أكثر من مليون مصاب بينهم نحو 90 ألف حالة وفاة وربع مليون تم شفاؤهم من فيروس كورونا المستجد (كوفيد – 19)، الذى ظهر يوم 31 ديسمبر الماضى فى مدينة ووهان الصينية، مما أدى إلى شلل الحياة بالكامل فى المدينة، ووضعها تحت الحجر الصحى، وسرعان ما انتقل إلى معظم دول العالم، باستثناء عدد من الدول يمكن حصرها على أصابع يديك. «أكبر تحدٍّ يواجه العالم منذ الحرب العالمية الثانية» هكذا وصف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش الفيروس الذى صنفته منظمة الصحة العالمية يوم 11 مارس الماضى «جائحة»، وتسبب فى وضع أكثر من نصف سكان الكوكب تحت الحجر الصحى أو العزل المنزلى.أصبح الجميع يتحدث عن العالم ما قبل وبعد «كورونا»، يجزم الجميع «أكبر تحدٍّ يواجه العالم منذ الحرب العالمية الثانية» هكذا وصف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش الفيروس الذى صنفته منظمة الصحة العالمية يوم 11 مارس الماضى «جائحة»، وتسبب فى وضع أكثر من نصف سكان الكوكب تحت الحجر الصحى أو العزل المنزلى. أصبح الجميع يتحدث عن العالم ما قبل وبعد «كورونا»، يجزم الجميع بأن شكل العالم سيختلف فى كل نواحيه: سياسية، اقتصادية، اجتماعية، مجتمعية، صحية، وغيرها، إذ أجبر الفيروس الملايين على العمل من المنزل والتواصل عن بعد، وحد من حركات البشر فى الشوارع بشكل كبير، حتى أن الخروج أصبح مخاطرة، ودول عدة أوقفت حركة الطيران للركاب بشكل كامل، واقتصرت على نقل البضائع فقط. نهاية أسطورة العولمة أن يصبح العالم قرية صغيرة متصلة ومترابطة فى كل المناحى سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وتكنولوجيا، هذه هى العولمة، لكن ما إن ظهر فيروس «كورونا» حتى سارعت الدول إلى الانكماش على نفسها وفضلت الانعزال والانغلاق على نفسها، فهو الطريق الوحيد للنجاة، والتعاون الدولى كانت غائبا عن عدة دول، وحاول الجميع أن ينأى بنفسه متناسين «العولمة»، حتى إن عددا من المساعدات التى تم إرسالها إلى الدول الأكثر تأثرا تعرضت للقرصنة من حكومات دول أخرى، وكان آخرها شحنة مساعدات طبية من الصين إلى إسبانيا، سطت عليها تركيا، دون أى اعتبار للوضع الصحى الذى تعانيه إسبانيا. كانت الصين -التى عرف عنها من قبل تبنيها سياسة الانعزال والانغلاق- أولى الدول التى فرضت على نفسها العزلة، بعد أن عزلت عددا من الأقاليم والمقاطعات التى تفشى فيها الفيروس وعلى رأسها «هوبى»، وحتى الآن ما زال الدخول إلى الصين تجربة صعبة. الاتحاد الأوروبى لم يعد متحدا أما فى أوروبا، ثانى منطقة تفشى بها الوباء بعد الصين، فكانت كل دولة تتعامل بشكل منفرد مع الأزمة، ولم يكن للاتحاد الأوروبى أى دور تجاه الدول التى تقع تحت مظلته، فكانت إيطاليا أولى الدول المتضررة وتفشى الوباء فى معظم مدنها، وانهار القطاع الصحى، ورغم ذلك تقاعس الاتحاد الأوروبى عن مد يد العون لها، ليجد نفسه أمام ضغوط كبيرة، وأسئلة حول جدوى وجوده وإعادة تعريف وظائفه، فالانتقادات الإيطالية وصلت إلى حد تصريح رئيس الوزراء بأن الاتحاد الأوروبى قد يفقد سبب وجوده. وخذلت فرنسا وألمانيا، إيطاليا ورفضتا تقديم أى مساعدات لها، حتى وصل الأمر إلى أن بعض المواطنين أنزلوا علم الاتحاد الأوروبى ووضعوا علم الصين عوضا عنه بعد أن أرسلت بكين شحنة مساعدات طبية لروما، وتوالت المساعدات بعدها على إيطاليا من خارج الاتحاد