التعليم: التجربة قيد الدراسة.. البالطو الرصاصي للمعلمين والبني للمعلمات والتكلفة 120 جنيها يتحمل المعلم 50%.. طايل: رفع أجر المعلم أهم.. ومغيث: فكرة غير قابلة للتطبيق حالة من الجدل والزخم شهدتها مواقع التوصل الاجتماعي، خلال الأيام القليلة الماضية، بعد إعلان مديرية التربية والتعليم بمحافظ الوادى الجديد، البدء فى تطبيق منظومة الزى الموحد «بالطو» للمعلمين والمعلمات والإداريين ب«مدرسة المروة الإعدادية» بمدينة الخارجة تمهيداً لتعميم التجربة على كل مدارس المحافظة، ويأتى تطبيق هذه التجربة بهدف إضافة لمسة جمالية على المدارس وأعضاء هيئة التدريس، وتبلغ تكلفة البالطو120 جنيها، تتحمل المحافظة 50%من التكلفة ويتحمل المعلم 50%، ووقع الاختيار على أن يكون اللون الرصاصي هو اللون الخاص بالمعلمين واللون البني للمعلمات. مع بداية اليوم الأول لتطبيق التجربة، أثار الزى الموحد سخرية رواد مواقع التواصل الاجتماعي، والمعلمين على مستوى الجمهورية، حيث أبدوا اعتراضهم على هذا الزى الذى وصفوه بالمهين، وأنه لا يليق بقيمة المعلمين فى مصر، رافضين أن يتحمل المعلمون تكلفة هذا الزى "عايزين تطبقوه ادفعوا انتو". «التحرير» مع بداية اليوم الأول لتطبيق التجربة، أثار الزى الموحد سخرية رواد مواقع التواصل الاجتماعي، والمعلمين على مستوى الجمهورية، حيث أبدوا اعتراضهم على هذا الزى الذى وصفوه بالمهين، وأنه لا يليق بقيمة المعلمين فى مصر، رافضين أن يتحمل المعلمون تكلفة هذا الزى "عايزين تطبقوه ادفعوا انتو". «التحرير» بدورها تواصلت مع مسئولي وزارة التربية والتعليم لشئون المعلمين وعدد من الخبراء، لمعرفة رأيهم فى هذه المبادرة وإمكانية تعميمها على جميع المدارس والمعلمين من عدمها. بداية التجربة بداية الأمر كانت بتدشين «مدرسة المروة الإعدادية بمدينة الخارجة» بمحافظة الوادي الجديد، مبادرة جديدة تقضى بأن يتم تعميم زى موحد للمعلمين والمعلمات والإداريين، بمباركة وتوجيه من قبل مديرية التربية والتعليم بالوادى الجديد، والمحافظ اللواء محمد سالمان الزملوط، الخاص بتطبيق الزى الموحد على جميع المعلمين، حيث كان شاهداً على بدء تسليم الزي الموحد بالمدرسة، لتكون المحافظة هى الأولى على مستوى الجمهورية التى تنجح فى تنفيذ الفكرة بتصنيع وحدات الإنتاج المدرسية بالقطاع. التكلفة وطريقة التصنيع ولم يقتصر الأمر على مدرسة المروة، حيث تم توزيع الزى على 5851 من المعلمين والإداريين والعاملين بجميع مدارس المحافظة، الذى تم تصنيعه داخل وحدة التصنيع التى تم تدشينها بمدرسة الثانوية الفنية بنات بالمحافظة، ومصنع الملابس الجاهزة التابع لديوان عام المحافظة، تكلفة البالطو تصل إلى قرابة 120 جنيها، وأصدرت محافظة الوادى الجديد قرارا بتحمل المحافظة 50% من التكلفة على أن يتحمل المعلم ال50% الأخرى. عقب تطبيق التجربة لأول مرة، أعلن الزملوط دعم التجربة بقيمة 50% على سعر الزى الموحد للمعلمين والعاملين بالقطاع، وتم الاتفاق على 4 ألوان للزى الموحد وتضمنت زيا للمعلمين وزيا للمعلمات وزي الإداريين، وآخر للخدمات المعاونة، ويتألف الزى من "بالطو" يرتديه المعلم داخل الفصل والمدرسة، يشبه إلى حد كبير زى الدكتور أو الكيميائى، كما وقع الاختيار على أن يكون اللون الرصاصى للمعلمين، ويكون اللون البنى للمعلمات. معوقات التطبيق التجربة تواجه عددا من الصعوبات التى تحول دون تطبيقها على جميع المدارس والمعلمين، تتمثل فى 4 أطقم للتبدل بها اثنان للصيف واثنان للشتاء، وفى ظل تحمل المعلمين 50% من التكلفة، فإن هذا الأمر يزيد من الأعباء على المعلمين ويجعلهم يرفضون تطبيقه، هذا بالإضافة إلى أن الزى الذى تم تطبيقه فى الوادي الجديد لم يحظ بإعجاب المعلمين فى مصر، ناهيك بالتكلفة العالية التى سوف تتحملها وزارة التربية والتعليم إذا أرادت تعميمها. حالة الزخم التى تسببت بها مواقع التوصل الاجتماعي عن الزى، دفعت الدكتور طارق شوقي وزير التربية والتعليم، ليُعلق على المبادرة ويُثمنها: قائلاً: "محافظ الوادي الجديد قام بتصميم وتنفيذ مبادرة جميلة في محافظته تتعلق بزي مدرسي للسادة والسيدات المعلمين والإداريين لتوحيد المظهر وإضافة هيبة للمعلم تتناسب مع جلال