تفاخرت منظمة حلف شمال الأطلسي "الناتو" في تغريدة لها على حسابها الرسمي على موقع "تويتر"، بأن الدول الأربع التي وصلت إلى نصف نهائي كأس العالم، فرنسا وكرواتيا وبلجيكا وإنجلترا، من أعضاء الحلف. أمريكا فشلت في التأهل لنهائيات البطولة التي تستضيف مبارياتها، روسيا، والتي من سخرية القدر تعد العدو الرئيسي للحلف، الذي يمر بأزمة وجودية منذ وصول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى منصبه. شبكة "بلومبرج" الاقتصادية، سخرت من تغريدة الناتو قائلة "على الأقل تمكنت دول الناتو الأوروبية من القيام بشيء دون مساعدة أمريكا"، إلا أنها طرحت تساؤلًا أكثر أهمية، هل يمكن للحلف أن ينجو دون أمريكا؟ العديد من الخبراء العسكريين طرحوا السؤال نفسه منذ أن نجح ترامب في انتخابات الرئاسة الأمريكية عام 2016. وعلى الرغم من الانتقادات المستمرة من الرئيس الأمريكي تجاه أعضاء الحلف الأوروبيين، لعدم الوفاء بالتزاماتهم المالية في مجال الدفاع، إلا أنه من المستبعد أن يعلن ترامب انسحاب بلاده من الحلف خلال قمة الناتو المقرر عقدها في بروكسل في 11 و12 يوليو الجاري. وترى الشبكة أن انسحاب الولاياتالمتحدة من الناتو قد يستغرق وقتًا أطول مما قضاه ترامب في منصبه، كما أنه من المتوقع أن يرفض الكونجرس الموافقة على القرار. اقرأ المزيد: بوتين وترامب.. أكبر مشاكل «الناتو» إلا أن أعضاء الناتو الآخرين من الممكن أن يستفزوه، من خلال التأكيد على أن الحماية التي توفرها الولاياتالمتحدة ليست مهمة بالدرجة التي يعتقدها ترامب. حيث يمتلك أعضاء الناتو القدرة الكافية، نظريًا على الأقل، لمواجهة الأزمات الإقليمية، وردع روسيا، دون مساعدة من الولاياتالمتحدة. ففي العام الماضي، وفقًا للأرقام الرسمية للحلف، بلغ عدد قوات الأعضاء الأوروبيين في "الناتو" نحو 1.78 مليون جندي، في مقابل 1.3 مليون جندي تمتلكهم أمريكا، ومليون جندي في القوات المسلحة الروسية. كما تملك الدول الأوروبية في الناتو نحو 7 آلاف دبابة، ونحو 2612 مقاتلة، و382 مقاتلة هجومية، والتي ستكون كافية في مواجهة روسيا في حالة نشوب حرب كاملة. وتمتلك كل من فرنساوبريطانيا رؤوسًا نووية، أقل مما تملكه الولاياتالمتحدةوروسيا، ولكنها ستكون كافية للرد على أي هجوم نووي محتمل. فوفقًا للأرقام الرسمية تمتلك فرنسا نحو 300 رأس نووي، فيما تمتلك بريطانيا 120 رأسا نوويا، وهي أرقام أقل بكثير من ما يقرب من 4 آلاف رأس نووي تمتلكها أمريكا، 4300 رأس نووي روسي. اقرأ المزيد: هل يُعرِّض ترامب حلف الناتو للخطر؟ وتمتلك كل من فرنساوبريطانيا، القدرة على شن هجوم نووي، حيث تمتلك كل منهما ما يصل إلى 30% من أسطول الناتو، من الغواصات القادرة على إطلاق صواريخ باليستية. وعلى الرغم من أن النفقات العسكرية للدول الأوروبية الأعضاء في "الناتو"، لا تمثل سوى 39% من حجم الإنفاق الأمريكي العسكري، فإنها أكبر بكثير من النفقات العسكرية لروسيا والصين. وأشارت "بلومبرج"، إلى أن معظم حجم الإنفاق العسكري للدول الأوروبية في الحلف، يهدر على الهياكل الدفاعية للدول الثماني والعشرين، والأسلحة غير المتوافقة، إلا أنها أضافت أن ذلك قد يكون ميزة مستقبلية. فإذا أصبحت أمريكا، بطريقة أو بأخرى، دولة غير نشطة في الحزب، فمن المتوقع أن تصبح الدول الأوروبية في الحلف أكثر رغبة في زيادة التعاون، وذلك عن طريق تبسيط التعاون بين القوات على الأرض، وتوفير موارد هائلة، يمكن استثمارها بشكل أفضل. وعلى الرغم من الفكرة السائدة بأن الجيوش الأوروبية غير مجدية أو غير مستعملة مقارنة بالجيش الأمريكي، فإن تقريرا جديدا صادر عن مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، يكشف أن تسع دول أوروبية زادت من حصة قواتها المشاركة في الحرب ضد تنظيم داعش أكثر من الولاياتالمتحدة، ومعظم الدول الأوروبية في حلف الناتو. ومع ذلك، فبدون القدرات العسكرية للولايات المتحدة، حتى عمليات الناتو التي شارك فيها الأوروبيون بشكل أكبر من الولاياتالمتحدة، مثل الحملة على ليبيا في عام 2011، كانت ستحتاج إلى مزيد من الوقت والتخطيط والمخاطرة. اقرأ المزيد: قمة ترامب مع بوتين تثير قلق حلفائه الأوروبيين وبدون ضغوط من الولاياتالمتحدة، لم يكن ليتدخل الأوروبيون إلا في المناطق التي بها مصالح الاتحاد الأوروبي، وليس في مستنقعات مثل أفغانستان أو في أماكن لا تتطلب التدخل، مثل العراق. وقد يكون هناك المزيد من الموارد المتاحة لعمليات مثل "سي جارديان"، حيث تقوم سفن الناتو بدوريات في البحر الأبيض المتوسط وتساعد الاتحاد الأوروبي على محاربة الاتجار بالبشر وتهريبهم. وبدون حلفائها الأوروبيين، ستحتاج الولاياتالمتحدة من جانبها إلى إعادة النظر في عملياتها لإسقاط أنظمة في مناطق بعيدة من العالم، ففي أفغانستان عام 2011، ساهم الحلفاء الأوروبيون ب38 ألف جندي، أي ما يقرب من نصف عدد القوات الأمريكية، وبدون تلك المساعدة، كانت الولاياتالمتحدة ستنفق عشرات المليارات من الدولارات على عملياتها في الشرق الأوسط. على الرغم من ذلك، لا تزال الولاياتالمتحدة أكبر قوة عسكرية في العالم، ولكن لا ينبغي للحلفاء الأوروبيين أن يخجلوا من مواجهة تبجح ترامب.