د. مجدي العفيفي تساءلت هنا قبل أسبوعين في مقال تحت عنوان (لا ثروة مع عقلية الثور..): متى ندرك أن معايير الثراء لم تعد مغلقة على ظواهر بعينها.. وأن مقاييس الغنى تغيرت وصار قاسمها المشترك هو «العقل والمعقول»، أما «اللا عقل واللا معقول» الذي يلازمنا في حراكنا مع الحياة فهو السائد والمتعارف عليه، وما أسوأ هذه المعرفة..! مع أن المعرفة سلطة.. تساءلت هنا قبل أسبوعين في مقال تحت عنوان (لا ثروة مع عقلية الثور..): متى ندرك أن معايير الثراء لم تعد مغلقة على ظواهر بعينها.. وأن مقاييس الغنى تغيرت وصار قاسمها المشترك هو «العقل والمعقول»، أما «اللا عقل واللا معقول» الذي يلازمنا في حراكنا مع الحياة فهو السائد والمتعارف عليه، وما أسوأ هذه المعرفة..! مع أن المعرفة سلطة.. وضربت مثلا: في عام 2010 عرض الملياردير السعودي الأمير (الوليد بن طلال) على صاحب موقع فيسبوك (مارك زوكربيرج) شراء الموقع منه، بعرض خيالي، بلغت قيمته 14 مليار دولار.. رفض مارك عرض الأمير السعودي، إذ رد عليه بمنشور على صفحته الشخصية: (الأفكار تصنع المال، ولكن المال لا يصنع الأفكار يا سعادة الأمير) (!!) وضربت مثلا: في عام 2010 عرض الملياردير السعودي الأمير (الوليد بن طلال) على صاحب موقع فيسبوك (مارك زوكربيرج) شراء الموقع منه، بعرض خيالي، بلغت قيمته 14 مليار دولار.. رفض مارك عرض الأمير السعودي، إذ رد عليه بمنشور على صفحته الشخصية: (الأفكار تصنع المال، ولكن المال لا يصنع الأفكار يا سعادة الأمير) (!!) كان هذا قبل 8 سنوات تقريبا.. واليوم تبلغ القيمة السوقية لموقع فيسبوك 250 مليار دولار.. كل الشواهد تؤكد أن أعظم استثمار هو استثمار العقول.. فالإنسان هو الوسيلة وهو الغاية من الحياة.. وعطفا على ذلك أرسل قارئ كريم سطورا مكثفة مشفوعة بصورتين الأولى لزجاجة عطر والأخرى لبرميل نفط.. تقول سطور الرسالة: (في هذه الصورة يوجد برميل نفط عربي يحتوي على 159 ألف مللتر من المواد النفطية. وزجاجة عطر فرنسي تحتوي على 100 مللتر من العطر. سعر برميل النفط نحو 50 دولارًا. وسعر زجاجة العطر نحو 100 دولار.. وبحسبة بسيطة.. المللي لتر الواحد من العطر سعره واحد دولار. يعني برميل العطر سعره 159 ألف دولار. مقابل 50 دولارًا لبرميل النفط. المقارنة هنا ليست لأهمية العطر مقابل النفط.. ولا استراتيجية السلعة الفلانية مقابل النفط. المقارنة فقط في السعر. وعلى ذلك قِس.. فقد أوهمتنا الدول الغربية أن النفط سلعة استراتيجية ومهمة.. وهم بالحقيقة يستوردونها من عندنا بسعر بخس.. مقابل تصدير سلعهم غير الاستراتيجية بسعر فلكي). التحديق في هذه السطور ذات المقارنة المذلة والمقاربة الحارقة للأعصاب يسبب معاناة فكرية، ويفترض أن يخلق صدمة أكبر لدى الذين لا يزالون يعيشون عالة على باطن الأرض وتأتيهم الثروات من حيث لا يحتسبون.. بدون جهد ولا عناء ولا حبة عرق.. ورحم الله الشاعر البحريني الكبير في إبداعه (عبد الرحمن محمد رفيع)، صاحب القصيدة السياسية