3 سيناريوهات قاسية تنتظر القارة العجوز.. وتوقعات بقيام نظام عالمى جديد بعد السيطرة على الفيروس يوم 23 يونيو من العام 2016، كان تاريخيا للمملكة المتحدة، فهو اليوم الذى وافق فيه 51.9% من شعبها على الخروج من الاتحاد الأوروبى (البريكست)، بعد دعوات من المشككين فى وحدة أوروبا سواء الجناح اليسارى أو الجناح اليمينى، فى حين أن المؤيدين لوحدة أوروبا والذين يمتلكون شعبية سياسية قد دعوا إلى استمرار العضوية، لكن شعبيتهم لم تفدهم هذه المرة، وأخيرا أعلنت بريطانيا رسميا عن خروجها من الاتحاد الأوروبى، ذلك التكتل الذى انضمت إليه نحو 50 عاما مع 26 دولة أخرى. الخروج لم يكن سهلا، وحتى هذه اللحظات ما زال الشعب البريطانى مختلفا بشأن هذه المسألة، ما بين مرحب حد الاحتفال بالرقص والغناء، ومستاء حد إضاءة الشموع حزنا على الانفصال.فى 28 أكتوبر 2019، وافق الاتحاد الأوروبى على إرجاء «بريكست» حتى 31 يناير 2020، ووافق النواب غداة ذلك بغالبية ساحقة على عقد انتخابات مبكرة الخروج لم يكن سهلا، وحتى هذه اللحظات ما زال الشعب البريطانى مختلفا بشأن هذه المسألة، ما بين مرحب حد الاحتفال بالرقص والغناء، ومستاء حد إضاءة الشموع حزنا على الانفصال. فى 28 أكتوبر 2019، وافق الاتحاد الأوروبى على إرجاء «بريكست» حتى 31 يناير 2020، ووافق النواب غداة ذلك بغالبية ساحقة على عقد انتخابات مبكرة فى 12 ديسمبر، حقق فيها بوريسون فوزا ساحقا وحصل على غالبية لم يسبق أن حصل عليها المحافظون منذ عهد مارجريت تاتشر، ثم أقر البرلمان الجديد اتفاق «بريكست». وبعد موافقة مجلس اللوردات عليه، وقعت الملكة إليزابيث الاتفاق فى 23 يناير الماضى، وصادق عليه البرلمان الأوروبى بعد أسبوع. ورغم أنه لم يكن من الطبيعى التسليم بخسارة بريطانيا ضمن الاتحاد، والتى هى مصدر ل15% من الدخل القومى الداخلى للاتحاد، فإن حكومة المملكة ترغب فى تحقيق نتيجة فى زمن قياسى قبل نهاية العام وتستبعد تمديد المرحلة الانتقالية إلى ما بعد 2020، وهى الفترة التى تعتبرها المفوضية الأوروبية ضيقة، ليكون بذلك أول مسمار فى نعش الاتحاد الأوروبى. «كورونا» وصعود القومية فى آخر يوم من العام الماضى، ضرب فيروس كورونا المستجد (كوفيد - 19)، دولة الصين حيث يوجد أكبر تجمع سكانى على كوكب الأرض (أكثر من 1.3 مليار نسمة)، وبدأ الفيروس، الذى يسبب الالتهاب الرئوى الحاد والقاتل، من سوق مدينة «ووهان» للحيوانات والمأكولات البحرية، إذ يرجح انتقاله من الخفافيش أو الأفاعى الموجودة فى السوق مباشرة، وتم رصد الإصابات الأولى بعد جمع 583 عينة من السوق، وجاءت نتيجة 33 منها إيجابية أى حاملة للفيروس، وسرعان ما انتشر الفيروس فى عشرات المدن حول العالم ليقتل الآلاف ويصيب نحو 2 مليون. وتحول «كورونا» إلى خطر عالمى، حتى إن دولا عدة فرضت سيطرة على حدودها للسيطرة عليه بعد تأكيد خروج 5 ملايين نسمة من ووهان، وطبقت الدول الحجر الصحى على جميع المسافرين سواء عبر المطارات أو الموانى، وبعضها منع أى رحلات من وإلى