أثارت موافقة مجلس النواب، برئاسة الدكتور علي عبد العال، على مشروع قانون الحكومة بتعديل بعض أحكام القرار بقانون رقم 89 لسنة 1960، بشأن دخول وإقامة الأجانب فى مصر والخروج منها، والقانون 26 لسنة 1975 بشأن الجنسية المصرية، ردود فعل واسعة، لأنها تسمح للأجنبي المقيم في مصر بوديعة بنكية بقيمة 7 ملايين جنيه أو ما يقابلها بالعملة الأجنبية مدة 5 سنوات، بالحصول على الجنسية المصرية. فى دول كثيرة تمنح بلا مقابل.. لكن الجنسية المصرية عزيزة من جانبه قال الدكتور على عبد العال، رئيس مجلس النواب، إن الجنسية المصرية عزيزة ولا تباع ولا تشترى، مشيرًا إلى أن تعديلات قانون الجنسية وقانون تنظيم دخول وإقامة الأجانب فى مصر المقدمة من الحكومة تتماشى مع ما يحدث في كل دول العالم. وأضاف عبد العال، خلال الجلسة العامة: «كل العالم يأخذ بمبدأ إن شخص مقيم إقامة طويلة مستقرة ولا يرتكب أي فعل من شأنه أن يخل بأمن الدولة أو أن يعرض نظامها العام للضرر، بالتالي هذا الشخص كثير من الدول تمنحه الجنسية بلا مقابل، لكن نحن الجنسية عزيزة علينا ولجدية الطلب الذي يتقدم به وهو بوديعة معينة، ويمكن هذا يكون الهدف من مشروع القانون، والبعض قال 30 أو 40 سنة، لكن أقول إننا نعمل شروط أيضا للتأكد من جدية الطلب». مخالف للدستور فى المقابل يقول الدكتور فؤاد عبد النبي، أستاذ القانون الدستوري بجامعة المنوفية، إن موافقة مجلس النواب على مشروع قانون الحكومة الخاص بمنح الجنسية المصرية لغير المصريين مقابل وديعة في البنوك، يعتبر انتهاكا واضحا للدستور ولديباجة الدستور. وأوضح عبد النبي، فى تصريح ل«التحرير» أن ما يحدث يعد انتهاكا للهوية المصرية المنصوص عليها فى المواد 47، و48، و49، 50 فى الدستور المصري، مطالبًا أعضاء مجلس النواب بعدم استغلال المادة 59 التى تلزم الدولة بتوفير الأمن والأمان لمواطنيها ولكل المقيمين على أراضيها، لأن المشرع يقصد توفير حق العبادة وغيرها، ولم يقصد إعطاء الجنسية له. وأشار إلى أنه لا يصح منح الجنسية للأجانب والقياس بالخارج، لأن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية مختلفة، ولا يجب تشبيه أمريكاوفرنسا وإنجلتر بمصر، ولكن التشبيه يحدث عند تحقيق مبدأ العدالة وتكافؤ الفرص والمساواة. وتابع: «إذا تم منح الجنسية للأجنبي مقابل وديعة بنكية فى ظل الظروف الاقتصادية الحالية، سيتمكن كل من تسول له نفسه أيا كانت ميوله شراء الأراضى المصرية، وسنصبح مثل فلسطين فى يوم من الأيام». الجنسية المصرية أصبحت سلعة تباع وتشترى بينما قدم النائب هيثم الحريري، عضو تكتل 25-30 بمجلس النواب، مذكرة إلى الدكتور علي عبد العال، رئيس مجلس النواب، يعترض فيها على مشروع قانون يمنح الجنسية المصرية لمن يودع مبلغ 7 ملايين جنيه كوديعة، قائلا: «لقد شعرت بالخزي والعار لتقديم الحكومة هذا المشروع». وأشار الحريري إلى أن هذه الحكومة وبموافقة الأغلبية في مجلس النواب، جعلت من الجنسية المصرية سلعة تباع وتشترى مقابل جنيهات. وتابع موجها رسالته إلى رئيس البرلمان: «من المؤسف أنكم لم تمنحنى الفرصة كاملة للتعبير عن رأيي، بل وأمرت بحذف نفس الجملة التي ذكرها الرئيس عبد الفتاح السيسي أثناء مؤتمر صحفي عالمي في فرنسا، حيث ذكر أن مصر ليس بها تعليم أو صحة أو عمل». واستطرد: «أتمسك بهذه الكلمة لأنها تعبير عن فشل الحكومة الحالية في تحقيق مطالب الشعب الرئيسية»، مطالبا بتسجيل رفضه التام لتعديل أحكام القرار بقانون رقم 89 لسنة 1960، كما طالب بأن يكون التصويت النهائي بالاسم حتى يسجل التاريخ موقف كل نائب من هذا القانون. من سيطلب الجنسية المصرية؟ وفى نفس السياق رفض محمد أنور السادات، رئيس حزب الإصلاح والتنمية، مشروع القانون الذى وافق عليه البرلمان والخاص بمنح الجنسية المصرية لغير المصريين مقابل وديعة في البنوك، معتبرا إياها «فكرة غير مقبولة»، لأن الجنسية لا يتم شراؤها بالمال، وسيترتب على ذلك عواقب اقتصادية واجتماعية خطيرة. وقال السادات، إنه مهما كانت الأوضاع الاقتصادية حرجة للغاية، فذلك لا يعنى أن يتم منح الجنسية مقابل المال، وإذا كنا نريد أن نمنحها فقط للمستثمرين تشجيعا لمناخ الاستثمار فى مصر، فلا بد من شروط دقيقة ومدروسة أو حق إقامة طويل تجنبا لحدوث أي عقبات أو أزمات قد تواجهنا مستقبلا، مشيرًا إلى أن هناك سبلا ووسائل مختلفة يمكن بها أن نحقق العائد الذى سيعود علينا من منح الجنسية للأجانب. وتابع: «يجب الحذر وإدراك مخاطر وصول ممنوحي الجنسية المصرية إلى مناصب ووظائف حيوية بالدولة كالبرلمان ومؤسسات الدولة الأخرى إلى جانب مقتضيات الأمن القومي التي يجب وضعها في الاعتبار قبل الظروف الاقتصادية»، متسائلًا: من سيأتى لطلب الجنسية؟ وهل المواطن الأمريكي أو الفرنسي يحتاج للجنسية المصرية؟ التعديلات ونص مشروع القانون على أن يُستبدل بنص المادة 17 من قانون دخول وإقامة الأجانب بأراضي جمهورية مصر العربية والخروج منها، النص الآتى: «يُقسم الأجانب من حيث الإقامة إلى أربع فئات: أجانب ذوي إقامة خاصة، وأجانب ذوي إقامة عادية، وأجانب ذوي إقامة مؤقتة، وأجانب ذوي إقامة بوديعة». ونص التعديل في مشروع القانون على أن تضاف مادة جديدة برقم 20 مكررا لقانون دخول وإقامة الأجانب، تنص على أن الأجانب ذوي الإقامة بوديعة هم الأجانب القادمون للاستثمار في مصر والذين يقومون بإيداع وديعة نقدية لا تقل عن 7 ملايين جنيه مصري، أو ما يعادلها بالعملة الأجنبية. ونص التعديل على أن يصدر قرار من وزير الداخلية بتحديد المرخص لهم بالإقامة ومدتها، وتنظيم إيداعها واستردادها، والبنوك التي يتم الإيداع بها، وذلك بعد موافقة مجلس الوزراء. كما نص التعديل على أن تضاف مادة جديدة برقم (4 مكرر) لقانون الجنسية المصرية، الصادر بالقانون رقم 26 لسنة 1975، نصها كالآتى: «يجوز بقرار من وزير الداخلية، منح الجنسية المصرية لكل أجنبي أقام فى مصر إقامة بوديعة مدة خمس سنوات متتالية على الأقل، سابقة على تقديم طلب التجنس متى كان بالغا سن الرشد، وتوافرت فيه الشروط المبينة فى البند "رابعا" من المادة 4 من هذا القانون». ونص مشروع القانون على أن: «يصدر بشروط وقواعد تقديم طلب التجنس، قرار من وزير الداخلية، بعد موافقة مجلس الوزراء، وفى حالة قبول طلب التجنس، تؤول قيمة الوديعة للخزانة العامة للدولة، ويسري على من يمنح الجنسية وفقا لحكم هذه المادة ذات القواعد الواردة بالمادة (9) من هذا القانون». القانون يتماشى مع المصالح المصرية ولن يؤثر على الأمن القومي فى حين قال اللواء كمال عامر، رئيس لجنة الدفاع والأمن القومى بمجلس النواب، إن القانون يتماشى مع المصالح المصرية وليس به أي عوار يؤثر على الأمن القومي بل داعم له في الشق الاقتصادي، مشيرًا إلى أن الهدف من مشروع القانون إرساء نظام جديد لإقامة الأجانب في مصر، خاصة مع زيادة ظاهرة طلب الأجانب للحصول على الإقامة بجمهورية مصر العربية في ظل المتغيرات الدولية التي تشهدها المنطقة. وأوضح عامر أن إيداع وديعة نقدية بالعملة الأجنبية ليس غاية في حد ذاتها إنما مجرد تنظيم لإجراءات النظام المستحدث للإقامة بوديعة، مشيراً إلى أن إيداع وديعة نقدية بالعملة الأجنبية في البنوك المصرية استثمار غير مباشر، ويشجع الاستثمار العربي والأجنبي للدخول في المشروعات الاقتصادية بمصر، لافتًا إلى أن هناك فارقا بين الإقامة بوديعة والجنسية مقابل الاستثمار. وأشار إلى أنه بموجب القانون الجديد فإننا نأخذ بنظام الإقامة بوديعة، لأن الحصول على الجنسية مقابل الاستثمار يهدف للحصول على الجنسية بناء على شراء أصول معينة أو دفع مبالغ محددة في بعض المجالات التي تحددها الدولة وتعمل بها بعض الدول الأخرى، في حين أن الإقامة بوديعة تعني أن يطلب أحد الأجانب من الدول الشقيقة أو الصديقة الإقامة في مصر ويهدف إلى الاستثمار، ومن حقه بعد 5 سنوات من الإقامة طلب الحصول على الجنسية. وأكد عامر أن منح الجنسية حال طلبها من الأجنبي المقيم في مصر بوديعة لمدة 5 سنوات ليست حتمية، إنما جوازية، حيث يتم منح الجنسية لهذا الأجنبي إذا انطبقت عليه شروط الجنسية ووافقت الأجهزة المختلفة على منحه إياها، لافتًا إلى أن الوديعة مبلغ من المال بالعملة الأجنبية يودع بوديعة مجمدة دون فوائد بالعملة الأجنبية.