نابغة الصحافة المصرية، وأحد رموزها.. علي أمين، الذي نشأ في ظل بيت زعيم الأمة، كان يهوى مهنة المتاعب منذ نعومة أظافره، وقد كلفه ذلك الكثير، هو وشقيقه ربما شهرة أخيه مصطفى قد فاقته، بل وألقت بظلالها عليه، إلا أن هذا لا ينفي أن علي أمين كان صاحب الفضل وراء ما وصل إليه الشقيقان، فحول أفكاره المبتكرة إلى تجارب عملية ناجحة، مثلت ركنًا مهما في تاريخ الصحافة المصرية. علي أمين وشقيقه تربيا في كنف خالهما زعيم الأمة سعد زغلول، لكن لم يكن شغفهما بالحياة السياسية بقدر تلمسهما لواقعهما، فبدأ نبوغمها مبكرا، وأصدرا وهما لم يتجاوزا العشرة أعوام، مجلة اسمها "الحقوق" مكتوبة بالقلم الرصاص وتحتوي على أخبار البيت، الضيوف والزوار والأم والطباخ والشغالة. استمر الصغيران في مداعبة حلمهما الصحفي، فقدما في عام 1924م، مجلة "سنة ثالثة ثالث"، ثم مجلة "عمارة البالي" لأولاد الحي الذي يقيمان فيه، ثم بدأ علي أمين مع أخيه مشواره الحقيقي في بلاط "صاحبة الجلالة" عام 1944، حينها أصدر جريدة أخبار اليوم، ثم اشترى مجلة آخر ساعة من محمد التابعي وعام 1945، وفي استمر الصغيران في مداعبة حلمهما الصحفي، فقدما في عام 1924م، مجلة "سنة ثالثة ثالث"، ثم مجلة "عمارة البالي" لأولاد الحي الذي يقيمان فيه، ثم بدأ علي أمين مع أخيه مشواره الحقيقي في بلاط "صاحبة الجلالة" عام 1944، حينها أصدر جريدة أخبار اليوم، ثم اشترى مجلة آخر ساعة من محمد التابعي وعام 1945، وفي مؤسسة أخبار اليوم أصدرا مجلة "آخر لحظة" عام 1948 ومجلة الجيل الجديد عام 1951، وفي 18 يونيو عين نائبا لرئيس مجلس إدارة مؤسسة أخبار اليوم. لم يغب الشقيقان عن المشهد بعد قيام ثورة 1952، وتأميم كل الصحف، بل استعانت بهما الدولة من أجل خبراتهما الكبيرة في عالم الصحافة، وبالفعل في 7 أغسطس عام 1961 تولى رئاسة تحرير صحف دار الهلال، و30 مارس عام 1962 رئيسا لمجلس إدارة دار الهلال، وفي 18 أبريل عام 1964 تولى رئاسة تحرير أخبار اليوم وأصدر مجلة "هي" وفي 2 مايو عام 1965 أصبح رئيس تحريرها. كان الشبه الكبير بين علي ومصطفى مادة لطرائف كثيرة، روى "مصطفى" إحداها، فيقول: "كان حسين سري رئيس الوزراء قد أصدر أمرا بأن لا يستخدم صغار الموظفين الأسانسير في مواعيد معينة، وحدث أن شاهد سري باشا، علي أمين يكسر هذه القاعدة فعنفه، فقال (علي) له: معاليك فاكرني مين؟ أنا لست (علي)، أنا مصطفى رئيس تحرير آخر ساعة، فأجابه حسين سري: يا سي مصطفى أنا بهزر.. أنت متصور مش هأعرف علي أمين، المهندس الصغير بالدرجة السادسة، من مصطفى، تعال اشرب فنجان قهوة في مكتبي وندردش شوية يا مصطفى". ما لا يعرفه الكثيرون أن علي أمين هو صاحب فكرة الاحتفال بعيد الأم، والتي طرحها خلال أحد مقالاته، حيث قال: "لم لا نتفق على يوم من أيام السنة نطلق عليه يوم الأم، ونجعله عيدا قوميا في بلادنا وبلاد الشرق، وفي هذا اليوم يقدم الأبناء لأمهاتهم الهدايا الصغيرة ويرسلون للأمهات خطابات صغيرة يقولون فيها شكرا أو ربنا يخليك، لماذا لا نشجع الأطفال في هذا اليوم على أن يعامل كل منهم أمه كملكة فيمنعوها من العمل، ويتولوا هم في هذا اليوم كل أعمالها المنزلية بدلا منها ولكن أي يوم في السنة نجعله عيد الأم؟"، وبعد نشر المقال بجريدة "الأخبار" اختار القراء تحديد يوم 21 مارس وهو بداية فصل الربيع ليكون عيدا للأم ليتماشى مع فصل العطاء والصفاء والخير. وأضاف أيضًا في مقاله: "ستختفى طبقة الخدم في البيوت وستبقى حفنة صغيرة فقط منهم تخدم بالساعة، الدنيا القادمة ستكون مرتفعة التكاليف، وستصبح الكماليات من الضروريات وستبحث ست البيت عن وظيفة لسد احتياجات المنزل، سيصبح الفلاح مالكا والعامل حاملا لأسهم المصنع، ستحدث التجارب الذرية انقلابا ضخما في زيادة المساحات المزروعة.. ستختفي الحدود بين الدول العربية وستتحول دول الشرق الأوسط إلى ولايات متحدة عربية، وستندمج القوميات ويتزوج فتيان الكويت فتيات مصريات، ويتزوج المصريون فتيات عراقيات، ستدخل المرأة البرلمان وستتولى مناصب وزارية.. فقط انتظروا عشرين عاما وتأكدوا من كلامى هذا"، ولم يعش "علي" حتى يرى "نبوءاته" كلها تتحقق، حيث وافته المنية في 28 مارس 1976م، بعد أن ترك تاريخا طويلا فى مهنة الصحافة بل كان رائد الصحافة المصرية الحديثة".