هل كان القدر يلعب لعبته ليرسم مصير ذلك الشهيد ونهايته قبل النهاية بعشر سنوات، وهل كان التحاقة بالكلية البحرية بالتزامن مع معركة ضابط بحري سوري في بورسعيد ضد مدمرة فرنسية، هل كان ترتيبا قدريا؟ لم يكن جهاديا ولا من أسرة أصولية متطرفة، بل هو شاب مسيحي متفتح للحياة، نشأ وتربى في ذلك الحي الراقي مصر الجديدة، لكنه ومبكرا قبل أن يعرف قاموس مجتمعنا معنى كلمة استشهادي قدم روحه استشهاديا، وفجر زورقه بأسلحته وبنفسه ولا هدف له إلا أن يكون لموته ثمن، وهو أن يصيب إحدى مدمرات العدو ويكبدها خسائر جسيمة. وُلد "عوني عازر" فى الأول من أكتوبر عام 1938، ونشأ فى حى مصر الجديدة بالقاهرة، وكان الأخ الأكبر لخمس بنات. وتميزت نشأته من الصغر بالرفاهية، فتعلم اللغة الفرنسية صغيرًا وكان يهوى القراءة. وربما لأن نشأته حملت ملمحًا عسكريًّا متمثلًا في أن والده كان اللواء جرجس عازر، وكيل سلاح حرس الحدود، ربما لهذا السبب وُلد "عوني عازر" فى الأول من أكتوبر عام 1938، ونشأ فى حى مصر الجديدة بالقاهرة، وكان الأخ الأكبر لخمس بنات. وتميزت نشأته من الصغر بالرفاهية، فتعلم اللغة الفرنسية صغيرًا وكان يهوى القراءة. وربما لأن نشأته حملت ملمحًا عسكريًّا متمثلًا في أن والده كان اللواء جرجس عازر، وكيل سلاح حرس الحدود، ربما لهذا السبب تعلق قلب عازر بالحياة العسكرية وهو الولد الوحيد. وكانت رغبته الأولى وأمنيته الكبرى هى الالتحاق بالقوات البحرية، ولا عجب في ذلك، فقد تعلق قلبه بحب البحرية منذ الصغر عندما التحق بفريق الكشافة البحرية وهو في السابعة من عمره. لمتابعة التحقيقات الخاصة في يوم الشهيد وبالفعل وبعدما أنهى دراسته الثانوية حقق عازر أمنيته والتحق بالكلية البحرية قبل العدوان الثلاثي على مصر، وعاش أجواء المد الوطني والقومي في مصر ومن حولها مع اشتعال البحار بأساطيل فرنساوإنجلترا أمام سواحل مصر وكان طالبًا بالكلية البحرية. لكنه قبل ذلك وقبل اندلاع العدوان الثلاثي بساعات عاش مع كل طلاب البحرية المصرية وضباطها المعركة التي دارت بين زورق طوربيد مصري بقيادة الضابط السوري جول جمال ومدمرة فرنسية أمام السواحل المصرية، وانتهت بتفجير الضابط السوري زورقه في المدمرة وأصابها بالشلل، بينما استشهد هو ومساعده. ثم مرت السنوات وتخرج عوني عازر وعُيّن ضابطًا بحريًّا في قاعدة بورسعيد البحرية، وترقى حتى وصل إلى رتبة نقيب. وخلال هذه السنوات استطاع عازر أن يضع علامة تميز باسمه فى سجل البطولات العسكرية كرجل المهام الصعبة. فاشترك فى عدة عمليات كعملية إغلاق خليج العقبة فى وجه العدو فى 23 مايو 1967 لمنع مرور أى سفن إسرائيلية به، وكذلك منع أى مواد استراتيجية من الوصول إلى إسرائيل على أى سفن أخرى تحت أي جنسية إلى ميناء إيلات. وجاءت هزيمة 1967 التي خرجت البحرية المصرية منها القوة الوحيدة التي لم تختبر ولم تصب بأي خسائر، وبالتالي كان كل ضباط وجنود البحرية يتحرقون للاشتباك مع العدو للثأر لإخوتهم المقاتلين في الأفرع الأخرى للقوات المسلحة، وأيضا لتطبيق التدريبات الطويلة التي تلقوها عمليا في معارك حقيقية. أقرا أيضاجول جمال.. سوري استُشهد في عشق مصر ثم إن البحرية المصرية من زمن بعيد تتفوق على البحرية الإسرائيلية عددًا وإعدادًا، لذا كان رجال البحرية يشعرون أنهم يستحقون فرصة لمواجهة العدو وإذلاله. على الجانب الآخر كانت إسرائيل تعمد لاستفزاز الوحدات البحرية عند بورسعيد، وفقا لخطة محكمة استمرت منذ يوليو وحتى أكتوبر 1967. كانت الخطة استدراج الوحدات البحرية المصرية للاشتباك في الوقت والمكان الذي يناسب القطع البحرية الإسرائيلية. فكانت المدمرة إيلات تقوم بالمرور شمالاً باتجاه البحر في مدى رؤية رادارات قاعدة بورسعيد، في الوقت الذي يتحرك فيه لنشا طوربيد من طراز "ميلان" الفرنسي الصنع، جنوبًا باتجاه الساحل، وفي حال عثورهم على أي وحدة بحرية مصرية يتم