موجة من الهجوم شهدتها الصفحة الرسمية لدار الإفتاء الرسمية على موقع التواصل الاجتماعى فيس بوك بسبب بعض الفتاوى الخاصة بالموسيقى والتعامل مع البنوك، وقراءة الفاتحة للمتوفى نشرت دار الإفتاء خلال الأسابيع الماضية مجموعة من الفتاوى على صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعى فيس بوك، وذلك تفاعلا مع الأسئلة التى يرسلها المواطنون إلى علماء دار الإفتاء عبر الصفحة، ولكن لم تحظَ الفتاوى بقبول عدد كبير من المواطنين؛ مما دفعهم للهجوم على دار الإفتاء من خلال التعليقات، وتحولت الصفحة إلى حلقة نقاشية تصادمية بين من يحترم رأى علماء دار الإفتاء ومن يهاجمونها، مع تبادل الاتهامات بين الفريقين، مما دفع بعض الشيوخ وعلماء الدين غير المنتمين إلى دار الإفتاء بالدخول والدفاع عنها من خلال النصوص القرآنية والأحاديث ومهاجمة المشككين. فتوى الموسيقى بتاريخ 10 يونيو الجارى نشرت دار الإفتاء فتوى بعنوان "استخدام الموسيقى في تعليم الأطفال"، وذلك ردا على سؤال أحد المتابعين "ما حكم استخدام الموسيقى في الناحية التعليمية؟". وجاء نص جواب الإفتاء "لا مانع من استخدام الموسيقى في الناحية التعليمية؛ فإن الموسيقى ما هي إلا صوت يخلقه الله تعالى فتوى الموسيقى بتاريخ 10 يونيو الجارى نشرت دار الإفتاء فتوى بعنوان "استخدام الموسيقى في تعليم الأطفال"، وذلك ردا على سؤال أحد المتابعين "ما حكم استخدام الموسيقى في الناحية التعليمية؟". وجاء نص جواب الإفتاء "لا مانع من استخدام الموسيقى في الناحية التعليمية؛ فإن الموسيقى ما هي إلا صوت يخلقه الله تعالى عند اصطكاك الأجرام؛ فحسنها حسن وقبيحها قبيح، وإنما تحرم إذا كانت وسيلة للحرام أو ما يغضب الله، والله سبحانه وتعالى أعلم". تعرضت الإفتاء إلى هجوم بسبب فتوى الموسيقى ومن تعليقات المواطنين المهاجمين للفتوى "الموسيقى حرام شئتم أو أبيتم الموسيقى حرام والأدلة من الكتاب والسنة كفاكم تضليلا وتحليل الحرام"، "إيه الفتوى دي يا شيوخ؟ دي الموسيقى بجميع أنواعها حرام". فتوى قراءة الفاتحة على الميت بتاريخ 11 يونيو الجارى نشرت دار الإفتاء فتوى بعنوان "قراءة الفاتحة للميت"، وذلك ردا على سؤال أحد المتابعين "هل يلزم قراءة الفاتحة أو غيرها من سور القرآن الكريم لكل متوفىً على حدة، أم يمكن إهداؤها للجميع دفعة واحدة؟". وجاء نص جواب الإفتاء "لا مانع من قراءة الفاتحة وهبة ثوابها للميت سواء كان ذلك لكل ميت على حِدَة أو لعدة أموات مرة واحدة؛ فكل ذلك جائز إن شاء الله تعالى، والله سبحانه وتعالى أعلم". هاجم عدد من المواطنين دار الإفتاء بمجموعة من التعليقات منها "الميت انقطع عمله بعد الموت إلا من ثلاث صدقة جارية أو ابن صالح يدعو له أو علم ينتفع به، ولا أصل لقراءة الفاتحة ولا غيرها على الميت". ورد البعض دفاعا عن الإفتاء بعبارات منها "إلى كل شخص يطعن في دار الإفتاء المصرية" لا حرج إن ألغيت متابعة الصفحة واحتفظت بعلمك الواسع لنفسك، نحن نحب دار الإفتاء نظرا لعلمنا البسيط مقارنة بعلمك... لا هم قرؤوا ولا تعلموا ويطعنون بغير علم". فتوى شراء سيارة من البنك بتاريخ 12 يونيو الجارى نشرت دار الإفتاء فتوى بعنوان "شراء سيارة بالتقسيط من البنك"، جاءت ردا على سؤال أحد المواطنين "هل يجوز شراء سيارة بالتقسيط علمًا بأن التقسيط يتم من خلال البنك؟". وكان نص جواب الإفتاء: "يجوز شرعًا شراء سيارة بالتقسيط من خلال البنك، لأنه من المقرر شرعًا أنه يصح البيع بثمن حال وبثمن مؤجل إلى أجل معلوم، والزيادة في الثمن نظير الأجل المعلوم جائزة شرعًا على ما ذهب إليه جمهور الفقهاء، والتقسيط عن طريق البنك لا يخرج عن هذا المعنى، ولذلك لا ينبغي تسميته بالقرض حتى لا يلتبس بالقاعدة الشرعية "كل قرض جر نفعًا فهو رِبا، والله سبحانه وتعالى أعلم". واجهت هذه الفتوى هجوما كبيرا من خلال تعليقات المتابعين، ومن هذه التعليقات "هذا فيه تدليس على الناس لأن البنك يضع شروطا ربوية من قيمة الفائدة