الأوروبى من دول مثل: مصر، روسيا، كوبا. وبدلا من أن تعتذر فرنسا عن خذلانها لإيطاليا، اتهمت الصينوروسيا، بالسعى لاستغلال المساعدات التى تقدمانها، خاصة للدول الأوروبية فى الدعاية لنظاميهما. أمريكا.. لا تحالفات المعروف عن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، أنه ينظر إلى الأمور دوما من وجهة نظر اقتصادية بحتة، فالمنفعة الاقتصادية تأتى فى المرتبة الأولى بالنسبة له، هذا الأمر دفعه إلى إغلاق أبواب الولاياتالمتحدةالأمريكية ليس أمام الصين فقط، بل حتى أمام الحلفاء الأوروبيين، مطالبا الشعب الأمريكى بعدم السفر إلى الخارج وإنفاق أموالهم فى بلدان أخرى. أرجع ترامب ذلك إلى أن إنفاق الأموال فى الداخل سيحقق منفعة اقتصادية ومزيدا من الوطائف داخل الولاياتالمتحدة (التوقعات تقول إن 25% من الشعب الأمريكى سيفقد وظائفه بسبب أزمة كورونا)، ويعتقد ترامب أنه بذلك سيصل إلى فترة رئاسية جديدة، وهنا تجدر الإشارة إلى أن من أوائل الإجراءات التى اتخذها ترامب بعد دخوله البيت الأبيض خفض موازنة مكاتب مكافحة الفيروسات ووقف المساهمة الأمريكية فى منظمة الصحة العالمية. ليس هذا فحسب، فترامب يستغل الأزمة منذ بدايتها أسوأ استغلال، إذ يصر فى تغريداته على تسمية (كوفيد - 19) ب«الفيروس الصينى»، ليصبح الوباء وصمة فى جبين الصينيين، بدلا من أن ينحى خلافاته مع النظام الصينى ويطرح المساعدة كان يتهم بكين بعدم الشفافية، وكأنه لم يتخيل يوما أن الفيروس سيعبر الحدود ويصل إليه. الأزمات تغير شكل العالم بعد الحرب العالمية الأولى، سعت دول الحلفاء المنتصرة إلى إعلان إقامة عصبة الأمم، فى محاولة لوضع حد للحروب التى تشن دون داع، وبعد الحرب العالمية الثانية تم إنهاء عمل العصبة لفشلها فى منع وقوع الحرب، وتم إنشاء الأممالمتحدة عوضا عنها، فماذا سيشهد العالم بعد فيروس «كورونا»؟ هذا الوباء الذى نجح فى أن يتنقل بحرية تامة بين كل الدول دون تأشيرة أو إذن دخول مطبقا مبادئ العولمة، يرى عدد من الخبراء والمحللين السياسيين، أنه كشف كم هى هشة العولمة من الناحية الإنسانية وأن غايتها ربحية فحسب، فكل التكتلات الاقتصادية التى نشأت فى العقود الأخيرة، لا دور لها فى مواجهة الوباء، وكل دولة مهتمة بحماية حدودها، وتبذل أقصى جهد كى لا تستقبل وافدين. كما يرى محللون أن الفيروس سيكون سببا فى هدم أسطورة العولمة للأبد، إذ تضاءلت أمامه كل المشكلات والأزمات العالمية الكبرى وظهرت النزعات القومية واضحة، وهو ما كان جليا فى أزمة إيطاليا مع الاتحاد الأوروبى، وأنه بعد انتهاء هذه المرحلة سيكون العالم فى حالة حذر وتحفظ تجاه العودة مجددا فى الانخراط كما كان سلفا. ويرجع الخبراء توقعاتهم هذه، إلى أنه كان واضحا خلال الأشهر ال3 الماضية، حالة الانكشاف الأمنى والسياسى لدول عدة فى التعامل مع الوباء، بسبب الدرجة الكبيرة من الاعتماد المتبادل بين الدول وبعضها، فى عصر العولمة، وحين أغلقت هذه حدودها واتخذت إجراءات استثنائية للحماية من الفيروس، صارت عدة دول غير قادرة على تلبية الاحتياجات الأساسية لمواطنيها من دون التعاون مع الدول الأخرى، مما يدعم فى المستقبل رؤية تحجيم الاندماج فى النظام العالمى، والتقليل من الاعتماد المتبادل، وتركيز كل دولة على بناء قدراتها الذاتية لتلبية احتياجاتها الأساسية للتعامل مع حالات العزلة الممتدة مرة أخرى.