في مصر.. أكثر من150 ألف مواطن يتعلقون بأهداب الأمل. زراعة القرنية باتت حلمهم الأعظم للخروج من الظلام إلي النور ومن الموت إلي الحياة.. طابور الانتظار طويل ومرارة الانتظار اطول والقرنيات المستوردة ثمنها لا يقل قسوة عن المرض.. قائمة الانتظار الطويلة ربما تمتد لعشر سنوات والمريض هو الضحية.. الأهرام المسائي اختار عشوائيا عددا من الأسماء التي ضمها دفتر الانتظار في بنوك العيون واتصلنا بأصحابها فكان من بين هذه الحالات ثروت عبدالنبي شمس من قرية قصر بغداد بطنطا وطالب بالفرقة الثانية بكلية العلوم ويحكي عمه محمد شمس حيث يقول إنه يعاني اصابته بالقرنية المخروطية منذ عام2006 وقام باستخراج قرار علاج علي نفقة الدولة بمبلغ10 آلاف جنيه في نفس العام وتم تحويله علي مستشفي المنيل الجامعي ثم تم تعديل القرار علي المركز القومي للعيون بروض الفرج وعلي الفور توجه بصحبة ابن أخيه للمركز لبدء رحلة العلاج الا انه فوجيء بانه مطلوب منه تسجيل اسمه ضمن قائمة الانتظار حيث أفادو المسئولون بأنه عند تحديد موعد لإجراء العملية سوف يتم ابلاغه تليفونيا لكنه يئس من طول فترة الانتظار التي وصلت إلي عامين. ويضيف ان احد مسئولي البنك افاده بوجود شركة خاصة يتم التعامل معها شريطة دفع مبلغ5 آلاف جنيه اضافة إلي ضم قرار العلاج لهذا المبلغ الا أنه رفض هذا الطلب وقرر اجراء العملية في مستشفي خاص خوفا من تدهور حالة ابن أخيه وضياع دراسته الجامعية. وتقول ثناء عبدالباسط60 عاما من الجيزة انها تعاني وجود مياه بيضاء علي عينيها وتم اجراء عملية لها لكن افادها أحد الأطباء بوجود ضعف في الشبكية قد يسبب عدم الرؤية فنصحوها بضرورة الاسراع بزرع قرنية الا ان امكاناتها المادية لا تستطيع تحمل تكاليف العملية التي قد تصل إلي20 ألف جنيه. وتضيف انه تم تسجيل اسمها ضمن قائمة الانتظار وعلي الرغم من مرور عدة سنوات الا انه لم يأت دورها حتي الآن. أما صبرة إبراهيم52 عاما من المنوفية فتقول إنها تعاني من وجود مياه بيضاء علي عينيها الأمر الذي دفعها إلي اجراء عملية في المركز القومي للعيون بروض الفرج وأثناء العملية أصيبت بجرح في القرنية نتيجة خطأ احد الأطباء ولم يبلغها احد بما حدث الا انها اكشتفت ذلك عندما توجهت لقصر العيني وأفادها المسئولون بأنها في حاجة لزراعة قرنية. ويقول محمود حسين عبده من البدرشين انه يعاني شرخا في عينه اليمني وشخص له الأطباء حالته بأنها عتامة شديدة ومياه بيضاء وافادوه بضرورة اجراء جراحة ترقيع قرنية وازالة المياه البيضاء وزرع عدسة. ويضيف انه توجه للقصر العيني لإجراء العملية الا أن احد الأطباء أبلغه بتسجيل اسمه ضمن قائمة الانتظار لحين مجيء دوره لكنه رفض وتوجه لاجراء العملية في مستشفي خاص خوفا من ضياع بصره, ويتساءل ماذا يفعل المريض الفقير ينتظر في قائمة ام يفقد بصره؟ استمرار هذه الحالات وغيرها الكثير علي قوائم الانتظار منذ اكثر من عامين يثير الكثير من علامات الاستفهام فهل يرجع السبب إلي عدم وجود بنوك للقرنيات؟ ام لعدم وجود قرنيات من الاساس؟ وهل القانون مفعل أم لا؟ ومن المقصر في ذلك وما البدائل المتاحة؟ أزمة بنوك القرنيات يعلق الدكتور عبدالعظيم يوسف استشاري طب وجراحة العيون علي ازمة بنوك القرنيات حيث يقول إن الدولة لم تفكر في هؤلاء الذين تعدوا150 الف حالة علي مستوي مصر سوي باصدار قانون ينظم مسألة القرنيات ويشترط موافقة اهل المتوفي علي التبرع بقرنية خاصة وأن الحصول علي قرنية أمر صعب للغاية, و النتيجة الطبيعية لذلك هي الزيادة المستمرة في قوائم الانتظار فلايحصل أحد علي دوره الابعد سنوات.( ويضيف أن القانون رقم(79) لسنة2003 الصادر بتعديل بعض أحكام القانون رقم(103) لسنة1962 في شأن اعادة تنظيم بنوك العيون رخص لأقسام طب وجراحة العيون في الجامعات المصرية بانشاء بنوك لحفظ قرنيات العيون للاستفادة منها في ترقيع القرنية وفقا لشروط تحددها اللائحة التنفيذية للقانون,كما أنه أجاز انشاء هذه البنوك في المستشفيات أو الهيئات أو المراكز أو المعاهد بقرار من وزير الصحة بالاضافة الي أن القانون حدد أيضا مصادر الحصول علي القرنيات من ثلاثة مصادر وهي قرنيات عيون الأشخاص الذين يوافقون موافقة كتابية علي نقلها بعد وفاتهم بدون مقابل, وقرنيات قتلي الحوادث الذين تأمر النيابة العامة باجراء الصفة التشريحية لهم وقرنيات عيون الموتي في المستشفيات والمعاهد والمراكز المشار اليها بالقانون والذي يجمع ثلاثة من أطباء رؤساء الأقسام المعنية علي نقلها وفقا للاجراءات التي تحددها اللائحة التنفيذية. ويتساءل اذا كان القانون يسمح بتوفير مصادر الحصول علي القرنيات فلماذا لاتحل مشكلة قوائم الانتظار ولماذا لم يتم تفعيل بنوك القرنيات ويطالب بضرورة أن يكون بنك العيون تابعا لجهة مستقلة وألا تكون له علاقة بالمستشفي. مخاطر الاستيراد الدكتورة انعام حامد موسي مديرة الادارة العامة لطب العيون بوزارة الصحة سابقا تقول ان القانون رقم(79) لسنة2003 يسمح بالحصول علي قرنية دون اذن من أهل المتوفي,لكن العمل بهذا القانون يرجع للأطباء أنفسهم ورغبتهم في الكسب السريع من خلال استيراد القرنيات بأسعار باهظة خاصة أن سعر القرنية الواحدة يصل الي26 ألف جنيه. وعن المخاطر المحيطة باستيراد القرنيات كبديل عن التبرع تقول ان استيرادها يمثل خطورة بالغة علي المرضي نظرا لاستيرادها من دول جنوب شرق آسيا التي يعاني أهلها أمراضا في القرنيات بسبب الفقر وتدني مستوي المعيشة مما يعرض المصريين للاصابة بهذه الأمراض. وتضيف ان المشكلة تكمن في المراكز الخاصة التي يديرها أساتذة الجامعات ويقومون باجراء مثل هذه العمليات للمرضي الفقراء بهدف التربح من ورائهم خاصة وأنها عملية تجارية بحتة علي حد قولها. (وتطالب بضرورة تفعيل عمل بنوك القرنيات لانقاذ المصابين بالعمي القرني خاصة أن قوائم الانتظار محجوزة لمدة لاتقل عن5 سنوات الأمر الذي يعرض المرضي للاصابة بالعمي الكلي نظرا لأن سحابة القرنية تدمر خلايا المخ والعصب البصري بشكل سريع ولن ينتظر المريض5 سنوات حتي يأتي دوره تراخي شديد ويحمل الدكتور حمدي السيد نقيب الأطباء ورئيس لجنة الصحة بمجلس الشعب الأسبق الأطباء مسئولية عدم تفعيل بنوك القرنيات لاسيما أطباء العيون في مستشفيات الجامعات مثل طب عين شمس, الاسكندرية, طنطاأسيوط ومعهد الرمد بروض الفرج خاصة وأن تقصير أطباء