سباق وتزاحم مستمر على المعروضات.. شعار يرفعه هذا السوق العتيد الذي لا يكاد يهدأ ليلا أو نهارا، إذ يقصده الباحثون عن الشياكة والأناقة من كل صوب وحدب، سواء كانوا فقراء أو أغنياء، بحثا عن المنتج الجيد والسعر الأرخص.. إنه سوق "وكالة البلح" أحد أعرق وأشهر أسواق البالة في مصر، والعجيب أنك ربما تلتفت عن يمينك أو يسارك فتجد أحد مشاهير النجوم قد وقف ينافس على شراء بعض الملابس، فلهذا السوق جاذبيته الخاصة التي تجعله لا يقتصر على أن يكون مجرد سوق يقصده الفقراء، بل هو -أيضًا- محطة لأولاد الذوات.. «التحرير» كان لها جولة داخل «وكالة البلح»، كشفت من خلالها تاريخ هذا السوق وكثيرًا من أسراره، والمصير المجهول الذي ينتظره والمخاوف التي لا يهدأ لهيبها إذا تم إزالة ملاذ الغلابة الأخير الذي يعد المضاد الحيوى لغلاء الأسعار. هنا «وكالة البلح».. سوق الفقراء والمشاهير تحاصره المخاوف البلجيكى «نمبر وان».. دليلك لشراء الملابس والأحذية من «مول الغلابة» ما إن تطأ قدماك عتبات وكالة البلح، حتى تخطف الألوان والتصميمات المُعلقة على «استاندات» حديدية تتصدر نواصى الشوارع، بداية من شارع هنا «وكالة البلح».. سوق الفقراء والمشاهير تحاصره المخاوف البلجيكى «نمبر وان».. دليلك لشراء الملابس والأحذية من «مول الغلابة» ما إن تطأ قدماك عتبات وكالة البلح، حتى تخطف الألوان والتصميمات المُعلقة على «استاندات» حديدية تتصدر نواصى الشوارع، بداية من شارع 26 يوليو الذى يقودك إلى حى بولاق أبو العلا الشعبى فى قلب القاهرة، وكأنك فى مهرجان للأزياء والموضة، الوكالة التى أنشئت فى عام 1880، كانت تسمى قديمًا بسوق «الكانتو» وهى كلمة إيطالية تعنى التجارة فى المستعمل، ثم أصبحت مكانًا لتجارة البلح، الذى كان يأتى من الصعيد، ولهذا سميت بهذا الاسم، وتقع الوكالة على نحو 3 كيلومترات على بعد أمتار من مبنى ماسبيرو العتيق ووزارة الخارجية، بينما يقابلها فى الضفة الأخرى كورنيش النيل وحى الزمالك. (تعرف على رحلة البالة وشروط دخلوها مصر وأفضل الأسعار والأنواع) 274 % ارتفاعا في حجم تجارة الملابس المستعملة بعد تعويم الجنيه انتعشت تجارة الملابس المستعملة «البالة» بمصر، فى أعقاب تعويم الجنيه نوفمبر 2016، الذى قفز بأسعار السلع والخدمات بما يزيد عن الضعف، ولم يعد مقتصرا شراء ملابس البالة، على أبناء الطبقات الفقيرة، بل انتشر بين الطبقات المتوسطة والعليا، حتى إن الممثلة الشابة سارة عبد الرحمن بطلة مسلسل «سابع جار»، ارتدت فستانا مستعملا من وكالة البلح فى مهرجان «الجونة» السينمائى، وفقا لتصريحاتها. (المزيد: إحصائيات تجارة البالة في مصر) مصير مجهول ينتظر سوق الغلابة.. مشروعات التطوير تبتلع الوكالة بالبطىء منذ ما يقرب من ثلاث سنوات، كان آخر مشهد مكتملا لأحد أشهر أسواق الملابس المستعملة فى مصر، وهو سوق وكالة البلح، قبل