أسامة الحديدى: أسسنا وحدة متخصصة لمواجهة الإلحاد.. ولاحظنا وجود أطفال فى سن 15 عاما من الطبقات الراقية تعتنق الأفكار الشاذة.. وهذه آليات الأزهر لمواجهة تلك القضية «قضية الإلحاد».. ظاهرة مخيفة ودخيلة على مجتمعنا، غير أنها -للأسف الشديد- احتلت مصر الصدارة فيها، حتى أصبح الإلحاد الخطر الأكبر الذى بات يهدد بشكل واضح ومعلن الشباب من الجنسين، خاصة على مواقع التواصل الاجتماعى. ولكون مؤسسة الأزهر الشريف، المنوط بها الدفاع عن العمل الدعوى بالبلاد دستوريا، هي المسؤول الأول عن مواجهة مثل تلك الأفكار؛ التقينا الدكتور أسامة الحديدى، مدير مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكتروني، فى حوار خاص ل«التحرير»، للحديث عن تفاصيل إطلاق الأزهر وحدة متخصصة للإلحاد، ومعرفة أسباب تحول الإلحاد من الخفاء للعلن. لماذا أطلق المركز وحدة متخصصة في الإلحاد؟ نظرا للظواهر السلبية التي تم رصدها من خلال مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، والتي كان من أهمها ظاهرة الإلحاد، التي أرهقت الأسرة المصرية بشكل كبير، وأثرت في المجتمع تأثيرا سلبيا، الأمر الذي اقتضى تدخلا من الأزهر الشريف بوصفه المرجعية الإسلامية الرسمية لماذا أطلق المركز وحدة متخصصة في الإلحاد؟ نظرا للظواهر السلبية التي تم رصدها من خلال مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، والتي كان من أهمها ظاهرة الإلحاد، التي أرهقت الأسرة المصرية بشكل كبير، وأثرت في المجتمع تأثيرا سلبيا، الأمر الذي اقتضى تدخلا من الأزهر الشريف بوصفه المرجعية الإسلامية الرسمية والوسطية، وقياما بدوره التاريخي في الحفاظ على الثوابت والمعتقدات، وحماية المقومات الروحية والمادية والفكرية التي تشكل أساسا لبناء وعمران الوطن. أطلق مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية وحدة "بيان" تحت شعار (أجيال واعية وحوار بنّاء)؛ لتحصين شباب الأمة ضد هذه الأفكار الهدامة الدخيلة على مجتمعنا المتدين، الذي كان مهدًا للرسالات السماوية، ولصد الهجمة الشرسة على الدين والأخلاق والقيم والثوابت. ومن أين بدأت فكرة تدشين وحدة «بيان»؟ كان من بين ثمرات جناح الأزهر الشريف في معرض القاهرة الدولي للكتاب أثر كبير في الإعلان عن وحدة بيان، حيث رصد المركز من خلال تفاعله مع الشباب في المعرض تسرب هذه الأفكار إلى عقول فئة ليست بالقليلة من الشباب، تتراوح أعمارهم ما بين 17 و35 سنة. وقد لوحظ أيضا وجود بعض الأطفال الذين لم تتجاوز أعمارهم 15 سنة، لديهم بعض التساؤلات الوجودية، ولكن ليس بكثافة الفئة العمرية المذكورة في الشباب، وهذه الفئات تتمتع بمستوى اجتماعي مرتفع. وما آليات عمل وحدة بيان؟ رصد الشبهات التي يبثها الملحدون عبر كل وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الإعلامية، والقيام بتفنيد هذه الشبهات وتقسيمها طبقا للتخصص العلمي، كالشبهات حول القرآن الكريم أو السنة أو نظرية التطور والفكر عموما. وكذلك العمل على إعداد ردود علمية ميسرة سهلة الفهم من خلال أعضاء الوحدة، وتحت إشراف أساتذة من جامعة الأزهر في كل تخصص، وبث الردود المعدة على أبرز الشبهات المثارة، التي لاقت رواجا كبيرا على وسائل التواصل الاجتماعي، وإعداد برامج مصورة تطرح ردودًا على أبرز الشبهات، وبثها عبر وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الإعلامية المختلفة. فضلا عن عقد ندوات نقاشية في التجمعات، خاصة تجمعات الشباب، وعمل حوار لتوضيح ما التبس عليهم من أمور، وما يثار لديهم من شكوك، وفتح أبواب المركز لاستقبال الشباب لتوضيح ما يجول في خواطرهم من شبهات وتفنيدها، وعقد ورش عمل غير نمطية أو تقليدية في الجامعات والنوادي بهدف تحصين عقول الشباب ضد هذا الغزو الفكري، وإصدار بحوث علمية تُعنى بالردود على الشبهات وتفنيدها بأسلوب ميسر، حتى يتسنى فهمها بعيدا عن الإسهابات البحثية والعلمية المطولة. ولماذا تحول الإلحاد من الخفاء إلى العلن؟ لا شك أن ثورة وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام والتكنولوجيا، أسهمت بجزء كبير في ظهور هذا الفكر المنحرف، فقد وجد هؤلاء منصات ومتنفسًا لهم لبَث أفكارهم، خاصة أن بعض وسائل التواصل الاجتماعي توفر قدرا من الأمان وصعوبة التوصل إليهم. وأيضا في ظل الحريات المكفولة للجميع في وسائل الإعلام، وجد هؤلاء الشباب مكانا لهم في القنوات الإعلامية، وبعضهم يجد أن إعلان إلحاده نوع من المباهاة والفخر ونوع من الموضة، فضلا عن وجود منظمات تدفع في هذا الاتجاه. وما أدوات الأزهر في مواجهة هذا الفكر؟ لا يخفى على أحد أن دور الأزهر الشريف في مواجهة أي أفكار مغلوطة أو متطرفة تخالف صحيح الدين، والدفاع عن العقيدة هو دور بارز منذ نشأته، إذ إن هذه الموجة من الفكر الإلحادي الهدام تلاقي بعض الرواج الآن، فانطلق الأزهر في مواجهة ذلك، وأنشأ وحدة بيان المتخصصة في مواجهة هذا الفكر. فضلا عن قيام الوعاظ والعلماء في المساجد والتجمعات المختلفة بإظهار صحيح الدين لتحصين عقول الناس والشباب خاصة، من أي غزو فكري منحرف، ولا يخفى الدور الذي يقوم به قطاع المعاهد الأزهرية من خلال مناهجه التعليمية والتثقيفية التي تقوم على الوسطية والاعتدال في بيان صحيح الدين. وهذه الجهود تتضافر مع ما تقوم به جامعة الأزهر الشريف من خلال كليات أصول الدين والشريعة واللغة من تفنيد لهذا الفكر وتقديم أطروحات علمية رصينة تعالج هذا الاتجاه الإلحادي وتسبر أغواره وتجث جذوره. وهل هناك أنواع للإلحاد؟ بالبحث والتصنيف نجد أن الفكر الإلحادي ليس كله سواء، فهو ينقسم لعدة أنواع، أبرزها: اللا ديني، وهذا الاتجاه ينكر وجود الأديان ويرفض الإيمان بها، والربوبية، وأصحاب هذا الاتجاه يؤمنون بوجود إله خالق ولكن لا يؤمنون بأي من الرسل. وكذلك اللا أدري، ويقف أصحاب هذا الاتجاه موقفا محايدا بين النفي والإثبات لوجود إله، فضلا عن أننا رصدنا حالات شبابية اتخذت الإلحاد وسيلة لتحقيق نزواتها وشهواتها، إذ مثل لهم الإلحاد مخرجا من الضوابط الشرعية التي تكبح جماحهم نحو الشهوات والملذات.