بعد واقعة نزع قرنية أحد المتوفين بمستشفي القصر العيني، وما آثاره الأمر من جدال كبير خلال الفترة الماضية، بدأ الكثيرون في طرح أفكار ورؤي حول ضرورة وجود بنوك للأعضاء بمصر علي غرار دول أوروبية وعربية دخلت مبكرًا في هذا المجال، وذلك عن طريق تسجيل الأشخاص الراغبين في التبرع طلب كتابي للتبرع بأعضائهم حال تعرضهم لأي ضرر يؤدي لتوقف حياتهم إذا سمحت الحالة من الناحية الطبية، خاصة أنه سينقذ ملايين المرضي الذين يموتون سنويًا لحاجتهم لزراعة أعضاء كالكبد والكلي وغيرها من الاعضاء، إلا أن الأمر مازال يلاقي بعض الاعتراضات التي تري عدم جدوي وجود بنوك بالمفهوم الشائع لتجميد أعضاء بشريه بداخلها. وحددت المادتين 60 و 61 من الدستور آليات زراعة الأعضاء كالتالي: «لجسد الإنسان حرمة، والاعتداء عليه، أو تشويهه، أو التمثيل به، جريمة يعاقب عليها القانون. ويحظر الاتجار بأعضائه، ولايجوز إجراء أية تجربة طبية، أو علمية عليه بغير رضاه الحر الموثق، ووفقا للأسس المستقرة فى مجال العلوم الطبية، على النحو الذى ينظمه القانون». و«التبرع بالأنسجة والأعضاء هبة للحياة، ولكل إنسان الحق في التبرع بأعضاء جسده أثناء حياته أو بعد مماته بموجب موافقة أو وصية موثقة، وتلتزم الدولة بإنشاء آلية لتنظيم قواعد التبرع بالأعضاء وزراعتها وفقا للقانون». كم مريض ستنقذه بنوك الأعضاء؟ يقول الدكتور خالد سمير، أستاذ جراحة القلب بجامعة عين شمس، وعضو مجلس نقابة الأطباء السابق، إن مصر متأخرة 40 عامًا في مجال زراعة الأعضاء، وإن هذا التأخر ليس علي مستوي الدول العالمية فقط، ولكن علي مستوي الدول العربية أيضًا، مشيرًا إلي أن المملكة العربية السعودية تبيح التبرع بالأعضاء وأجازته من الناحية الشرعية من خلال مجمع الفقه الإسلامي بالمملكة، لاعتباره أنه صدقه جاريه للمتوفي بدلًا من ترك الجسد ليأكله الدود، وإعمالًا بالآية القرآنية «ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعًا». ولفت إلي أنه رغم إجازة الأزهر للأمر إلا أن هناك بعض الشيوخ الذين يرفضون، متابعًا: «المصريين لديهم عادات وتقاليد قديمه منذ عهد الفراعنه تتعلق ببناء المقابر وإقامة الشعائر الجنائزية وهو ما نهي عنه الرسول -صلي الله عليه وسلم، مضيفًا أن الأمر يتعلق بضرورة التوعيه من خلال التعليم ومنابر الإعلام المختلفه». وأوضح أنه علي سبيل المثال هناك أكثر من 50 ألف مريض يتعرضون للموت بسبب النقص في عمليات زراعة الأعضاء، ما يعني أن إنشاء بنوك للتبرع بالأعضاء سيساهم في خفض تلك النسبة بشكل كبير. وعن آلية عمل البنوك، قال أنه يتم تجميد الأعضاء التي يتبرع بها المتوفين في درجات حرارة منخفضه تصل ل70 درجة تحت الصفر، مشيرًا إلي أن الأمر يتطلب إعداد وتجهيز المستشفيات وهو ما يحتاج لتكلفه ماديه عاليه، إلا أنه في كل الاحوال تلك التكلفه الماضية أقل بكثير من التكلفه الباهضة لمرضي الفشل الكلوي الذين يدامون علي غسيل