تراث مكتبة الفنان حسن كامي يواجه المجهول

المكتبة تم إنشاؤها فى القرن التاسع عشر على يد "فيلدمان".. تحتوى على نسخ من كتاب "وصف مصر القديم".. ومجموعة كتب "بروس عن نهر النيل" ونسخ نادرة من القرآن الكريم
مصير مجهول تنتظره مكتبة الفنان الراحل حسن كامي الذي توفى منذ أيام عن عمر يناهزال82 عامًا، ذلك بعد نشوب خلاف بين أسرة الفنان الراحل، ومحاميه عمرو رمضان، حول أحقية الكتب النادرة التي تحتويها مكتبته، كما أنها تحتوي على نسخة من كتاب وصف مصر، الذي لا توجد منه سوى نسخ معدودة على مستوى العالم. الخلاف الذى نشب بين الطرفين أدى إلى تشميع المكتبة والتحفظ على مقتنياتها من قبل النيابة بعد مخاطبة من وزارة الثقافة للحفاظ على المقتنيات الفنية والتراثية بالمكتبة، وعدم تمكين الورثة أو غيرهم من التصرف بها بالإضافة إلى تشكيل لجنة لفحص وجرد كل محتويات المكتبة.
ومع الإجراء الذي اتخذته الدولة، يبقى مصير المكتبة يكتنفه الغموض، ما بين المحامي الذي يدعى حوزته لأوراق رسمية تثبت ملكيته لها، وبين أسرته التي تؤكد أن الراحل، حتى آخر يوم في حياته، كان يعلن أنه سوف يتبرع بالمكتبة لوزارة الثقافة. أسرة الفنان الراحل اتهمت المحامي عمرو رمضان بالاستيلاء على مكتبة "المستشرق"،
ومع الإجراء الذي اتخذته الدولة، يبقى مصير المكتبة يكتنفه الغموض، ما بين المحامي الذي يدعى حوزته لأوراق رسمية تثبت ملكيته لها، وبين أسرته التي تؤكد أن الراحل، حتى آخر يوم في حياته، كان يعلن أنه سوف يتبرع بالمكتبة لوزارة الثقافة.
أسرة الفنان الراحل اتهمت المحامي عمرو رمضان بالاستيلاء على مكتبة "المستشرق"، بعد استغلال حالة الشيخوخة التي عانى منها الراحل، وهو ما دفع الرجل للدفاع عن تلك الاتهامات، والتأكيد أنه اشتراها، ولم يسطُ عليها، كما تدعي أسرته.
مكتبة "المستشرق" تم إنشاؤها فى القرن التاسع عشر على يد "فيلدمان" يهودي مصري، بمنطقة وسط البلد بالقاهرة، وتعد أحد المراجع التي يستعين بها المستشرقون في الغرب، لذا سميت ب"المستشرق"، ورحل "فيلدمان" بعد العدوان الثلاثي عام 1956، ثم انتقلت ملكية المكتبة إلى "شارل بحري"، وباعها للفنان حسن كامي، ثم أهداها لزوجته التي ظلت تديرها حتى رحيلها في 2012، وتضم المكتبة أكثر من أربعين ألف كتاب، بين كتب قيمة ولوحات فنية نادرة، بينها مخطوطة واحدة ضمن ثلاث فقط حول العالم من كتاب "وصف مصر".

كتاب وصف مصر
المستشارة هايدى فاروق، صديقة الفنان أكدت أن مكتبة "المستشرق" هى أحد الكنوز التراثية، لما تحتويه من نوادر الكتب والوثائق والخرائط التى من شأنها حل قضايا ونزاعات دولية الآن، ومنها نسخ من كتاب "وصف مصر القديم" والذى يعود تاريخه إلى عام 1812 م، أيضًا بها نسخة من مجموعة كتب "بروس عن نهر النيل" والمكون من خمسة أجزاء، وهى التى كُتبت فى القرن ال18 وهى من أروع الكتب التى كتبت عن نهر النيل لاحتوائها على أسرار مجهولة وخطيرة عن نهر النيل، بالإضافة إلى كتب الاستشراق الأولى، والأطالس النادرة الخاصة بمكتبة "هاشيت"الفرنسية، والتى حرقت ودمرت فى الحرب العالمية الثانية.
وأضافت أن أسرة الفنان لم تتمكن من دخول المكتبة، وتم منعها من قبل شخص يزعم أن الراحل باعها له، على الرغم من أن كامي لم يقم بذلك ولم يتمكنوا حتى الآن من دخول فيلته بالمنصورية، علمًا بأن هناك 5 مخطوطات هامة يجب أن تكون في يد دار الوثائق القومية، بجانب عدد من المقتنيات النادرة.
وأوضحت أن الشخص الذي يسيطر على فيلا الفنان قبل تشييع الجنازة وحتى الاَن، موجود وزوجته داخل الفيلا، ويرفض الخروج أو المغادرة منها.
وأشارت إلى أن اَخر زيارة جمعتها بالفنان كانت في مارس الماضي، وتحدث معها بشأن وصيته وإسناد إدارة المكتبة بعد وفاته لبعض الموظفين وأسرته، ولم يتحدث عن بيع المكتبة أو الفيلا، مطالبة الدولة بالاطلاع على الأمر، والحفاظ على التراث النادر، لافتة إلى أن هذا الشخص استولى على الفيلا والمكتبة و3 سيارات، موضحة أنها لم تر هذا الشخص المجهول من قبل، ولا تجمعه أي علاقة بالفنان الراحل.
