سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة، صاحبة مسيرة استمرت لأكثر من 60 سنة، قامت خلالها ببطولة أكثر من 100 فيلم دون أعمال ثانوية، وخلّدت اسمها كإحدى أهم نجمات مصر طوال تاريخها. لم يكن يعلم موظف التربية والتعليم، أحمد حمامة، أن حفلة سينما لمشاهدة فيلم من بطولة آسيا داغر، بصحبة صغيرته "فاتن"، المولودة في 27 مايو عام 1931 بالمنصورة، لشقيقين هما: "منير ومزهر"، وشقيقة "ليلى"، ولأم ربة منزل، سيجعل الفتاة تتعلق بالفن وتحلُم بالنجومية لهذا الحد، خاصةً أنها ما زالت في السادسة من عمرها، ولم يكن يعرف أنها ستصبح بعد سنوات قليلة من حينها، أفضل ممثلة في مصر، بل وفي تاريخها السينمائي، وتُرفع على عرش "سيدة الشاشة العربية" التي لم يجلس عليه سواها. المشوار الفني علم الوالد بشغف صغيرته فاتن حمامة بالفن، وشاءت الأقدار أن يقرأ بعدها إعلانًا للمخرج محمد كريم يطلب ممثلة طفلة لدور أمام الموسيقار محمد عبد الوهاب، فبعث له بصورها، وسافر بها إلى القاهرة، وبالفعل تم اختيارها لأداء دور "الطفلة أنيسة" بفيلم "يوم سعيد" (1940)، وأُعجب بها مخرج العمل لدرجة أنه المشوار الفني علم الوالد بشغف صغيرته فاتن حمامة بالفن، وشاءت الأقدار أن يقرأ بعدها إعلانًا للمخرج محمد كريم يطلب ممثلة طفلة لدور أمام الموسيقار محمد عبد الوهاب، فبعث له بصورها، وسافر بها إلى القاهرة، وبالفعل تم اختيارها لأداء دور "الطفلة أنيسة" بفيلم "يوم سعيد" (1940)، وأُعجب بها مخرج العمل لدرجة أنه قام بتغيير السيناريو لإعطائها دورًا أكبر، بل إنه قال في مذكراته فيما بعد، إنها كانت بالنسبة له "الطفلة المعجزة" لإتقانها التمثيل والتزامها التام بعملها وأدبها الشديد، وكان يضرب بها المثل أمام الممثلات الكبيرات. بعدها رفض والدها عدة عروض سينمائية حرصًا على مستقبلها الدراسي حتى أقنعه محمد كريم مجددًا بعد أربع سنوات بأن تعمل فاتن في فيلمه الجديد "رصاصة في القلب"، فشاهدها الفنان يوسف وهبي وقدّمها في فيلم "ملاك الرحمة" (1946)، ثم في فيلم "القناع الأحمر" (1947)، ثم ظهرت أفلام أخرى منها: "الشهر الأول، الكون، ملائكة في جهنم، دنيا، نور من السماء، العقاب"، ثم أقامت بالقاهرة مع والديها للدراسة بمعهد التمثيل في دفعته الأولى بعد أن أسسه الفنان زكي طليمات. وخلال العامين الأخيرين من الأربعينيات، قدّمت فاتن حمامة 10 أفلام ساهمت بتعزيز اسمها بين نجمات الشاشة الفضية، وهي: "المليونيرة الصغيرة، حياة حائرة، الحلقة المفقودة، خلود، اليتيمتين، نحو المجد، بيومي أفندي، ست البيت، كل بيت له راجل، كرسي الاعتراف"، وفي فترة الخمسينيات صارت من ألمع أسماء السينما المصرية، وقدّمت العديد من الأعمال، ومنها: "لك يوم يا ظالم، عبيد المال، الله معنا، الطريق الممنوع، أخلاق للبيع، بابا أمين، ظلموني الناس، أنا الماضي، أشكي لمين، أنا بنت ناس، وداعا يا غرامي"، فيلم، ابن النيل، حب ودموع، أيامنا الحلوة" وغيرها. وخلال فترة الستينيات، أصبحت سيدة الشاشة مقلة في أعمالها، فقدّمت 12 فيلما فقط، وهي: "نهر الحب، لن أعترف، لا تطفئ الشمس، المعجزة، الباب المفتوح، الليلة الأخيرة، لا وقت للحب، حكاية العمر كله، الاعتراف، شيء في حياتي، الحرام"، كما امتدت شهرتها للخارج وظهرت في إنتاج هوليودي "CAIRO" عام 1963، وفي السبعينيات، تميزت أفلامها على قلتها بطابعها الاجتماعي ومناقشتها قضايا