الكلي طوال أيام الأسبوع. مشروع قانون في الطريق قالت الدكتورة شادية ثابت، عضو لجنة الصحة بمجلس النواب، إنها ستتقدم بمشروع إنشاء بنك للأعضاء مثل أي دولة في العالم؛ لإتاحة الفرصة لغير القادرين لنقل الأعضاء، في دورة الانعقاد الثاني. وأوضحت أن بنك الأعضاء سيكون لنقل الأعضاء من المتوفين بإذن مسبق، وولايته ستكون تابعة لوزارة الصحة. وأضافت أنه ممكن للإنسان أن يكتب وصية ويوثقها في الشهر العقاري لنقل أعضائه بعد وفاته، قائلة: «نحتاج إلى تشريع جديد لتنظيم عملية نقل الأعضاء والقرنية». رئيس لجنة الصحة بمجلس النواب، الدكتور محمد العماري، قال إنه أنه لا يوجد أي مشكلة في إنشاء بنوك للأعضاء خاصة أنها منتشرة بكل بلاد العالم، ولكنها قد تحتاج لبعض الوقت لتطبيقها رغم أن مصر قطعت شوطًا في زراعة الكلي والكبد. ولفت إلي أن المطلوب من الإعلام أن يقوم بتشجيع المواطنين علي ثقافة التبرع لانقاذ حياة المرضي الآخرين، مشيرًا إلي أن حينما يكتب أحد المرضي في وصيته أن يتبرع بقرنيته بعد وفاته فإن ذلك ينقذ مريض آخر من العمي. لا حاجة للبنوك في المقابل، يري الدكتور عبد الحميد أباظه، مساعد وزير الصحة الأسبق، ورئيس اللجنة العليا لزراعة ونقل الأعضاء، أن إنشاء بنوك للأعضاء فائدته ليست كبيرة، سوي في القرنيات وهو مطبق بالفعل وتوجد بنوك للقرنيات أما الأعضاء الأخري ستكون مجرد تكلفه فقط. ولفت إلي أن الأزمة الحقيقية تكمن في عدم دراية البعض بأن هناك لجنة عليا لزراعة الأعضاء صدر قرار بتشكيلها عام 2014 استنادًا لقانون 5 لسنه 2010 والخاص بزراعة الأعضاء، يكون دورها بأن تكون مركزًا به قوائم بأسماء الراغبين في التبرع، والمرضي الذين في حاجة للزراعة. وأوضح أنه يري أن ذلك المشروع لا قيمه له من الناحية الطبية بالإضافة لكونه سيكلف الدولة مبالغ باهظة، متسائلاً: لماذا دائماً نبدأ من أي مشروع من الصفر علي الرقم من وجود قرارات سابقه تخص نفس الأمر. وأكد أن هناك قرار صادر بتشكيل لجنة عليا لزراعة الأعضاء وأمانة فنيه يكون دورها الإشراف علي ذلك الأمر بإنشاء شبكات علي الحواسب الآليه تتضمن بيانات الأشخاص الراغبين في التبرع والمرضي الذين هم في حاجة لزراعة أعضاء، وفي حالة حدوث أي حادث للأسماء الراغبه للتبرع يمكن أخذ العضو المطلوب وزرعه مباشرة، ما يعني أن الأمر لا يتطلب وجود بنك من الأساس لتجميد تلك الأعضاء، خاصة أنها من الممكن أن تؤدي إلي المجاملات-علي حد قوله. وأشار إلي أن حتي الآن حينما يذهب أحد الراغبين بالتبرع للشهر العقاري لتسجيل رغبته حال حدوث ضرر له، يجد أن الموظفين لا يعرفون شيئًا عن هذا الأمر. يشار إلي أن المادة 9 من قانون زراعة الأعضاء نصت علي: «تنشأ لجنة عليا تسمى (اللجنة العليا لزرع الأعضاء البشرية) تكون لها الشخصية الاعتبارية تتبع رئيس مجلس الوزراء، ويصدر بتشكيلها وتنظيم عملها وتحديد مكافآت أعضائها ومعاونيهم قرار منه بناء على عرض وزير الصحة. ويتولى