لا تزال العلاقات الدبلوماسية بين الولاياتالمتحدةوكوريا الشمالية لم تعرف طريقها نحو الاستقرار الذي يصل بمستويات التعاون بين البلدين، خاصة في ظل الصعوبات التي تعرقل عملية التواصل بالمستقبل القريب، نتيجة للقدرات النووية التي تتمتع بها بيونج يانج، والتي تمثل تهديدًا صريحًا لحلفاء الولاياتالمتحدة بمنطقة شرق آسيا مثل اليابانوكوريا الجنوبية. الكاتب الأمريكي بيني أفني يرى أن التعهدات التي أطلقها الجانبان بعد قمة سنغافورة الشهيرة خلال الأشهر الماضية، لم تكن سوى أحد مظاهر الدبلوماسية الخادعة، والتي حاول كلا الجانبين من خلالها إظهار وجه رائع للشخص الآخر، إلا أن ذلك لم يكن كافيًا لاستقرار الأوضاع بشكل واضح خلال الآونة الأخيرة، لا سيما في الوقت الذي لجأت فيه كوريا الشمالية إلى المماطلة كسلاح لكسب بعض الوقت أمام الاستعجال الأمريكي، بحسب "نيويورك بوست". هل خدعت كوريا الشماليةواشنطن مجددًا بشأن أسلحتها النووية؟ حالة المماطلة دفعت العديد من الأوساط السياسية في كوريا الجنوبيةواليابان للإعراب عن قلقها الواضح إزاء ما وصفوه بالتعامل غير الجدي من كوريا الشمالية في ملف تفكيك قدراتها النووية، والذي اعتبروه شرطًا أساسيًا للموافقة على التصالح مع بيونج يانج أو حتى الجلوس معها على طاولة المفاوضات برعاية مباشرة من جانب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. ودفع القلق "كوريا الجنوبية" لاتخاذ العديد من الإجراءات في هذا الصدد، حيث أرسل الرئيس مون جاي رسالة واضحة المعالم للولايات المتحدة، أعرب خلالها عن قلقه إزاء الأوضاع في كوريا الشمالية، مشككًا في مدى التزام الأخيرة بالبنود المتفق عليها مسبقًا في قمة ترامب – كيم الشهيرة، وفقا ل"الكاتب". وعلى الرغم من التحركات التي اتبعتها "سيول" في الآونة الأخيرة، إلا أن ذلك لم يمنع الحديث عن بعض النقاط المغرية لكوريا الشمالية وزعيمها، حيث تخطط سيول لقمة ثالثة في بيونج يانج مع كيم في سبتمبر، كما أن الأيام القليلة الماضية شهدت أيضًا الإعلان عن خطط للمناطق الاقتصادية المشتركة بين البلدين، وذلك في إطار رغبة الكوريتين لتوثيق الترابط بين الجانبين عن طريق خط السكك الحديدية. وترى كوريا الجنوبية أن الولاياتالمتحدةالأمريكية متشككة وتشاركهم نفس القلق إزاء الموقف الكوري الشمالي، لكن خارطة طريق لنزع الأسلحة النووية في بيونج يانج، قد تجعل واشنطن تتحمل المزيد من الضغوط للوقوف على موقف ثابت لبيونج يانج، بحسب الصحيفة الأمريكية. كيف نجح زعيم كوريا الشمالية في إخضاع ترامب لعقد القمة؟ وقال مسؤول كوري لصحيفة كوريا تايمز: "سيزور وزير الخارجية مايك بومبيو بيونج يانج للمرة الرابعة في أغسطس، حيث تسعى واشنطن لإبقاء التعاون الوثيق مع كوريا الشمالية لضمان التحقق الكامل من الأسلحة النووية". ولا شك أن الصين لن تقف مشاهدة لهذه الأحداث المتتالية في ملف كوريا الشمالية، حيث يخطط الرئيس الصيني شي جين بينج لزيارة بيونج يانج أيضًا، وهو ما يعني رغبة واضحة من جانب بكين في إبقاء المستويات الحالية من العلاقات بين كوريا الشماليةوالولاياتالمتحدة، حتى بعد فرض عقوبات اقتصادية. ما الذي تريده كوريا الشمالية مقابل وقف تجاربها النووية؟ وفي الأممالمتحدة، يضغط الدبلوماسيون الروس من أجل التخفيف الرسمي من عقوبات مجلس الأمن على كوريا الشمالية، وتشاركها الصين في هذا التوجه، إلا أنه من غير المرجح مشاركة العديد من الدول في المجلس لهذه المساعي، لا سيما وأن الولاياتالمتحدة ترى أن بيونج يانج لا تزال لم تقدم العديد من التعهدات التي تضعها في موضع الثقة. فكوريا الجنوبية لم تعد خائفة من نظيرتها الشمالية فقط، بل امتد الأمر ليشمل أيضًا تواجد القوات الأمريكية في خط عرض 30، وهو قد يكون أحد العوامل المهددة لسيول أيضًا، ومن ثم فإن كوريا الجنوبية قد تتخلى عن معاهدة الدفاع المشترك مع الولاياتالمتحدة، حال إيجاد أرضية مشتركة مع جارتها الشمالية، وهو الأمر الذي تعول عليه "سيول" بقوة دبلوماسيًا لإنهاء التهديدات المختلفة التي تحيط بها.