الربوية والمقررة على فترات وحسب نسبة المقدم والمتبقي وكذلك الزيادة الواقعة على المشتري بسبب التأخر في السداد"، "ذنوب الملايين في رقابكم". فتوى قراءة المرأة للقرآن أمام الرجال الأجانب بتاريخ 13 يونيو الجارى نشرت دار الإفتاء فتوى بعنوان "تلاوة المرأة القرآن بمحضر من الرجال الأجانب" وذلك ردا على سؤال أحد المواطنين "ما حكم تلاوة المرأة القرآنَ الكريم بمحضر من الرجال الأجانب، أو تسجيلها تلاوتها ثم إذاعتها ونشرها على العموم بعد ذلك؟" وجاء نص جواب دار الإفتاء "صوت المرأة بمجرده ليس بعورة، ومجرد قراءتها القرآن بصوت مسموع أمام الرجال الأجانب جائزة؛ لأنها من جنس الكلام، وقد دلَّ على هذا عدد من النصوص الشرعية، منها، ما ورد عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال: "قالت النساء للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: غَلَبَنا عليك الرجال، فاجعل لنا يومًا من نفسك، فوعدهن يومًا، لقيهن فيه، فوعظهن وأمرهن..." الحديث رواه البخاري. ووجه الدلالة: أن صوت المرأة لو كان عورة ما سمعه النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وما أقر أصحابَه على سماعه. وأما الممنوع أداءً واستماعًا هو القراءة المصحوبة بما لا يراعى فيه حق القرآن من التلاوة المستوفية لحق المعنى بلا ابتذال؛ لأنه قد يكون حينئذٍ من باب الخضوع بالقول، المنهي عنه في قوله تعالى: "فلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلا مَعْرُوفًا" [الأحزاب: 32]. والله سبحانه وتعالى أعلم". لم تسلم دار الإفتاء من الهجوم بعد نشر هذه الفتوى حيث كتب المواطنون أكثر من تعليق تعبيرا عن اعتراضهم مثل "أحلى حاجة إن عندكم كل حاجة حلال مفيش حرااام خالص"، "هو كله جائز مفيش لايجوز". علماء الدين الدكتور أحمد كريمة أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر قال ل"التحرير"، إن المواطنين يقحمون الدين فى جميع تفاصيل الحياة، وواجب دار الإفتاء أن تتولى الرد، لأنها المؤسسة الوحيدة التى تتبع المناهج السليمة بعيدا عن المذهبية والطائفية، فهناك مؤسسات خارج مصر تتبع المذهبية، فهناك من يتبع المذهب السلفى الحنبلى، وهناك من يتبع المذهب الشيعى وغيرها من المذاهب، ولكن دار الإفتاء هى إحدى روافد الأزهر الشريف الذى يحرص على التنوع ولا ينحاز إلى مذهب أو طائفية. وأضاف كريمة أن فضل دار الإفتاء لا ينكره إلا جاحد، ومن يتطاولون على الإفتاء ويشككون فى فتواها، أغلبهم ينتمى إلى المذهب السلفى، وهو أحد روافد العمل السياسى وظهير لجماعة الإخوان المسلمين. ومن جانبه قال الدكتور إبراهيم رضا العالم الأزهرى، ل"التحرير"، إن دار الإفتاء هى أهل التخصص لا يحق لأ حد من غير أهل التخصص أن يعلق عليها أو يسخر من فتواها، ومن المعروف أن وسائل التواصل الاجتماعى هى الأداة الأولى لبعض الجماعات الدينية المتشددة التكفيرية من السلفيين والإخوان وغيرهم، وهدفهم محاولة التشكيك فى علماء الأمة، ومحاولة زرع الفتن، وجذب مجموعة من الشباب لأفكارهم المنحرفة. وأوضح رضا أن مصر تتعامل مع ظاهرة خطيرة جدا، وهى ظاهرة الإسلام السياسى، التى أنتجت لنا ظاهرة أخرى أساءت للدين وهى الإسلاموفوبيا، لأن الجماعات الدينية جماعات مأجورة، ولكن المؤسسات الدينية فى مصر ممثلة فى الأزهر والإفتاء والأوقاف بدأت فى تفنيد جميع الفتاوى والآراء الشاذة وترد عليها، وتنقل صورة من أهل التخصص عن حقيقة وجوهر الدين الإسلامى. الشيخ أحمد البهى إمام وخطيب بوزارة الأوقاف، قال ل"التحرير"، إن دار الإفتاء حدث بها تغيير شامل وطفرة هائلة فى التعامل من خلال التكنولوجيا، واستخدام السوشيال ميديا فى الوصول لقطاع كبير من المواطنين، وأصبحت تتواصل مع المواطن بشكل مباشر، وهذا كله يهدم فكر الجماعات الإسلامية المعادية للأزهر مثل السلفيين والإخوان، لأنه لم يعد لديهم سوى مهاجمة دار الإفتاء والتشكيك بها، لذا هناك هجوم بالتوازى من السلفيين والإخوان على دار الإفتاء.