منذ وصول الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى سدة الحكم، وهو يسعى إلى إعادة إحياء التاريخ العثماني، وذلك من خلال تدخله في الشرق الأوسط واستغلال أزماته لإحكام قبضته، وظهر ذلك جليا عقب فوزه في الانتخابات الرئاسية على حساب زعيم المعارضة محرم إينجه. البداية، نشرت صحيفة "إسرائيل هيوم" العبرية، اليوم، تقريرًا مطولًا زعمت من خلاله، وجود جهود تركية كبيرة للسيطرة على القدسالشرقية من خلال مشاريع مختلفة تنفذها في تلك المنطقة. وحسب الصحيفة، فإن تركيا تسعى لتعميق وجودها في القدسالشرقية، وتقوم بمشاريع منها إعادة ترميم منازل في الحي الإسلامي وتقديم مساعدات غذائية للسكان الفلسطينيين بهدف توسيع قبضتها على المدينة. ويقال أيضًا إن منظمات تركية غير حكومية تشرف على تلك المشاريع، إضافة لمشاريع أخرى منها تحفيز الوفود التركية على زيارة القدس، وجمع تبرعات من الأتراك لصالح القدس، ونقل شبان من القدس إلى تركيا للمشاركة في مؤتمرات، وفقا لما نقلته "صحيفة القدس". اقرأ أيضًا: مطامع أردوغان في عفرين.. «مجلس محلي» والسيطرة على «المتوسط» واعتبرت أن كل تلك الجهود توضح النشاط المتنامي للجمعيات التركية في محاولة لتعزيز نفوذ تركيا على سكان شرقي القدس. عضو الكنيست عنات بيركو، أكد أن النشاطات التركية في القدسالشرقية، خطيرة جدًا وتعتبر تخريبًا سياسيًا يحاول أن يبني مزيدًا من الكراهية ضد إسرائيل. وأضافت: "هذا انقلاب للإخوان المسلمين برئاسة أردوغان بهدف أسلمة تركيا"، داعية لوقف التدخل التركي في القدس، بحسب وكالة "سما". مساعي أردوغان التوسعية في الشرق الأوسط واستغلال أزماته، لا تخفى على أحد خاصة مع احتلال عفرين السورية وتمدده نحو منبج، وسواكن السودانية وأيضًا دول القرن الإفريقي، وأخيرًا وليس آخرا التوسع في شمال العراق بذريعة القضاء على الإرهاب. اقرأ أيضًا: تركيا تستعد لغزو العراق.. مؤامرة جديدة لقتل الهوية الكردية القرن الإفريقي فحينما نتحدث عن القارة الإفريقية، نجد أن أردوغان عكف على تطوير العلاقات مع دول القرن الإفريقي من منطلق فرض النفوذ، وباعتبار أن الأتراك لهم حق تاريخي في علاقات أقوى مع القارة الإفريقية. ضاحي خلفان قائد شرطة دبي السابق، قال في إحدى تغريداته: إن "مخطط تركياوقطر بوضع قاعدة شمال المملكة العربية السعودية في قطر، وقاعدة فى سواكن في الجنوب على نهاية الحدود السودانية، جاء لحماية تمرد إخواني يخطط له بحيث تبقى هذه القواعد جناحى حماية للتنظيم"، حسب صحيفة الإمارات اليوم. ولتأكيد ما سبق، خرج الرئيس التركي خلال زيارته إلى الصومال في أغسطس 2017، وعمد إلى إظهار الرحمة للشعب الذي يعاني من مجاعة مدمرة، وأخذ يوجه إنذارًا قويًا للقوى العالمية، بأن تركيا قامت بغزوة غير عادية في إفريقيا، باعتماد سلطتها الأخلاقية وليس نفوذها العسكري أو الاقتصادي، وفقًا ل"الأناضول". أضف إلى ذلك تحركات أردوغان في منطقة غرب إفريقيا بداية من كوت ديفوار وغانا ونيجيريا وغينيا، وهي الدول الأربع الأعضاء في المجموعة الاقتصادية "إيكواس"، والتي تشكل مركزًا للنفوذ الاقتصادي، تلاها العاصمة الإريترية أسمرا عام 2014، والتوسع في إثيوبيا من خلال ترميم القبور الأثرية والتاريخية، ثم الجزائر يليها موريتانيا وزيارته إلى السودان، واستحواذه على جزيرة سواكن المطلة على البحر الأحمر، بحسب الإمارات اليوم. اقرأ أيضًا: غزوة أردوغان لإفريقيا.. تحدّ للقوى العالمية وتعويض لخسائر تركيا غزو شمال العراق وفيما يتعلق بالشأن العراقي، نجد مزاعم تركية بضرورة القضاء على الإرهاب قبل أن يتمكن الإرهابيون من التسلل إلى الحدود، حيث تؤكد أن هناك شريطًا محميًا بطول 250 كيلومترا على جانبي الحدود، بحاجة إلى حماية، وهو مؤشر على إمكانية توغلها مجددًا، بحسب رئيس الوزراء بن علي يلدريم. ويعزو بعض المراقبين الأطماع التركية داخل الأراضي السورية والعراقية إلى استغلال أنقرة للخلاف الروسي الأمريكي بشأن الأوضاع في سوريا، بالإضافة إلى ما يتردد عن اتفاق روسي تركي إيراني على تقاسم مناطق النفوذ داخل سوريا، بحسب حرييت. احتلال عفرين وتتواصل انتهاكات أردوغان وطموحاته، حيث قام باحتلال مدينة عفرين السورية، في مسعى لإنشاء حكم ذاتي في المنطقة الحدودية، خالية من الأكراد. وأطلقت أنقرة عملية "غصن الزيتون" في 20 يناير 2018 في عفرين، على أن تمتد إلى مدينة منبج السورية مرورا بالحدود العراقية، لطرد وحدات حماية الشعب الكردية لخطورتهم على الأمن القومي التركي. يمكننا الإشارة إلى أن أردوغان يحاول تعويض الخسائر التي أثرت على تركيا عقب اندلاع ثورات "الربيع العربي"، وتوتر العلاقات مع روسيا، ومصر وسوريا وإسرائيل والاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلنطى "الناتو"، في مسعى لتعزيز نفوذه السياسي والدبلوماسي عالميًا.