يمضي الوقت ولا تزال العديد من النقاط لم تشهد حسمًا واضحًا في ملف خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، والمعروف عالميًا ب"البركسيت"، حيث شهدت محاولات لندن للخروج من اتفاقيات اليورو مستويات جديدة من التعقيد على مدار الأشهر القليلة الماضية، وتحديدًا في أعقاب إعلان عدد من الوزراء والمسؤولين الحكوميين استقالتهم من مناصبهم اعتراضًا على بعض الخطط المعنية بالخروح البريطاني من الاتحاد الأوروبي، وعلى رأسهم وزير الخارجية بوريس جونسون وديفيد ديفيس المسؤول الرئيسي عن خطط الانسحاب البريطاني من اليورو. للمزيد: استقالة الوزير المسؤول عن ملف خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ومع اقتراب الموعد المحدد لإعلان الانفصال الرسمي بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي في مارس العام المقبل، تظل العديد من الملفات تضغط على رئيسة الحكومة تيريزا ماي خلال الوقت الحالي، لا سيما بعد الاستقالات المتتالية في الحكومة البريطانية، الأمر الذي فتح المجال أمام إمكانية التكهن برحيل حكومة ماي خلال وقت قريب، خاصة في حال فشلها بإيجاد صيغة توافقية مع الاتحاد الأوروبي بشأن شكل العلاقات فيما بعد البريكست، بالإضافة إلى الاستقرار على مصير التجارة الحرة بين الجانبين، وجميعها تراها بروكسل تكلفة منطقية للخروج من الاتحاد. وعلى مدار الأيام القليلة الماضية، برز بوريس جونسون باعتباره المرشح الأقرب لخلافة تيريزا ماي للمرة الأولى منذ عامين، في إشارة إلى أن استقالته التي كان سببها الرئيسي نسق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، قد أدت إلى تراجع كبير في حظوظ ماي بصفوف حزب المحافظين. اقرأ أيضًا:بعد سلسلة الاستقالات.. هل تنهار حكومة تيريزا ماي؟ وتظهر استطلاعات الرأي الجديدة أن وزير الخارجية السابق يسيطر على 29% من الدعم بين نشطاء المحافظين، مما يمنحه تقدمًا بفارق 10% عن أقرب منافس له، وهو وزير الداخلية ساجد جاويد. وحصل المرشح الأوفر حظًا في الاتحاد الأوروبي، جاكوب ريس موج، على 13 % من الأصوات، بينما حصل مايكل جوف على 7%، وحصل كل من ديفيد ديفيز وجيريمي هانت على حوالي 4% من الأصوات، وذلك وفقًا لاستطلاع رأي أجرته مؤسسة كونسيرفاتيف هوم البريطانية. وخلال الشهر الماضي، كان جونسون في المركز الخامس، حيث حصل على 8% فقط من الأصوات، لكن يبدو أن شعبيته تحسنت داخل حزب المحافظين منذ أن استقال بشكل مثير من مجلس الوزراء، احتجاجًا على نهج رئيسة الوزراء البريطانية بشأن خروج بلادها من الاتحاد الأوروبي. وتصدر جونسون للمرة الأولى الاستطلاعات الشهرية الخاصة بالخروج البريطاني من اليورو، والتي تُجرى عبر شبكات الإنترنت منذ عام 2016، وتحديدًا من أن قدم دعمه لحملة الخروج البريطاني. وسعت ماي إلى توحيد وزرائها المتحاربين خلف خطة خروج بريطانيا الجديدة، لا سيما وأن قائمة شروط الاتحاد الأوروبي التي تم طرحها في المفاوضات لم تلق قبولًا لدى العديد من مسؤولي الحكومة، إلا أن السلام الهش الذي اتسمت به الحكومة اللندنية قد تحطم عندما استقال كل من ديفيس وجونسون في غضون ساعات، مؤكدين أنهما لا يمكنهما تأييد مقترحاتها التي من شأنها أن تبقي بريطانيا على ارتباط وثيق للغاية بالاتحاد الأوروبي رغم الاستفتاء الشعبي بالانفصال. للمزيد: بريطانيا تصل إلى اتفاق مع بروكسل بخصوص «البريكست» جونسون الذي عُرف بموقفه الرافض لخطط الاتحاد الأوروبي، حيث حذر وزير الخارجية السابق من أن "حلم خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يحتضر"، وذلك خلال رسالة استقالته الشهيرة، حيث قال لماي إن خططها قد تعني أن بريطانيا تصبح "مستعمرة" للاتحاد الأوروبي. وتكمن المشكلة الرئيسية في خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في قائمة المطالب التي قدمتها بروكسل في هذا الصدد، وهو الأمر الذي صدَر أزمات كبيرة لخطة رئيسة الوزراء تيريزا ماي، حيث عانت بشكل رئيسي من رفض على المستوى الداخلي، لا سيما وأن العديدة من المسؤولين يرون ذلك خروج غير مكتمل من الاتحاد الأوروبي، فيما ترى أيضًا بروكسل أن هناك حاجة ضرورية لتأمين اتفاقيات التجارة الحرة بين الجانبين، وإلا ستكون الصفقة برمته خاسرة لليورو.