موقف دار الكتب والوثائق القومية
قال الدكتور هشام عزمي، رئيس الهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية، إن "مقتنيات مكتبة المستشرق للفنان الراحل حسن كامي مهمة جدًا وتاريخية"، مشيرًا إلى أن مقتنيات المكتب كثيرة، وتحتاج لمراجعة، وتحديد ما يمكن أن تحصل عليه الدولة، ونسعى للحفاظ عليها، مؤكدًا أن الدولة المصرية ستظل أمينة على المقتنيات نظرًا لأهميتها لها.
وأوضح أن "الدولة موجودة ومتابعة مكتبة المستشرق، وطالما المقتنيات تمس تاريخ البلد، فلن تخرج منه، وستبقى في أيدي أمينة، ونعمل على التواصل مع أسرة الراحل، وهناك ضوابط كثيرة تحكم حفظ المقتنيات، خاصة أن فيها ما يمس تاريخ وأمن البلد".
طبعات نادرة من القرآن
أكد النائب يوسف القعيد، عضو لجنة الثقافة والإعلام بمجلس النواب، أن مكتبة الفنان الراحل حسن كامي تحتوي على وثائق وكتب أصلية منها نسخ من كتاب "وصف مصر" وطبعات نادرة من القرآن الكريم، فهي ملك للدولة دون منافس ويجب على الدولة أن تضع يدها عليها بصرف النظر عما يدعيه المحامي.
وأضاف القعيد في تصريحات خاصة ل"التحرير" أن هذه المكتبة كانت متاحة لعامة الشعب لكن بعد رحيله أصبحت ملكية عامة، والجهة المنوط بها إدارة المكتبة هي دارالكتب والوثائق القومية ولا يحق لأحد التصرف فيها.
ومن جانبه قال النائب محمد عبده، عضو لجنة الثقافة والإعلام بمجلس النواب، إن مكتبة الفنان حسن كامي تحتوى على العديد من الكتب واللوحات النادرة التى ينبغى أن تبحث الدولة مدى إمكانية الاستفادة منها.
وحول النزاع القائم بين الطرفين قال عبده ل"التحرير"، إن القضاء هو من سيحكم بشأن ملكية المكتبة، ومن الأحق بالحصول عليها، ومن ثم التبرع بها لصالح وزارة الثقافة من عدمه.
أسرة الفنان حسن كامي تتقدم ببلاغ
وكانت أسرة الفنان الراحل حسن كامى، قد تقدمت ببلاغ رسمي يحمل رقم 8056 إدارى قسم شرطة قصر النيل، ضد عمرو رمضان محامى الفنان حسن كامى قبل وفاته والذي استولى على مكتبة "المستشرق" التي كان يملكها كامي، ومنع أسرة الراحل من دخولها.
واتهمت أسرة الفنان، المحامى بالاستيلاء على ممتلكات من فيلا المنصورية وثلاث سيارات، بالإضافة إلى مكتبة المستشرق التي تحتوى على مخطوطات وكتب تراثية والتي تهم أمن مصر دون سند قانوني.
منى أحمد، محامية شقيقة الراحل، أكدت خلال تصريحات تلفزيونية، أن رمضان، قام باستغلال شيخوخة الفنان وجعله يوقع على جميع ممتلكاته، كما قام بالاستيلاء على المخطوطات النادرة الموجودة بالمكتبة وبدأ في بيعها، وطالبت أسرة الفنان وزارة الثقافة بالتدخل وحماية مكتبة الراحل لحين البت فيما أثير حول بيع الراحل للمكتبة والفيلا قانونيا.
وأضافت: الراحل كان ينوى أن يتبرع بممتلكاته لوزارة الثقافة لما بها من مقتنيات ثمينة، ومخطوطات أثرية، مشيرة إلى أن المحامى يعمل على تهريبها في الوقت الحالي، بالإضافة إلى استيلاء عدد من الفتوات على محتويات المكتبة، موجهًة له سؤالا: من أين لمحامٍ أن يمتلك كل تلك الأموال التي تجعله يشتري ثروة الفنان الراحل؟!.
عمرو رمضان، محامي الفنان الراحل حسن كامي، خرج ليؤكد أن مكتبة الفنان الراحل أصبحت ملكية خاصة له، وأنه يقوم ببيع الكتب، وقال: "العوائد المالية من بيع الكتب يؤول إليّ باعتباري أحد الملاك وعدد آخر من الأشخاص".
شركة وليس مكتبة
ولفت إلى أن مكتبة "المستشرق" هي في الأصل شركة، وهناك عدد من الشركاء، والفنان الراحل كان يدير المكتبة أدبيا، مشيرا إلى أن الفنان الراحل كان يملك 1% فقط من المكتبة، وأوضح أنه اشترى فيلا الفنان الراحل منذ عام 2015، وكان يسدد ثمنها على أقساط، ولديه إيصالات، بالإضافة إلى امتلاكه توكيلا رسميا منه، مشيرا إلى أن الراحل سلمه الفيلا بعد حصوله على كافة متعلقاته منها ولديه كل الأوراق الخاصة بملكيته لأملاك حسن كامي.
ونفى أن تكون مكتبة "المستشرق" تحتوي على كتب تراثية، وأكد أن 90% من الكتب الموجودة بالمكتبة منذ أيام شارلي بحري وفريدمان، وأنه حصل عليها باعتباره شريكا في الشركة ومالكها، مضيفا: لجنة من وزارة الآثار فحصت المكتبة في 2009، وأكدت أن المكتبة لا تحتوى على كتب تراثية.