الشهيرة التي قال فيها: هبني فؤادك واستمع لي واعيًا ما دمت نفطيًّا فعِزَّك لا يدوم مستهلكون ومسرفون ولينون لا هم لي ولكم سوى حشو البطون هم يبدعون لنا جميع حياتنا ونسير نحن كما يريد المبدعون لم يكتف الكاتب صالح النملة الذي أطلق هذه المقارنة بالعطور بل قارن أيضا -بذات الجدة والطرافة- بين برميل البترول وبرميل كوكاكولا والحليب، وهما من المواد المستهلكة في حياة المواطن العادية.. لننظر أيضًا: أوروبا وأمريكا اللتان اعتادتا أن تحصلا على سعر النفط بأسعار زهيدة لأسباب سياسية وليست اقتصادية لا تتحملان أي ارتفاع لأسعار النفط حتى ولا على أي مستوى كان، وبالمقارنة بين سعر برميل النفط الذي يدخل في جميع تفاصيل حياتنا وحاجاتنا اليومية وأسعار سلع أخرى قد تكون ذات أهمية وتصدرها لنا أوروبا وأمريكا ولكن ليست بالضرورية التي لا يمكن الاستغناء عنها، تكتشف كيف أن الغرب يمارس النفاق الحقيقي والتشكي غير المبرر من أسعار النفط.. وبمقارنة سعر برميل النفط مع برميل منتجات أخرى تكون المقارنة على النحو الآتي: 1. برميل النفط سعر برنت (117) دولارًا. 2. برميل كوكا كولا (126) دولارًا. 3. برميل حليب (163) دولارًا. 4. برميل مياه بيريه معدنية (300) دولار. 5. برميل عصير برتقال تروبيكانا (307) دولارات. 6. برميل بيرة بدوايزر (447) دولارًا. 7. برميل سكوب غسيل فم (682) دولارًا. 8. برميل فنتي عصير ستاربوكس (954) دولارًا. 9. برميل بن وجيري آيس كريم (1609) دولارات. 10. برميل برتولي زيت زيتون (2370) دولارًا. 11. برميل تباسكو الفلفل الحار (6155) دولارًا. 12. برميل فايزين تنظيف للعين (39728) دولارًا. 13. برميل عطر شانيل (1666560) دولارًا. ترى.. بعد هذه المقارنة البسيطة هل سعر النفط، تلك المادة الحيوية لجميع مناحي الحياة اليومية، رخيص أم مرتفع؟ أم أن هناك تشكيًا داخل المجتمعات الغربية التي تعودت على الرفاهية ولوم الآخرين وحربهم وتدميرهم من أجل أن تعيش هي حياة مرفهة. وأذكر بالمفارقات المؤلمة التي طرحناها.. هل فكرت وأنت تشتري تليفونا.... كم يحتاج هذا التليفون الذي في يدك من الثروات الطبيعية؟ ستجده لا يكلف دولارًا واحدًا من الثروات الطبيعية، جرامات بسيطة من الحديد وقطعة زجاج صغيرة وقليل من البلاستيك، ولكنك تشتريه بمئات الدولارات تتجاوز قيمته عشرات براميل النفط والغاز، والسبب أنه يحتوي على ثروة فكرية تقنية من إنتاج عقول بشرية!! وهل تعلم أن إنسانًا واحدًا مثل «بيل جيتس» مؤسس شركة مايكروسوفت يربح في الثانية الواحدة 226 دولارًا، يعني ما نملكه نفطيًّا من احتياطي للثروات لن يستطيع مجاراة شركة واحدة لتقنية حاسوب..؟ هل تعلم أن أثرياء العالم لم يعودوا أصحاب حقول النفط والثروات الطبيعية، وإنما أصحاب تطبيقات بسيطة على جوالك؟ هل تعلم أن أرباح شركة مثل سامسونج في عام واحد 327 مليار دولار، نحتاج لمائة سنة لنجمع مثل هذا المبلغ من الناتج المحلي..!! صدقت المقولة النبوءة: (ما دمت نفطيا فعزك لا يدوم....)