«أنا عاوزهم يكونوا مختلفين، أنا بكتب الشخصية وبنقي اللي يليق عليها، ومابحبش الممثل اللي يبقى نمطي وماشي على نمط واحد»، هكذا كان رد يوسف شاهين على سؤال في أحد اللقاءات التليفزيونية، عن المواصفات التي يبحث عنها في الوجوه الجديدة، فنماذج كثيرة أثبتت أنه لم يكن مُخرجًا تقليديًا يهتم بفنيات الإخراج فقط، بل كان يُطبق المبدأ الصحيح، وهو أن المُخرج الجيد هو الذي يختلف معه أداء المُمثل، تحدث كما تشاء عن كِبار كان أداؤهم مع يوسف شاهين مُختلفًا، أبرزهم كان النجم الكبير محمود المليجي، الذي خرج من أدوار الشر التي اشتهر بها، ليقدم شخصية «محمد أبو سويلم» في رائعة شاهين، فيلم الأرض. ولنفس السبب تجد أن يوسف شاهين يُعتبر المُخرج الوحيد في السينما المصرية، الذي أسند أدوار بطولة لشباب كانت بدايتهم الحقيقة، وقد صاروا نجومًا، رغم أن بعضهم لم يكن لديهم حلم التمثيل أصلًا.. وإن اختلفوا في الكثير من السمات، إلا أن أبطال شاهين تجمعهم صفات شكلية مشتركة مثل «الشعر الناعم، الطول المتوسط، الوسامة، الوجه المنحوت، الرقة في الحديث». عمر الشريف النجم الكبير عُمر الشريف كان من أول الوجوه الجديدة التي قدمها المخرج يوسف شاهين للسينما، حينما جعله البطل أمام فاتن حمامة في فيلم "صراع في الوادي"، الذي نجح بشكل واسع، ما جعل عمر الشريف وفاتن حمامة ثنائيا لا يفترق، ومن بعده قدما فيلم "صراع في الميناء". محسن محيى الدين محسن مُحيي الدين كان من أشهر الوجوه التي قدمها شاهين في دور البطل، فرغم أن الممثل قدم عددا من الأدوار قبل أن يعمل مع شاهين، إلا أن الأخير هو من أعطاه الفرصة ليكون رقم واحد، وائتمنه على أداء دور شاب فى فيلم «إسكندرية ليه»، الذى كان عبارة عن عرض لفصول من حياة شاهين الشاب العازم على اقتحام عالم الفن، وسط صراعات وحروب طاحنة، ولبراعة محيى الدين فى أداء دور "شاهين" شابًا. تكرر التعاون بينهما فى عدة أفلام هى "حدوتة مصرية"، الذي أكمل فيه سيرة شاهين، إلى جانب كل من "وداعًا بونابرت" و"اليوم السادس"، وهو الفيلم الأخير للثنائى، قبل أن يتجه "محيى الدين" إلى الإخراج بعد خلافه مع أستاذه، حيث شعر أن شاهين يُريد السيطرة عليه، وعلى أفكاره. هانى سلامة دخول هاني سلامة إلى عالم الشهرة والنجاح كان عن طريق الصدفة، عندما تقدم إلى شركة مصر للأفلام العالمية، بعدما طلبت وجوها جديدة، وأجريت له عدة اختبارات أمام الكاميرا، وتم ترشيحه لفيلم "عرق البلح" لكنه لم يؤده، ثم عاد لتجمعه الصدفة مع المخرج الكبير. وفي أول لقاء بينهما، سأله "شاهين" إن كان يهوى التمثيل، فأجابه بأنه يحب الغناء أكثر، فطلب منه أن يسمعه شيئًا، فغنى هانى، "أنا لك على طول" لعبد الحليم حافظ، في مشهدين تمثيليين، وقد أُعجب شاهين بأدائه وقال: "أنا عايز الواد ده بعبله"، وصار بعدها هاني سلامة نجم أفلام شاهين، بدأت ب«المصير» حينما كان هاني شابًا عُمرة 19 عامًا فقط وضع فيه شاهين ثقته وأعطاه بطولة فيلم كبير بجانب نور الشريف وليلى علوي ومحمود حميدة. خالد النبوى "رام" المهاجر و"ناصر" المصير، خالد النبوي التلميذ النجيب لأستاذه المغامر، الذي دفع به للبطولة بعدما اكتشفه من معهد الفنون المسرحية وأعجب به، خالد النبوي لم يحظ بفرصة البطولة إلا من خلال يوسف شاهين، وذلك خلال فيلم «المهاجر» عام 1994، ووضعه النجاح الكبير الذي حققه العمل على طريق النجومية، فقد شارك الفيلم في مهرجان «كان» السينمائي، وحصل النبوي على جائزة أحسن ممثل من مهرجان «جوهانسبرج». لكن العمل كان محل ضجة كبيرة، شهدها المجتمع المصري حينها، فاختيار شاهين ل«النبوي» أثار جدلًا كبيرًا من ناحية، والعمل واجه هجومًا حادًا من قبل مؤسسة الأزهر الشريف ومنع من العرض آنذاك، إذ تناول الفيلم قصة سيدنا يوسف. يقول خالد النبوي، في إحدى الندوات التي نظمها المركز الفرنسي الثقافي، عن المخرج الراحل: «يوسف شاهين هو صاحب الفضل عليا في أني أكون موجود في بؤرة الضوء المصري، هو اللي علمني لدرجة أنني لما طلعت بره اتعاملت مع ناس أكبر، واللي بنقدمه في مصر خلاني أحس إن الفرق مش كبير». أحمد يحيى اقتنصه المُخرج يوسف شاهين من عالم الرقص، الفن المحبب إلى قلبه، وجعله بديلًا محسن محيى الدين، حيث كان يرقص باليه، وقد اختاره بطل آخر فيلمه قدمه يحكي قصة حياته "إسكندرية نيويورك"، وقد قدم أحمد يحيى فى هذا الفيلم فصلا من رحلة المخرج العالمى شابًا فى الغربة، أثناء دراسته الإخراج بالولايات المتحدةالأمريكية. من المؤكد أن التشابه في اختيارات شاهين لهؤلاء الأبطال الشباب كان بناء على شعور داخلي بأن هؤلاء الأقرب له من حيث المظهر في شبابه، خاصة أن أغلبهم قدموا شخصيته التي تناولها في عدة أفلام له.