يعتبر "الجفاف" أحد التحديات التي يواجهها العراق فلا تقتصر أزمة المياه في هذا البلد على تلوثها فقط، بل وصل الأمر إلى ندرة المياه وشحها بشكل كبير مما فاقم معاناة العراقيين، ويشكل نقص المياه أحد أخطر التهديدات للعراق مع انخفاض منسوبها إلى أدنى مستوى منذ 1931. وتعيش عدة مدن عراقية أزمة مياه تسببت فى توقف أغلب مضخات مياه الشرب، وانتشار أمراض بيئية وبائية أدت إلى نفوق أعداد كبيرة من المواشي، لا سيما في مناطق الأهوار (مسطحات مائية واسعة)، وتعرض مئات الأراضي المزروعة للجفاف. أسباب الجفاف وبحسب الخبراء يبقى السبب الرئيسي للجفاف هو تحويل وقطع الأنهار التي تصب في دجلة والفرات من قبل تركياوإيران، فالسنوات الأخيرة، شهدت إنشاء عدة سدود داخل تركيا على نهرى دجلة والفرات، مما تسبب فى تقليص مناسيب المياه المتدفقة إلى العراق. كما باشرت تركيا مؤخرا تشغيل سد "إليسو" على نهر دجلة، مما يشكل ضربة للزراعة في العراق ستظهر تداعياتها في مختلف نواحي الحياة. اقرأ أيضا: بعد تشغيل «إليسو» التركي.. هل يخوض العراق حرب مياه؟ وأثار هذا الأمر غضب العراقيين والقلق لدى السلطات التي تواجه في الأساس مشكلات بسبب النقص المزمن في الطاقة الكهربائية، بحسب "الشرق الأوسط". بالإضافة إلى ما سبق، يرجع الجفاف أيضا إلى قلة الأمطار وانعدامها في السنوات الماضية، والطرق التقليدية التي يتبعها الفلاحون في الزراعة التي تعتمد على الري "السيحي"، حيث يهدر العراق سنويا أكثر من 85% من كميات مياهه بسبب عدم مواكبة تطورات طرق الري الحديثة. الخاسر الأكبر تعتبر الزراعة هي الخاسر الأكبر نتيجة هذه الأزمة، كشفت وزارة الزراعة العراقية، أن مساحة الأراضي المزروعة في البلاد انخفضت إلى النصف مقارنة بالعام الماضي، إثر موجة الجفاف، وانخفاض منسوب نهري دجلة والفرات. اقرأ أيضا: بعد تسمم الآلاف.. «البصرة» تشهد كارثة إنسانية مهدي القيسي، وكيل وزارة الزراعة أوضح قائلا "إذا أردنا مقارنة المساحات المزروعة هذا العام مع العام الماضي يصل حجم الضرر إلى خمسين في المئة"، بحسب "الوكالة الفرنسية". وبسبب الجفاف الشديد العام الحالي، حظرت الوزارة زراعة الأرز والذرة والدخن والسمسم وزهرة الشمس والقطن التي تحتاج إلى الكثير من المياه. الحكومة العراقية كشفت أن الخسائر التي سيتكبدها العاملون في زراعة الأرز تبلغ 34 مليون يورو هذا العام. كما تأثرت الثروة الحيوانية بسبب نفوق الكثير من المواشي التي تعيش في الأهوار نتيجة العطش ففي محافظة ذي قار، نزحت أكثر من 400 عائلة من قراها لتستقر في مناطق لديها مصادر مياه أفضل من أجل قطعانها. الجفاف يعيد "داعش" لا يقتصر الأمر على الخسائر السابقة بل إنه سيصل إلى أبعد من ذلك، نتيجة المخاوف من عودة تنظيم "داعش" الإرهابي مرة أخرى، بعدما تم القضاء عليه في العراق. فعقب نجاح العراق فى حربه ضد تنظيم "داعش" ودحر التنظيم عسكريا، تستعد بغداد لمعركة جديدة مع التوقعات بعودة التنظيم مرة أخرى إذا استمر هذا الجفاف دون إيجاد حلول للقضاء عليه. حذرت دراسة رفعت إلى مجلس الأمن الدولي من مخاطر استعادة تنظيم داعش زخمه في العراق، إذا لم يتخذ خطوات سريعة للتخفيف من الجفاف. وتفيد الدراسة التي أعدتها مجموعة عمل حول المخاطر الأمنية ذات الصلة بالمناخ بطلب من الأممالمتحدة أن "الجمع بين الموارد المائية المحدودة، وارتفاع درجات الحرارة تقوض الموارد الأساسية للعراق وسبل معيشة الناس". اقرأ أيضا: المتظاهرون بالعراق يرفعون سقف مطالبهم.. و«العبادي» يفشل في امتصاص غضبهم وترى الوثيقة الصادرة أمس أن الفشل في التحرك ضد المخاطر المرتبطة بالمناخ ستزيد من مخاطر حصول "داعش" أو غيرها من الجماعات الإرهابية على الدعم واستعادة قوتها في المجتمعات ذات الموارد المحدودة. وتراجع تدفق الأنهار بنسبة 40 في المئة في العقود الأخيرة وما يزال مستمرا، مما يهدد الأمن الغذائي والمائي للسكان. وتعتبر الدراسة أن "الاختفاء التدريجي للمياه وأزمة الزراعة هما نتاج التغيير المناخي، وانخفاض هطول الأمطار غير المنتظمة، بالإضافة إلى تقلص تدفق مياه (الأنهار) من إيرانوتركيا وأنظمة الري السيئة بسبب الضرر الناجم عن الحروب ونقص الاستثمار، كما أن الافتقار إلى إدارة ملائمة للمياه يؤدي إلى تفاقم هذه التهديدات. ويطالب الخبراء بعثة الأممالمتحدة في العراق بمراقبة مخاطر التغيير المناخي وتقديم تقارير عنها لدعم السلطات من خلال إدخال المناخ والتهجير في خططها خلال فترة ما بعد تنظيم داعش، بحسب "أخبار العراق". وبالنسبة لواضعي الدراسة، فإن الزراعة هي القطاع الذي يشغل أكبر عدد من الوظائف في العراق بعد النفط، لكن ميزانيتها محدودة، وينطبق الشيء ذاته على وزارة الموارد المائية التي لا تملك الأموال لتحديث بناها التحتية. بالإضافة إلى ذلك، لم يوقع العراق اتفاقيات رسمية مع جيرانه من أجل التوزيع العادل للموارد المائية، ويهدد نقص المياه بنزوح 7 ملايين شخص يعيشون على ضفاف الأنهار، كما أنه من المرجح أن تؤدي ندرة المياه إلى زيادة التوتر في المجتمعات الريفية. وتمكنت القوات العراقية العام الماضي من طرد تنظيم "داعش" من جميع المدن والمراكز الحضرية في البلاد، لكن المتطرفين يوجدون في مناطق صحراوية قرب الحدود السورية. اقرأ أيضا: إسرائيل توشك على الجفاف.. «تل أبيب» تناشد مواطنيها ترشيد المياه وفي إطار البحث عن البدائل للتغلب على تلك الأزمة الحادة، أقدم العراقيون على حفر الآبار المنزلية للحد من تأثير الجفاف عليهم، لا سيما أن موجة الحر في تزايد، مما زاد من عبء المواطن وتكلفة مصاريفه اليومية إلى جانب أزمة الكهرباء المتفاقمة.