أحداث العنف الأخيرة التي شهدتها المنطقة المحيطة بمقر الاعتصام في وسط العاصمة السودانية الخرطوم، تسببت في تعطيل مفاوضات تسليم السلطة، فماذا يحدث؟ ومن يقف وراء هذه الأزمة؟ كان السودان قاب قوسين أو أدنى من التوصل لصيغة نهائية لشكل المرحلة الانتقالية، مع سير المفاوضات بين المجلس العسكري الانتقالي وقوى الحرية والتغيير بشكل جيد، فعلى مدى الأسبوع الجاري، تمكن الطرفان من تسوية العديد من النقاط الخلافية حول شكل الفترة الانتقالية التي ستشهدها البلاد، وتسليم قيادة البلاد لحكومة مدنية، بدلا من المجلس العسكري الذي يدير السودان منذ أن أجبر المعتصمين أمام مقر القيادة العامة للقوات المسلحة في وسط العاصمة السودانية الخرطوم، عمر البشير الرئيس السوداني السابق، على التخلي عن منصبه. حيث اتفق الجانبان على أن تستمر الفترة الانتقالية لمدة ثلاث سنوات، على أن تتكون السلطة الحاكمة في السودان من مستويات ثلاثة، تشمل مجلس سياديا، ومجلس تشريعيا، بالإضافة إلى حكومة مدنية. ولم يتم الاتفاق بعد على نسبة تمثيل العسكريين في المجلس السيادي المدني، كما لم تتحدد صلاحيات المجلس بشكل نهائي، على أن حيث اتفق الجانبان على أن تستمر الفترة الانتقالية لمدة ثلاث سنوات، على أن تتكون السلطة الحاكمة في السودان من مستويات ثلاثة، تشمل مجلس سياديا، ومجلس تشريعيا، بالإضافة إلى حكومة مدنية. ولم يتم الاتفاق بعد على نسبة تمثيل العسكريين في المجلس السيادي المدني، كما لم تتحدد صلاحيات المجلس بشكل نهائي، على أن تتولى قوى الحرية والتغيير تشكيل مجلس الوزراء، والحصول على 67% من مقاعد المجلس التشريعي. هذه البنود أرضت بشكل كبير المعتصمين، إلا أن هناك "جهات" لم ترض بالتوافق بين المجلس العسكري الانتقالي وقوى الحرية والتغيير، المنظمة لاعتصام القيادة العامة. حيث اندلعت مواجهات دامية في محيط الاعتصام، بين المعتصمين وقوات ترتدي الزي العسكري سقط خلالها ضابط بالجيش و5 مدنيين على الأقل، وعشرات الجرحى. وكانت هذه المواجهات بداية تبادل الاتهامات بين الجانبين، حيث اتهم المعتصمون قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو نائب رئيس المجلس العسكري، بشن الهجوم. «العسكري السوداني» يعلق على ضرب المتظاهرين بالرصاص
إلا أن قوات الدعم السريع في السودان، أعلنت الثلاثاء الماضي، أن الأحداث التى شهدتها ساحة الاعتصام بالخرطوم، تقف خلفه جهات و"مجموعات تتربص بالثورة بعد أن أزعجتها النتائج التي تم التوصل إليها". وحاول الطرفان تجنب التصعيد، وتابع الجانبان المفاوضات، إلا أن الهجمات على المعتصمين استمرت أمس الأربعاء، وأسفرت عن إصابة 8 أشخاص بجروح مختلفة جراء إطلاق النار في ساحة الاعتصام. وللمرة الثانية دافع حميدتي عن قواته، ونفى تورط قوات الدعم السريع في حادث إطلاق النار على معتصمي القيادة العامة، متهما جهات ودولا لم يسمها، بالوقوف خلف الحادث. ومن جانبه انتقد رئيس المجلس العسكري الانتقالي الفريق أول عبد الفتاح البرهان، قوى الحرية والتغيير، في بيان متلفز صباح اليوم الخميس. الاتفاق على فترة انتقالية في السودان البرهان اتهم قوى الحرية والتغيير بالإخلال بما اتفق الطرفان عليه سابقا، من رفع للحواجز والمتاريس، وكف عن التصعيد والاستفزاز اللذين خلقا جوا من الانفلات الأمني. وقال في بيانه، إن المجلس قرر وقف التفاوض لمدة 72 ساعة حتى يتهيأ المناخ الملائم لاكمال الاتفاق، بالإضافة إلى إزالة المتاريس جميعها خارج منطقة ساحة الاعتصام. وأشارت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" إلى أن قوى الحرية والتغيير رفضت التبرير الذي سوغ به البرهان، قراره بوقف التفاوض بين الطرفين بخصوص المرحلة الانتقالية، واصفة قرار التعليق بالأمر "المؤسف". وأدانت قوى الحرية والتغيير في بيان أصدرته اليوم، اتهام البرهان بانتفاء سلمية الثورة، مؤكدة على أن قرار المجلس العسكري "لم يستوعب التطورات التي تمت في ملف التفاوض، ويتجاهل حقيقة تعالي الثوار على الغبن والاحتقان المتصاعد كنتيجة للدماء التي سالت والأرواح التي فقدنا". كشف هوية المعتدين على اعتصام الخرطوم وفي محاولة لإقناع المجلس العسكري على التراجع عن قراره بتعليق المفاوضات، أعلنت قوى الحرية والتغيير إزالة المتاريس البعيدة عن محيط الاعتصام. ونوهت في بيان لها "إلى أن متاريسنا التي شيدناها منذ 6 أبريل حول محيط جغرافيا الاعتصام بالقيادة العامة هي حصوننا المتفق عليها من لجان المقاومة والميدان، والتي سنحميها بسلميتنا". وتبقى الساعات القليلة المقبلة حاسمة في تحديد ما إذا سيقبل المجلس العسكري بقرار إزالة المتاريس البعيدة عن محيط الاعتصام، ويعود إلى طاولة المفاوضات مرة أخرى، أم ستستمر "الجهات المجهولة" في إراقة دماء المعتصمين السلميين؟