هامة، ومنها: "الحب الكبير، الخيط الرفيع، رمال من ذهب، إمبراطورية ميم، أفواه وأرانب، ولا عزاء للسيدات، حكاية وراء كل باب"، وفي الثمانينيات قدّمت فيلمين فقط، وهما "ليلة القبض على فاطمة" و"يوم مر ويوم حلو"، وفي التسعينيات مثلهما، فيلم "أرض الأحلام"، ومسلسل "ضمير أبلة حكمت"، وختمت مشوارها بمسلسل "وجه القمر" عام 2000. وفي رصيد فاتن حمامة ثمانية أفلام قامت فيها بدور البطولة ضمن قائمة أفضل 100 فيلم مصري، وعملت خلال مسيرتها المهنية أيضًا كمنتجة لعددٍ من الأفلام مثل "الحب والدموع" عام 1955 و"أغنية الموت" عام 1973، وحظيت بالعديد من التكريمات، ومنها الجائزة الخاصة في مهرجان ظهران السينمائي الدولي عام 1971، والجائزة الخاصة في مهرجان موسكو السينمائي الدولي عن فيلم "إمبراطورية ميم"، وحصلت على وسام الإبداع من الدرجة الأولى من الأمير خالد شهاب رئيس الوزراء اللبناني عام 1953، ووسام العظمة من الرئيس أنور السادات عام 1976. الحياة الخاصة تزوجت فاتن حمامة من المخرج عز الدين ذو الفقار عام 1947، بعد أن تقدم لوالدها وتردد عليهم كثيرًا، وقدّمت عدة أفلام ناجحة من إخراج زوجها حتى حدث الانفصال عام 1954 بعد حدوث فتور في علاقتهما بعد أن أنجبا ابنة واحدة، وتم الانفصال أثناء تصويرها فيلم "صراع في الوادي" الذي قام ببطولته أمامها ولأول مرة الممثل عمر الشريف، رغم أنها رفضت بالبداية عندما اقترحه عليها صديقه ومخرج العمل يوسف شاهين، إلا أنها وافقت في النهاية بضغط من المنتج جبرائيل تلحمي، وكانت قًبلة موجودة ضمن سيناريو الفيلم بينها والشريف، هي القشة التي قصمت ظهر علاقتها بزوجها السابق، حيث إنها كانت معروفة برفضها أي مشهد أو لقطة فيها قُبلة، وكانت أيضًا تلك القُبلة بداية قصة الحب بينها وبين عمر الشريف، وتزوجا بعد أن أشهر إسلامه في عام 1955، وأنجبا ابنهما "طارق"، وإضافة إلى هذا الفيلم شاركا معًا في خمسة أفلام أخرى هي "أيامنا الحلوة، صراع في الميناء، لا أنام، سيدة القصر، ونهر الحب". وبسبب صرامة نظام الرئيس جمال عبد الناصر، في التعامل مع عمر الشريف الذي اتجه نحو العالمية، وقرر أن يستقر في أوروبا بشكل نهائي عام 1965، أدى الأمر إلى انفصال فاتن حمامة عنه عام 1966، ثم عادا بعد أن سافرت له خارج مصر حتى 1971، حيث قالت آنذاك إنها تتعرض للمضايقات من قبل جهاز مخابرات صلاح نصر كغيرها من الفنانات، وتم منعها من السفر ومن المشاركة في المهرجانات السينمائية، وبعد الكثير من المنازعات تم السماح لها بمغادرة البلاد، ولم تعد إلى بعد وفاة ناصر، ثم انفصلت هي والشريف بشكل نهائي عام 1974، وتزوجت لاحقًا من الطبيب عبد الوهاب محمود وعاشت معه حتى الرحيل. الغياب وفي سنواتها الأخيرة، حدث لها أزمة صحية، وحاول عمر الشريف زيارتها إلا أنها رفضت وأكدت له أنها بخير، وذلك احترامًا لمشاعر زوجها الدكتور محمد عبد الوهاب، وفي 17 يناير 2015، توفيت سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة، وهي في عمر ال83، وتلقت وفاتها اهتمامًا كبيرًا من قبل وسائل الإعلام، وحضر الجنازة آلاف المشيعين، بعد حياة مهنية استمرت لأكثر من 60 سنة، وبطولة أكثر من 100 فيلم دون أية أعمال ثانوية، حتى خلّدت اسمها كممثلة رائدة في تاريخ السينما المصرية، وتم إخفاء خبر وفاتها عن الشريف لفترة حتى لحق بها بعدما تضاعفت متاعبه مع مرض ألزهايمر في 10 يوليو 2015.