أن تتغير معالم السوق، مع أول خطوة فى تطوير منطقة بولاق أبو العلا، وهى مشروع مثلث ماسبيرو، وكان لا بد وقتها من تعليق لافتة على باب الوكالة مكتوب عليها: «هذا آخر مشهد مكتمل لهذا السوق العريق، فاحتفظوا به فى ذاكرتكم أو التقطوا له صورا تذكارية»، فالواقع يؤكد أن سوق الوكالة لن يعود كما كان، حتى لو تم استبداله بسوق آخر، فقد يتمكن السوق الجديد من حمل ملابس البالة، لكنه لن يتمكن من حمل عبق التاريخ الذى يفوح من المحلات التجارية والمبانى ذات الطراز المعمارى بمنطقة بولاق أبو العلا. البداية من مثلث ماسبيرو.. قرارات هدم العشوائيات طالت محلات «الكانتو» بعد هدم منطقة مثلث ماسبيرو التى تضم مجموعة من محلات الوكالة التجارية المطلة على شارع 26 يوليو، انقسمت وكالة البلح إلى جانبين، أحدهما يلفظ أنفاسه الأخيرة، والآخر ينظر إليه والقلق يحاوطه خوفا من أن يلقى نفس المصير. (القصة من الهدم للتعويض البخس وصولا للقضاء) رعب رغم نفي المسؤولين.. أنقاض ماسبيرو تطارد ما تبقى من «وكالة البلح» التطوير من المفترض أنها كلمة مبهرة تحمل فى طياتها نوعا من التفاؤل والاتجاه نحو مستقبل أفضل لمن سيشملهم، لكن صدى هذه الكلمة مختلف للغاية لدى سكان منطقة بولاق أبو العلا وأصحاب محلات الوكالة، ممن يستيقظون يوميا وأمامهم أنقاض مبان ومحلات منطقة مثلث ماسبيرو، التى تخيل البعض أنها مجرد منطقة عشوائية ومن الأفضل التخلص منها، دون النظر إلى ما تم هدمه من مبان ومحلات لها تاريخ تطل على شارع 26 يوليو، ومن هذا المنطلق أصبحت كلمة "تطوير" كابوسا يطارد سكان المنطقة فى الجزء المتبقى على الجانب الآخر من شارع 26 يوليو، فالجميع يشعر بالقلق من المصير المحتوم فى حالة الهدم. (المواطنون والتجار يعبرون عن محاوفهم) «القلاية» و«المحمرة».. مناطق عشوائية تهدد بإزالة بقايا السوق العتيق عندما قررت الحكومة هدم منطقة مثلث ماسبيرو، ارتكزت فى قرارها على العشوائيات والعشش، لكن سرعان ما اتسع القرار ليشمل العقارات والمحلات المطلة على شارع 26 يوليو، وهذا ما يثير القلق لدى أصحاب المحلات والمبانى، فى الجانب الآخر من وكالة البلح، الذى يضمن بعض المناطق العشوائية، المهددة بالهدم فى أى لحظة، مثل: «القلاية» و«المحمرة»، وهما منطقتان عشوائيتان خلف محلات الوكالة المطلة على شارع 26 يوليو. (اعرف التفاصيل) «الترجمان» البديل المهجور يفشل فى استيعاب بائعى الوكالة منذ ما يقرب من خمس سنوات، قررت محافظة القاهرة، نقل الباعة الجائلين من وسط المدينة، ومنطقة وكالة البلح بشارع 26 يوليو، إلى سوق جديد، وذلك لمنع التكدس المرورى وإعادة المظهر الحضارى للشارع، لكن وبعد أشهر قليلة هرب الباعة الجائلون من الترجمان ليعودوا من جديد إلى الوكالة وشارع 26 يوليو. (المزيد: المطاردات الأمنية وأعمال إنشاء خط المترو الثالث تصيبان السوق القديم بالركود)