الاشتباك معها فورًا وتدميرها تحت حماية المدمرة "إيلات". وكانت "إيلات" أكبر قطعة بحرية في الأسطول الإسرائيلي، وهي مدمرة اشترتها من إنجلترا تحت اسم Zealous في يونيو عام 1956 وأصبح اسمها إيلات، واشترت معها مدمرة أخرى سمتها "يافو" من نفس الطراز، واشتركت المدمرة إيلات في العدوان الثلاثي 1956. في التاسعة مساء 11 يوليو 1967 رصد رادار قاعدة بورسعيد البحرية هدفا متحركا على بعد 18 ميلا بحريا من "نجمة بورسعيد"، فصدرت الأوامر برفع درجة استعداد سرب لنشات الطوربيد بقيادة النقيب عوني عازر. وفي العاشرة والنصف اجتمع قائد القاعدة مع عازر، وأوضح تفاصيل المهمة الروتينية المكلف بها وهي الخروج بسربه واستطلاع الهدف المشتبه به، وفي حالة تأكده من اختراق الهدف للمياه الإقليمية المصرية يستدرجه إلى داخل مدى مدفعية (المدمرة السويس) الراسية في ميناء بورسعيد، مع العمل على تفادي الاشتباك مع الهدف المُعادي "لاحتمال وجود الهدف خارج حدود المياه الإقليمية"، إلا في حالة تعرض سربه للاعتداء المباشر. أقرا أيضاعامر عبدالمقصود نجم الشواكيش الذي راح ضحية الإرهاب وبالفعل خرج سرب الطوربيدات مكونا من لنشين الأول بقيادة عازر ومساعده ملازم رجائى حتاتة، والثاني بقيادة النقيب ممدوح شمس ومساعده ملازم أول صلاح غيث، لكن السرب نتيجة خلل في جهازي الرادار لم يتمكن من رصد الهدف. وبعد ساعتين بدأت إيلات في الاقتراب من لنش عازر بسرعة ثم ظهرت لنشات طوربيد إسرائيلية وهاجمت السرب المصري، وهنا أبلغ قائد السرب قيادة القاعدة أنه قرر الاشتباك مع الأهداف المُعادية لحقه في الدفاع عن النفس. وسرعان ما اشتعل حريق باللنش الثاني قيادة النقيب شمس وبعد دقائق أبلغ لنش القيادة القاعدة بأنه أصيب إصابة بالغة تمنعه من الاشتباك، وهنا قامت المدمرة إيلات بإطلاق طلقات إضاءة لمنعه من الخروج من دائرة الاشتباك. كانت المعركة غير متكافئة عددا وتسليحا فقد كانت مدفعية المدمرة إيلات عيار 40 ملم، بينما مدفعية اللنشات المصرية عيار 25 ملم. وانهمرت طلقات مدفعية إيلات على لنش القيادة وقتل 5 من الطاقم، فأمر النقيب عوني مساعده الملازم أول رجائي حتاتة بإخلاء اللنش من الأفراد الأحياء، وقرر القيام بعملية انتحارية بالاندفاع بأقصى سرعة نحو المدمرة الإسرائيلية والاصطدام بها في المنتصف. وأدرك قائد المدمرة خطة النقيب عازر، وأمر بتركيز طلقات المدفعية نحو لنش القيادة وبالفعل تم تفجير اللنش على بعد 30 مترًا من المدمرة، واستشهد النقيب عونى عازر ومساعده ملازم رجائى حتاتة، وكذلك استشهد طاقم اللنش بالكامل، بينما أصيب ثمانية من طاقم المدمرة "إيلات" في تبادل النيران مع أطقم الدورية المصرية البحرية، علاوة على تدمير موتور رادار المدمرة وإصابات مباشرة للجانب الأيمن للسفينة. وقد وصف قائد المدمرة إيلات المعركة قائلاً إنه فوجئ بالزورق المصرى يغير اتجاهه نحو الساحل فزادت المدمرة من سرعتها لمطاردته، ثم أحس قائد المدمرة أن اللنش يستدرج المدمرة إلى منطقة ضحلة ولكنه فوجئ بعد ذلك بالزورق المصرى يستدير ويغير اتجاهه نحو الشمال وينطلق جنوب المدمرة رأساً فأصدر القائد الإسرائيلى أوامره باستخدام كل نيران المدمرة من أجل تدمير اللنش واستمر فى إطلاق النيران على اللنش حتى انفجر. استشهد بطلنا عوني عازر في عمر التاسعة والعشرين.. ومنح ترقية إلى رتبة الرائد وحصل على وسام نجمة الشرف.. وترك الشهيد لأسرته ذكريات لم تغادر مخيلتهم، بدءا بخطيبته التي لم يمهله القدر لإتمام الزواج بها، فكان يوم الاحتفال بخطبته هو يوم استشهاده، وشقيقته التي تتذكر زيارته منزل الأسرة قبل استشهاده بيومين، وعند مرورهما بمقابر مدينة نصر بادرها يقول "إن مشهد المقابر ليلا يشعره بالحزن الشديد"، ثم أضاف بصوت مرح: "من يسبق منا الآخر إلى العالم الآخر يخبرنا ماذا يحدث". أقرا أيضا شهداء الشرطة.. سلام على النعماني وأبوزيد ومبروك