وظيفته، هذه مبادرة من السيد المحافظ وننظر إليها باهتمام ونتابعها ولكنها ليست مبادرة قومية على مستوى الدولة في الوقت الحالي". التعليم: قيد الدراسة الدكتور محمد عمر نائب وزير التربية والتعليم والتعليم الفني لشئون المعلمين، قال إن تجربة الزي الموحد للمعلمين التى أثارت الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي فى الفترة الأخيرة، تجربة محمودة ومحلية بدأت فى محافظة الوادي الجديد، بمبادرة من الإدارة التعليمية والمحافظ، وليست خارجة من الوزارة كما يروج لها البعض، ولكنها تجربة مميزة. وأكد عمر فى تصريحات خاصة ل"التحرير"، أن هذه التجربة قيد المراجعة والتقييم من قبل الوزارة، من أجل النظر فى إمكانية تطبيقها أو تعميمها من عدمه، مضيفاً: "الوزارة لم تقرر أى شيء بشأن هذه التجربة حتى الآن"، نافياً أن تكون الوزارة قد صرحت بأي شيء يتعلق بالزي المدرسي ولم أقل شيئا عن تحمل المعلم أي مبالغ مادية" 50% من التكلفة". وأوضح أن الوزارة تعكف الآن على وضع مجموعة من المعايير والضوابط، لإحكام السيطرة على العملية التعليمية فى كل المجالات، من خلال إعداد كتاب دوري ينظم هذا الموضوع ضمن الإجراءات التنظيمية التى تعمل عليها الوزارة لتغيير صورة المجتمع ووضع المعلم فى المكانة الرفيعة التي يستحقها. بالونة اختبار عبد الحفيظ طايل، مدير المركز المصري للحق في التعليم، قال إن هناك فرقا كبيرا بين أن تُنشئ وزارة التربية والتعليم أو محافظ الوادي الجديد أو نقابة المهن التعليمية معرض ملابس للعاملين بوزارة التربية والتعليم بأسعار مخفضة، يأخذ كل معلم ما يحتاجه بما أنه سيدفع 50% من التكلفة، لكن طرح هذا النوع من الأفكار "زي موحد" للمعلمين وللمعلمات والإداريين، يعتبر أقرب إلى بالونات الاختبار. جريمة فى حق التعليم وأكد طايل فى تصريحات خاصة ل"التحرير": "المعلمون يحتاجون إلى خدمات حقيقية، أفضل بكثير من أن يكون لديهم زى موحد، يتمثل فى توفير حياة كريمة لهم، تُعيد لهم أمجاد الماضي، أما أن يقوم المحافظ أو الوزير أو مدير باستغلال احتياجات المعلمين المالية ويفرض عليهم زيا موحدا، فهذه جريمة في حق المعلم، وتساءل طايل: ماذا سيحدث إذا رفض المعلمون هذا الطرح؟ وأشار طايل إلى أن هذه الفكرة من الممكن أن تطبق في كوريا الشمالية في حكم استبدادي، وليس في مصر، مضيفاً: إذا كنا نريد تطبيق الزى الموحد على المعلمين، فلا بد أن يتم اختيار زى يتوافق وطبيعة عمل المعلمين، مثل الأطباء والشرطة والجيش، الذى يتطابق زيهم مع طبيعة عملهم ووظيفتهم. وشدد على أن وزارة التربية والتعليم أعلنت عن نظام مشابه لهذا الأمر فى وقت سابق وهو "نظام النقاط"، حيث سيكون للمعلم المتميز نقاط تتحول إلى رصيد في البنك يستطيع من خلال الفيزا أن يشتري بضائع وسلعا أو الكشف عند الدكتور، وكل ذلك يندرج تحت بند تنويع مصادر تمويل التعليم، وهذا شكل من أشكال التحايل على حقيقة واحدة أن الدولة ترفض الإنفاق على التعليم. وشدد على أن أجور المعلمين فى مصر متدنية للغاية، فبحسب إحصائية صادرة من منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي oecd، عن أعلى عشر دول في العالم، وأقل عشر دول في العالم إنفاقا على أجور المعلمين، كانت الدولة الأعلى في العالم هي لوكسمبورج ب73 ألف دولار في السنة عند بداية تعيينه. بينما كانت أقل دولة فى هذا التصنيف هي كولومبيا 6 آلاف دولار في السنة، ولو حسبنا أن متوسط أجر المعلم المصري على 3 آلاف جنيه وهذا متوسط مرتفع جدا، يكون راتبه 1980 دولارا في السنة وهو أقل من ثلث أقل أجر مصنف عالميا في الإنفاق على المدرسين، في حين أن في كولومبيا المعلم يعمل لمدة 1200 ساعة لكن في مصر 1800 في الفصل الدراسي. غير قابلة للتطبيق كمال مغيث، الخبير التربوي، أكد أن هذه التجربة غير قابلة للتطبيق فى مصر، لأنها قائمة على الإجبار، مشيرا إلى أن قضايا التعليم أهم وأخطر من فكرة الزي الموحد، وهذه الفكرة عفى عليها الزمان، المدرسة مؤسسة مدنية إنسانية، ومن المفترض أن مكانة المعلم معروفة وهيبته محفوظة بغض النظر عن الزي المطلوب ويجب على الدولة أن تنشغل بقضايا التعليم الحقيقية مثل تطوير التعليم وتطوير الامتحانات والمناهج وليس الزي.