لم يتبنَّ أي من الأحزاب أو التنسيقيات المعروفة هذه الاحتجاجات، وفتحت تلك التظاهرات النقاش والتساؤلات داخل المجموعات السياسية عن الجهة المنظمة والمحركة للشباب العراقي يبدو أن العراق، ذلك البلد الذي مزقته الحرب، سيكون على موعد مع جولة جديدة من عدم الاستقرار، في ظل تواصل الانتفاضة التي بدأها العراقيون منذ يومين والمستمرة حتى الآن وأدت إلى سقوط نحو 10 قتلى وأكثر من 300 جريح، حيث يشتعل الشارع العراقي غضبا من سياسات الحكومة برئاسة عادل عبد المهدي. ويعاني العراق الذي أنهكته الحروب، انقطاعًا مستمرا للتيار الكهربائي ومياه الشرب منذ سنوات، ويحتل المرتبة ال12 في لائحة الدول الأكثر فسادًا في العالم، حسب منظمة الشفافية الدولية. السلطات العراقية أعلنت حظر التجول في عدد من المدن، وحجبت بعض منصات التواصل الاجتماعي. فقد قطعت خدمات الإنترنت عن بعض المناطق، أملا في احتواء الاحتجاجات، بينما أعلنت قوات مكافحة الإرهاب إطلاق الرصاص الحي لمنع متظاهرين حاولوا اقتحام مطار بغداد مساء أمس. "لا سياسيين ولا معممين" وخلال السنوات الماضية شهدت الساحة العراقية عدة تظاهرات، لكنها كانت إما بدعوات من ناشطين معروفين، مثل التيار المدني، فقد قطعت خدمات الإنترنت عن بعض المناطق، أملا في احتواء الاحتجاجات، بينما أعلنت قوات مكافحة الإرهاب إطلاق الرصاص الحي لمنع متظاهرين حاولوا اقتحام مطار بغداد مساء أمس. "لا سياسيين ولا معممين" وخلال السنوات الماضية شهدت الساحة العراقية عدة تظاهرات، لكنها كانت إما بدعوات من ناشطين معروفين، مثل التيار المدني، أو زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، أو بعض التظاهرات المطلبية التي تخص شريحة معينة، مثل المتقاعدين، وأصحاب الشهادات العليا. وعلى وقع التظاهرات المشتعلة التي تشهدها عدة محافظات عراقية، احتدم الجدل في الأوساط السياسية والنخبوية، بشأن الجهات التي تقف خلف تلك الاحتجاجات. وفتحت تلك التظاهرات النقاش والتساؤلات داخل المجموعات السياسية، عن الجهة المنظمة والمحركة للشباب العراقي، وطبيعة التوقيت، ودلالة "الصمود" أمام الرصاص الذي تطلقه عناصر الجيش. قطع الإنترنت في العراق مع استمرار التظاهرات "لا سياسيين ولا معممين"، هذا ما اتسمت به تلك التظاهرات، حيث يؤكد المتظاهرون أن التجمعات الكبيرة التي خرجت في بغداد ومدن رئيسية عدة في جنوب البلاد لم تتشكل بدعوة الزعيم الشيعي مقتدى الصدر أو المرجع الأعلى علي السيستاني الذي يعد رأيه حاسما إلى حد ما في القرارات السياسية العراقية، وهي المرة الأولى التي تحصل فيها مثل هذه الاحتجاجات العفوية، فهذا الحراك لا يشبه أي شيء قبله حيث يصفونه بأنه حراك شعبي، غير مسيس، ولا صلة له بأي حزب أو عشيرة. وبينما لم يتبنَّ أي من الأحزاب أو التنسيقيات المعروفة هذه الاحتجاجات، رأى متابعون أن الجيل الجديد يئس من إحداث تغيير من خلال التظاهرات السابقة، التي تنظمها تيارات مدنية، أو يدعو لها زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر. إلا أنه في الوقت ذاته يرى المناهضون للتظاهرات وهم أطراف مقربة من الحكومة العراقية، والحشد الشعبي، أن تلك الاحتجاجات تحركها أجندات خارجية، روجت لها من خلال حملة منظمة، خلال الشهر الماضي، وحددت ساعة الصفر، في مطلع أكتوبر، والهدف من هذا الحراك بحسبهم، إسقاط حكومة عادل عبد المهدي، وتشكيل حكومة موالية للولايات المتحدةالأمريكية، إذ إن واشنطن ترى في رئيس الوزراء انحيازًا واضحًا إلى إيران في عدة مواقف معروفة، بحسبهم. الشرارة الأولى استبعاد قائد قوات مكافحة الإرهاب الفريق عبد الوهاب الساعدي هو الشرارة التي أشعلت غضب العراقيين، خاصة مع تردد أنباء عن تدخل إيراني لإزاحة الرجل الذي كان له دور كبير في مكافحة تنظيم داعش. وفي وقت سابق، قال مسؤول حكومي: "إن قياديين لفصيلين في الحشد الشعبي مارسا ضغوطا لتنحية الساعدي"، مضيفا أن "الفكرة الأساسية هي إبعاد الساعدي، والمجيء بشخصية مقربة من إيران". والعنف الذي يشهده العراق هو الأسوأ بين المحتجين وقوات الأمن، ما يشير إلى أن الدولة التي مزقتها الحرب ربما تكون في مواجهة جولة جديدة من عدم الاستقرار السياسي. وأصبح النفوذ الإيراني في العراق عبر ميليشيات الحشد الشعبي والأحزاب الموالية لطهران من الحقائق السياسية في بغداد، لكن الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها إيران نتيجة العقوبات الدولية أضافت عبئا جديدا على العراقيين. شوارع العراق تشتعل مجددا فهل تطيح بحكومة عبد المهدي؟ وبرز هاشتاج حمل اسم "العراق ينتفض" بين نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، تخلله نشر صور لمحتجين يحرقون الأعلام الإيرانية، بحسب ال"سي إن إن". وأعلن مسؤول إيراني اليوم، أن السلطات في بلاده أغلقت منفذ "خسروي" الحدودي مع العراق على خلفية اتساع رقعة الاحتجاجات والمواجهات بين قوات الأمن والمتظاهرين.