه لا يمكن أن يحدث هذا من مصرى لمصرى، والوزارة تحت أى ظرف استثنائى تضع استقالتها تحت تصرف المجلس الأعلى للقوات المسلحة، مضيفا أن الببلاوى أرسل إليه ورقة باستقالته، مؤكدا أنه يحترمه فهو استطاع أن يقود المسيرة الفترة الماضية، وأنهم مستمرون لحين إيجاد بديل. وحينما سئل عن أن هذا يعنى قبول استقالة الببلاوى أجاب بأنه لا يتمكن من الوصول إلى الدكتور الببلاوى. وعندما طرح أحد الصحفيين سؤالا: لماذا لم تتقدم الحكومة باستقالتها؟ لم يجب شرف، وتم الانتقال مباشرة إلى سؤال طرحه صحفى سودانى مشارك فى الوفد حول العلاقات المصرية السودانية. حسين عبد الرازق عضو المكتب السياسى بحزب التجمع، علق بأن هناك اتجاها من الرأى العام يحمّل الحكومة مسؤولية أحداث ماسبيرو، مضيفا أن هذا الاتجاه الذى يدين الحكومة لا يستطيع شرف تجاوزه، وبالتالى لجأ إلى وضع استقالته تحت رهن المجلس العسكرى، أمين إسكندر وكيل مؤسسى حزب الكرامة، قال إن خطوة الاستقالة مسؤولة من شرف ويجب أن يصر عليها لو فعلا يريدها ولا يلعب بورقتها، جمال فهمى عضو مجلس نقابة الصحفيين السابق، قال «مللنا من استقالات شرف المتكررة التى بلا شرط وتقدم ل(العسكرى) ويضغط عليه ويرفضها».