الصين. وبعدها انتقل الفيروس إلى أوروبا، لتصبح ثانى منطقة يتفشى بها الوباء بعد الصين، وهنا تصاعد دور القومية، فكانت كل دولة تتعامل بشكل منفرد مع الأزمة، ولم يكن للاتحاد الأوروبى أى دور تجاه الدول التى تقع تحت مظلته. وكانت إيطاليا أول الدول المتضررة وتفشى الوباء فى معظم مدنها، وانهار القطاع الصحى، ورغم ذلك تقاعس الاتحاد الأوروبى عن مد يد العون لها، ليجد نفسه أمام ضغوط كبيرة، وأسئلة حول جدوى وجوده وإعادة تعريف وظائفه، فالانتقادات الإيطالية وصلت إلى حد تصريح رئيس الوزراء بأن الاتحاد الأوروبى قد يفقد سبب وجوده، حتى إن بعض المواطنين الطليان استبدلوا بعلم الاتحاد الأوروبى علم الصين، نظرا لما قدمته لهم من مساعدات وقت الأزمة، ليكون بذلك ثانى مسمار يتم دقه فى نعش الاتحاد الأوروبى بعد خروج المملكة المتحدة. هل يتفكك الاتحاد الأوروبى؟ أصبح الجميع يتحدث عن العالم ما قبل وبعد «كورونا»، يجزم الجميع بأن شكل العالم سيختلف فى كل نواحيه: سياسية، اقتصادية، اجتماعية، مجتمعية، صحية، وغيرها، إذ أجبر الفيروس الملايين على العمل من المنزل والتواصل عن بعد، وحد من حركات البشر فى الشوارع بشكل كبير، حتى إن الخروج أصبح مخاطرة، ودول عدة أوقفت حركة الطيران للركاب بشكل كامل، واقتصرت على نقل البضائع فقط. ليس هذا فحسب فكل التكتلات الاقتصادية التى نشأت فى العقود الأخيرة، لا دور لها فى مواجهة الوباء، وكل دولة مهتمة بحماية حدودها فقط، وتبذل أقصى جهد كى لا تستقبل وافدين، كما ظهرت النزعات القومية واضحة، وهو ما كان جليا فى أزمة إيطاليا مع الاتحاد الأوروبى، ولذا يرى محللون أنه بعد انتهاء هذه المرحلة سيكون العالم فى حالة حذر وتحفظ تجاه العودة مجددا فى الانخراط كما كان سلفا. وحذر رئيس الوزراء الإسبانى بيدرو سانشيز، فى كلمة له أمام البرلمان الإسبانى، يوم الخميس الماضى، قال سانشيز من أن الاتحاد الأوروبى قد يواجه خطورة التفكك فى ظل استمرار أزمة تفشى فيروس كورونا المستجد، قائلا: «الاتحاد الأوروبى فى خطر إذا لم يكن هناك تضامن». ويرى محللون أن وصف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، للفيروس بأنه أكبر تحد يواجه العالم منذ الحرب العالمية الثانية، يعنى أنه سيكون هناك نظام عالمى جديد بعد السيطرة على الفيروس، لكن ليس من المؤكد أن يكون تفكك الاتحاد الأوروبى واحدا من هذه التغييرات، مستندين فى ذلك إلى أن الحرب العالمية الثانية كانت سببا فى انهيار عصبة الأمم وإقامة الأممالمتحدة عوضا عنها. بينما يقول محللون إن أزمة المساعدات بين دول الاتحاد الأوروبى خاصة ألمانيا وفرنسا وإيطاليا لن تؤدى إلى تفكك الاتحاد، لكن من الممكن أن تكون سببا فى دخول تعديلات على اتفاقية بروكسل -الاتفاقية المنشأة للاتحاد- وذلك بسبب محدودية سلطات الاتحاد الأوروبى وفقا لهذه الاتفاقية، والتى تنص على أن المفوضية تنسق بين الدول الأوروبية لتقديم مساعدات لبعضها حال تعرضت لزلازل أو أعمال إرهابية أو لكارثة، لكن هذه المساعدات ليست إلزامية.