لمن يحلو لهم التشكيك طول الوقت فى كفاءة إدارة المرحلة الانتقالية لثورتنا، أهدى فى السطور التالية بعض أبرز الإنجازات التى حققتها الست «إدارة» المذكورة خلال الشهور الثمانية التى انقضت من عمرنا وعمر هذه المرحلة المجيدة المديدة التى لا يعلم إلا الله تعالى وحده متى ستنتهى وتفارقنا، وعلى أى صورة جميلة ستتركنا. يعنى مثلا.. كان لدينا قبل الثورة دستور واحد شائه ومشوه يمنح الأستاذ المخلوع سلطات شبه إلهية ويكرس حكم الأسرة السعيدة إياها، أما الآن فلدينا ولا فخر ليس إعلانا دستوريا واحدا ولا اثنين، وإنما ثلاثة دساتير إعلانية فى عين العدو، فضلا عن تعديل واحد استفتائى دستورى مات وهو بعد فى «اللفة»، وقبل أن تتكحل عيناه بنور الدنيا (هل تذكرونه؟!). الإعلانات الدستورية الثلاثة تلك، رصدها المرسوم القانونى الانتخابى التشريعى «الفنشكونى» الذى أُعلن أول من أمس، إذ جاء فى ديباجته أنه يستند إلى الإعلان الدستورى الصادر فى 13 فبراير الماضى وأخيه الصادر فى 30 مارس الماضى، وابن عمهما الذى ولد سرا يوم 25 سبتمبر الحالى.. وكلهم منحوا المجلس الأعلى للقوات المسلحة سلطتى الحكم والتشريع ووفروا للشعب المصرى فرصة الموت من الضحك فى أى وقت وفى أى ساعة يشاء. ومن الإنجازات التى لا ينكرها إلا جاحد حاقد وموتور، أننا كنا قبل الثورة نعيش تحت ظل قانون انتخابى تشريعى يعتمد نظاما واحدا (النظام الفردى) ييسر التزوير ويسهله ويقصر حق الوصول إلى مقاعد البرلمان على قطعان النشالين وحرامية الغسيل الكبار ويضمن نزاهة ونظافة العملية الانتخابية من الناخبين، لكننا الآن صرنا متمتعين بنظامين انتخابيين متعارضين (الفردى والقائمة معا) زوجهما المرسوم القانونى آنف الذكر بالعافية على مذهب فضيلة الإمام اللواء ممدوح شاهين، ومن ثم فإن الثمار المتوقعة لهذه الزيجة التعيسة أن العملية الانتخابية المقبلة قد تتلوث هذه المرة بشىء من الناخبين، غير أنها ستبقى نزيهة ونظيفة من المرشحين الذين ليسوا نشالين ولا حرامية ولا هم ينتمون إلى جماعات «الترابية»! ويرتبط بهذا الإنجاز الفريد منجز آخر لا يقل ندرة وتفردا، ألا وهو تضخم واتساع حجم الدوائر الانتخابية التى يتعين على المرشح الفرد أن يتجول فيها ويصافح سكانها ويقبلهم ويعزيهم فى موتاهم ويزغرد فى أفراح أنجالهم، فالدائرة الواحدة التى كان أكبرها قبل الثورة لا تتجاوز حدودها حدود ثلاثة مراكز أو أقسام إدارية، باتت الآن مترامية وواسعة لدرجة أن بعضها يتمدد على مساحة 10 و12 و14 مركزا وقسما، بما يعنى أن المرشح الفردى المسكين بات مطلوبا منه تقبيل واحتضان أعداد من الناس تماثل عدد سكان بلجيكا أو ربما أكثر قليلا، وأن يذبح لا مؤاخذة عجولا وجواميس تكفى لإطعام مليون نسمة على الأقل، وهو أمر يخالف أبسط مبادئ حقوق الإنسان والحيوان كذلك، خصوصا الحق فى الحياة (للحيوان) والحق فى الحفاظ على العافية والصحة الإنجابية للمرشحين التى لا بد أنها ستنعدم تماما إذا حضنوا المرشح وقبّلوا كل هذه الأعداد الغفيرة من الجماهير. غير أننى لا أستطيع أن أختم هذه السطور من دون إشارة إلى إنجاز «انتقالى» ثورى خطير جدا سنستمتع به ابتداء من يوم السادس من أكتوبر المقبل، وأقصد زيادة عدد أرقام الهواتف المحمولة رقما واحدا بحيث تصبح 11 رقما بدلا من الأرقام العشرة الحالية، فالثابت علميا أن تقدم الأمم يقاس بحجم أرقام موبايلاتها. وقد أكدت نتائج بحث أجراه مؤخرا فريق من علماء «مركز علوم الهواتف المحمولة» بشارع عبد العزيز، أنه كلما تضخم رقم خط الموبايل الذى يحمله المواطن فى يديه فإن ذلك يعد دليلا، يفقأ عين الأعمى، على مدى الرفاه والعيشة الهنية الطرية التى يعيشها هذا المواطن.. وكل عام وأنتم بخير.