العيون وراء وقف تفعيل القانون رقم(79) لسنة2003 والمنظم لبنوك القرنيات. ويضيف لا أعرف اذا ما كانت هناك جهة للرقابة علي استيراد القرنيات وان كنت أعتقد أن مجلسا تابعا لوزارة الصحة لابد أن يتابع استيراد هذه القرنيات حيث اننا لانعلم نوعيتها اذا كانت من الدرجة الأولي أم الثانية أم الثالثة وهل تم اجراء الاختبارات اللازمة عليها للوقاية من أمراض الدم والايدز. حماية الأطباء وترجع الدكتورة سامية صبري أستاذة طب وجراحة العيون بكلية طب جامعة القاهرة قلة عدد البنوك المفعلة في مصر في ظل القانون الذي يسمح بزراعة وترقيع القرنيات الي عدم توفير حماية للأطباء القائمين علي هذه العمليات نظرا لتعرضهم للمساءلة القانونية أمام النيابة في حالة ورود أي شكوي من أهل المتوفي المتبرع بالقرنية اذا تم أخذ قرنية أحد المتوفين بالحوادث أو من يصرح القانون بأخذ قرنيتهم من المعاهد والمستشفيات الحكومية بالاضافة الي ضعف الدعم والترويج الاعلامي لفكرة التوصية بالتبرع بعد الوفاة. وتشير الدكتورة سامية بأصابع الاتهام الي الاعلام كسبب رئيسي لعدم تجاوب المجتمع بالتبرع بقرنياتهم حال وفاتهم خاصة أن بنوك العيون المصرية تعاني الأمرين لكي تؤدي رسالتها فعلي سبيل المثال بنك عيون عين شمس أغلق أبوابه لمدة10 سنوات وبنك عيون قصر العيني لمدة4 سنوات وقبل تلك المدة كان البنكان يؤديان رسالتهما علي أكمل وجه ولم تكن هناك مشكلات في الحصول علي قرنيات محلية من متوفين مصريين سواء في حوادث أو داخل المستشفيات لأن ذلك كان في ظل القانون رقم(103) لسنة1962 والذي تم تحديثه في عام2004 حيث يسمح من خلاله بالحصول علي القرنيات لمواطنين مصريين وتطالب بضرورة وجود شراكة بين تلك البنوك ووسائل الاعلام لتحفيز المجتمع علي التبرع بالقرنيات خاصة أنه لم يعد هناك حل سوي الاعتماد علي القرنيات المستوردة. ارتفاع التكاليف ويقول الدكتور عصام الطوخي مدير المركز القومي للعيون بروض الفرج ان عمي القرنية يعتبر من أسباب العمي في مصر نتيجة الاصابة بالتهابات مثل التراكوما أوالعيوب الخلقية القرنية المخروطية أو بعض العمليات التي تجري في العين أو اصابات العين خاصة في الأطفال. ويوضح ان العلاج يتم عن طريق أخذ جزء من قرنية المتوفي واستبدالها بقرنية أخري من البلاستيك خاصة وأنها عبارة عن جزء غير مرئي وحجمها أقل من11 ملي ولا تؤثر علي شكل أو جسم المتوفي لكن المشكلة تكمن في أن أهل المتوفي يبدون رفضهم بالتبرع بالاضافة الي أن المستشفيات التي تحدث بها الوفاة ترفض اجراء مثل هذه العمليات نظرا لغياب ثقافة التبرع لدي العاملين وعدم رغبتهم في الدخول في جدال أو نقاش مع أهل المتوفي من شأنه أن يسبب العديد من المشاكل. ويقول ان ماتوفره بنوك العيون في السنة يصل الي100 قرنية في حين أن عدد المحتاجين لزراعة القرنيات يصل الي150 ألف مريض الأمر الذي يجعلنا نضطر الي الاستيراد من الجامعات وبنوك العيون الأجنبية خاصة في ظل ارتفاع تكلفتها التي تصل الي10 آلاف جنيه بالاضافة الي مصاريف الشحن والرسوم, ويطالب بنشر ثقافة التبرع عن طريق وسائل الاعلام ووزارة الصحة وجميع الجهات المعنية لحل أزمة القرنيات في مصر.