تلقيت مكالمة هاتفية طويلة مدعومة برسالة تفصيلية من أحد مسؤولى شركة مصر للطيران ردا على مقال أول من أمس، سأعرض أهم ما جاء فى الرد، وبعد هذا العرض لى تعليق. كان أهم ما جاء فى هذا الرد: أولا: وقفت «مصر للطيران» رحلاتها إلى اليابان بالفعل لسببين، الأول اقتصادى، فتكلفة الرحلة الواحدة التى تستغرق 14 ساعة طيرانا ضخمة، وسيترتب عليها خسائر كبيرة فى المال العام الذى تديره الشركة ما لم يكن عدد المسافرين على الطائرة كافيا لتغطية نفقات الرحلة الواحدة، وقال المسؤول إن عدد المسافرين اليابانيين قليل، لأن شركات السياحة غير قادرة على جذب أعداد تغطى تكاليف الطيران لأسباب تسويقية، يأتى على رأسها السبب الثانى وهو أن الحكومة اليابانية قامت بحظر السفر للسياحة فى مصر. ثانيا: أكد مسؤول «مصر للطيران» أن الخطاب -محل الشكوى- الذى تم إرساله إلى شركات السياحة اليابانية صحيح، وأنه صادر عن أحد موظفى الشركة، ولكن باجتهاد شخصى منه نتيجة إلحاح شركات السياحة عليه فى معرفة سبب تأجيل الإعلان عن مواعيد الرحلات الجديدة إلى القاهرة، وقال المسؤول إن الخطاب لم يكن رسميا باسم «مصر للطيران»، وقد قامت الشركة بمعاقبة هذا الموظف وطلب منى المسؤول عدم ذكر اسم الموظف أو نوع العقاب، حفاظا على سمعته المهنية، لكنه أكد أن العقاب كان قاسيا. ثالثا: أكد مسؤول الشركة أنها على استعداد تام لتشغيل أى عدد من الرحلات لصالح إحدى أو بعض شركات السياحة، وعلى الفور، وبدون هامش ربح على الإطلاق، على أن تقوم هذه الشركات بتحمل تكلفة التشغيل فقط، وذلك دون مزايدة على الشركة الوطنية والعاملين بها، وهى الشركة التى تهب فى المواقف الصعبة لتضطلع بالمسؤوليات الجسام فى خدمة مصر والمصريين، وليس أدل على ذلك أكثر مما قامت به الشركة فى نقل المصريين من ليبيا، وحتى فى إجلاء المصريين من اليابان ذاتها بعد كارثة الزلزال. أما التعليق فهو: أولا: أحب أن أشكر فى البداية مسؤولى «مصر للطيران» على اهتمامهم بالرد، وعلى شجاعتهم الأدبية فى عدم نفى الواقعة، وعلى اعترافهم بالخطأ ومحاسبتهم من تسبب فيه، وعلى عرضهم الذى قدمته لشركات السياحة المصرية. ثانيا: ولكن هناك إصرار من مسؤولى الشركات السياحة المصرية على أن حظر السفر إلى مصر تم رفعه، وأخبرنى أحد مسؤولى الشركات السياحية عن شكوى تقدم بها السفير اليابانى لوزارة الخارجية بعد أن صرح مسؤول ب«مصر للطيران» فى أحد البرامج الصباحية تعليقا على المقال مبررا وقف الرحلات بهذا الحظر، وهو تصريح اعتبرته السفارة اليابانية يضر بعلاقات البلدين، وهناك إصرار أيضا من مسؤولى الشركات على أنهم يمتلكون حجوزات مقدمة لأعداد، ليست قليلة من السائحين اليابانيين، بدليل أن شركة الطيران القطرى تقوم بعدد كبير من الرحلات أسبوعيا بين البلدين. ثالثا: إذا كان الموظف الذى أرسل الخطاب باجتهاد شخصى قد فعل ذلك بسبب حجم الضغوط عليه من شركات السياحة اليابانية التى تستفسر عن مواعيد الرحلات الجديدة، فهذا يعنى أنه هناك إقبال بالفعل.. لماذا لا تهتم الشركة بتطوير هذا الإقبال حتى تحقق ما يعوض تكاليف الرحلات؟ رابعا: اعترفت «مصر للطيران» بخطأ أحد موظفيها، ووقفت الرحلات، لأنها تخاف أن تتهم بإهدار المال العام، بينما يرى رجال السياحة أن الخسائر المتوقعة ليست بالشكل الذى يتصوره مسؤولو الشركة، وبقى أن يلتقى الطرفان فى نقطة ما تخدم البلد قبل أن تخدم أيّا منهما، وعلى «مصر للطيران» أن تحتضن وقفة الشركات السياحية الاحتجاجية يوم السبت القادم، وتحولها إلى ورشة عمل لتحقيق الفائدة للجميع. خامسا: ولكن.. قبل أى شىء مطلوب من شركة مصر للطيران أن ترسل إلى جميع شركات السياحة اليابانية التى روّعها خطاب التحذير من السفر إلى مصر، عليها أن ترسل إليها ما ينفى هذا التصور وتخبرها بأنه مجرد خطأ من موظف، وأن تصارحها بالحقيقة حماية لسمعتنا. عقاب الموظف سيؤكد أن إدارة شركة مصر للطيران إدارة حازمة.. لكن تصحيح الصورة سيؤكد أنها إدارة وطنية، وهو القصد أولا وأخيرا من إثارة الموضوع الذى سأظل أتابعه حتى وصول أول فوج يابانى على طائرة تحمل اسم مصر.