تتسارع وتيرة الأحداث بشكل ملحوظ في ملف كوريا الشمالية، فالأطراف التي ظنها المجتمع الدولي المعادية الأولى لنظام زعيم بيونج يانج "كيم جونج أون"، باتت الآن على أتم استعداد للتلاحم الاقتصادي والتجاري وحتى السياسي مع كوريا الشمالية، مما يضع الولاياتالمتحدةالأمريكية في مأزق بالغ الصعوبة أمام العالم. الولاياتالمتحدة التي ظلت على مدار سنوات طويلة تتخذ من حلفائها في منطقة شرق آسيا، وعلى رأسهم اليابانوكوريا الجنوبية حجة للتدخل بقوة للوقوف أمام التهديد الشمالي، غير أن واشنطن باتت تفتقد لأدنى مستويات السند في موقفها أمام بيونج يانج. «الوجوه المتعددة».. سياسة كوريا الجنوبية في التعامل مع جارتها الشمالية وحملت الأيام القليلة الماضية العديد من التطورات على مستوى الملف الكوري الشمالي، أولها عندما أعلنت كوريا الجنوبية مبدأ خاص بها في التعامل مع جارتها الشمالية، والذي يكفل للطرفين إمكانية تعميق العلاقات التجارية والاقتصادية، بالإضافة إلى إدخال عدد من المجالات غير السياسية في نسق التعامل بين الكوريتين. ووفقًا لتقارير إعلامية، عقدت اليابان اجتماعًا "سريًا" مع كوريا الشمالية في فيتنام خلال شهر يوليو الماضي، وذلك دون إبلاغ الولاياتالمتحدة، حيث عُقدت محادثات بين شيجيرو كيتامورا رئيس مكتب الاستخبارات والمعلومات في الحكومة اليابانية مع كيم سونج هاي، وهو مسؤول كوري شمالي كبير، وهو يتولى ملف توحيد الكوريتين في النظام الحاكم ببيونج يانج. صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، رأت أن قرار اليابان بعدم إبلاغ حكومة الولاياتالمتحدة بالاجتماع، تسبب في حالة من الانزعاج لكبار المسؤولين في الإدارة الأمريكية. طوكيو بعثت بالعديد من الإشارات غير المقصودة من خلال اجتماع مسؤوليها مع نظرائهم في كوريا الشمالية، أهمها على الإطلاق -حسب الصحيفة الأمريكية- هو قلق اليابان المتزايد من أنها لا تستطيع البقاء في الاعتماد على الولاياتالمتحدة للضغط نيابة عنها فيما يتعلق بالقضايا المحلية الرئيسية مثل اختطاف مواطنيها في كوريا الشمالية. هل خدعت كوريا الشماليةواشنطن مجددًا بشأن أسلحتها النووية؟ واعترف مسؤولو طوكيو، الذين رفضوا التعليق على تقارير الاجتماع السري مع نظرائهم في كوريا الشمالية، بأن التفاوض بشأن عودة المخطوفين، هو ملف لا يمكن أن يعتمدوا فيه على الولاياتالمتحدة، خاصة وأن ترامب لم يتطرق للحديث عن هذه القضية الحيوية خلال اجتماعه مع زعيم كوريا الشمالية في سنغافورة يونيو الماضي. اختطاف مواطني اليابان في كوريا الشمالية، كان أحد أهم الأمور التي أثارت منذ زمن طويل حالة من الصراع بين البلدين، فخلال الفترة من عام 1977 وحتى 1983 اختطفت كوريا الشمالية 13 مواطن ياباني، وتم الإعلان عن ذلك بشكل رسمي في بيونج يانج، فيما أكدت طوكيو أن عدد المخطوفين 9 فقط. لطالما سعت طوكيو إلى عودة عشرات المواطنين اليابانيين الذين اختطفتهم بيونج يانج في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، وهو الأمر الذي تم استغلاله سياسيًا داخل اليابان، حيث تمكن من خلال هذا الأمر رئيس الحكومة شينزو آبي من أن يشق طريقه للسلطة بالحديث المتكرر عن مجهوداته في هذا الصدد. وفي الوقت الذي يستعد فيه للحصول على ولاية ثالثة في رئاسة الحكومة اليابانية، تظل القضية حجر عثرة في تطبيع العلاقات الدبلوماسية بين طوكيووبيونج يانج، وهو الأمر الذي زاد من صعوبة التعامل مع مستجدات الأوضاع في منطقة شرق آسيا. بعد تعثر المفاوضات مع أمريكا.. كوريا الشمالية تركز على الاقتصاد ومن ناحية كوريا الجنوبية، والتي كانت بداية انطلاق سياسة جديدة للتعامل مع جارتها الشمالية، فإن القلق دفعها لاتخاذ العديد من الإجراءات في هذا الصدد، حيث أرسل الرئيس الكوري الجنوبي مون جاي رسالة واضحة المعالم للولايات المتحدة، أعرب خلالها عن قلقه إزاء الأوضاع في كوريا الشمالية، مشككًا في مدى التزام الأخيرة بالبنود المتفق عليها مسبقًا في قمة ترامب - كيم الشهيرة. وحسب ما جاء في تقرير واشنطن بوست، فإن كوريا الجنوبية لم تعد خائفة من نظيرتها الشمالية فقط، بل امتد الأمر ليشمل أيضًا تواجد القوات الأمريكية في خط عرض 30، وهو قد يكون أحد العوامل المهددة لسيول أيضًا، ومن ثم فإن كوريا الجنوبية قد تتخلى عن معاهدة الدفاع المشترك مع الولاياتالمتحدة، حال إيجاد أرضية مشتركة مع جارتها الشمالية.