وزير الصحة رئاسة اللجنة ويعين أمانة فنية لها، وتتولى اللجنة إدارة وتنظيم عمليات زرع الأعضاء وأجزائها والأنسجة، وتحديد المنشآت التى يرخص لها بالزرع وكذلك الإشراف والرقابة عليها وفقاً لأحكام هذا القانون ولائحته التنفيذية والقرارات المنفذة له. ويصدر وزير العدل بالاتفاق مع وزير الصحة قرارا بمنح صفة الضبطية القضائية للعاملين الذين يتولون الإشراف والرقابة على المنشآت المشار إليها وذلك فى حدود الاختصاصات الموكلة لهم فى هذا القانون ولائحته التنفيذية والقرارات المنفذه له. وحددت المادة 10 اختصاصات تلك اللجنة فيما يلي: «تعد اللجنة العليا لزرع الأعضاء البشرية قوائم بأسماء المرضى ذوى الحاجة للزرع من جسد إنسان ميت بحسب أسبقية القيد فى السجل المعد لذلك، ولا يجوز تعديل هذه الأسبقية إلا إذا كان المريض فى حاجة ماسة وعاجلة لعملية الزرع وفقاً للقواعد الطبية والإجراءات التى تحددها اللجنة العليا، ولا تسرى هذه القوائم على الزرع فيما بين الأحياء. ولا يجوز بأي حال من الأحوال تخطي الترتيب الذي أوردته القوائم المذكورة بسبب عدم قدرة المريض على دفع نفقات عملية الزرع. وتحدد اللائحة التنفيذية لهذا القانون الضوابط الخاصة ببيان الأسبقية المشار إليها طبقاً للظروف المرضية، وكيفية حفظ سجلات القيد، والإجراءات الخاصة بحالات العجز عن السداد، والرجوع على المرضى القادرين بنفقات العملية». ونصت المادة 11 من ذات القانون، علي أن تتكفل الدولة بنفقات إجراء عمليات زرع الأعضاء فى المنشآت الطبية المرخص لها، وذلك بالنسبة إلى كل من يعجز عن السداد ممن حل عليه الدور وفقاً للضوابط التى يصدر بها قرارا من وزير الصحة. وينشأ صندوق للمساهمة فى نفقات نقل وزرع الأعضاء والأنسجة لغير القادرين يتبع وزير الصحة وتتكون موارده من - ما تخصصه الدولة فى الموازنة العامة. - حصيلة الغرامات الموقعة على المخالفين لأحكام هذا القانون. - الرسوم التى تحصل طبقاً لهذا القانون. بنوك الاعضاء بالخارج وتتيح المملكة العربية السعودية التبرع بالأعضاء عن طريق بطاقات التبرع والتي تهدف إلى تشجيع السكان على تعبئة إستمارة تبرع تتيح للفرد بعد وفاته التبرع بأعضائه لمريض آخر قد يكون في أشّد الحاجة إليها وهو مايسهل على ذوي المتوفين دماغياً إعطاء الموافقة على التبرع بأعضاء ذويهم المتوفى احتراماً لرغبتهم الشخصية. ووفقا للموقع الرسمي للمركز السعودي للتبرع بالأعضاء،فإن عدد بطاقات التبرع بالأعضاء الموزعة حوالي تلاثة ملايين بطاقة تبرع. وأوضح المركز عبر موقعه الرسمي أن أي شخص يستطيع إبداء الرغبة في التبرع بالأعضاء ولكن لتحقيق ذلك لابد من توافر الشروط التالية فيه: «أن يكون المتبرع سليماً من الناحية الجسدية ومستقراً من الناحية النفسية ألاّ يقل عمر المتبرع عن 18 عاماً. ألاّ يكون المتبرع مدمناً على المخدرات أو على الأدوية الضارة بالكبد أو على الكحول. مع إمكانية تغيير الرغبه في أي وقت».