«يا ليلة العيد آنستينا وجددتي الأمل فينا يا ليلة العيد».. بصوت قوي غنتها أم كلثوم لتضفي البهجة على مسامعنا، تجعلنا متحمسين للعيد، يرج صوتها الأرجاء والشوارع والحارات، ويستعد الأطفال بملابسهم الجديدة، تجتمع السيدات لصنع كعك العيد، فيشعر الجميع بالخير والسلام يعم المكان، وصناعة كعك العيد ليست عادة وليدة هذا العصر، بل هي عادة فرعونية ارتبطت بالاحتفالات المقامة طوال العام، كما ارتبطت بعض احتفالات إخواننا الأقباط بصناعة تلك الحلوى وتقديمها للضيوف، ولأن الكعك أيقونة مظاهر الاحتفال بعيد الفطر، سنتعرف على قصته كاملة: اعتادت زوجات الملوك في مصر القديمة تقديم الكعك برسمة قرص الشمس إلى الكهنة في المعابد والقائمين على حراسة هرم خوفو، وذلك وقت تعامد الشمس على حجرة الملك خوفو، وكان الكعك في ذلك الوقت يصنع من الدقيق والعسل، كما تنوعت أشكاله بين المستدير والمخروطي والمستطيل وكان أشهرها شكل قرص الشمس حتى سمى في العصر الفرعوني ب «القرص».. واعرف حدوتة البسبوسة من هنا. تطورت عادة صناعة الكعك في مصر القديمة ليصبح حلوى أساسية لا بد من تقديمها في أفراح المصريين القدماء وأعيادهم، إلى أن جاءت العصور الإسلامية فأصبح كعك العيد علامة مميزة لعيد الفطر المبارك. لم تتوقف صناعة الكعك على العصر الفرعوني فقط، بل انتقل إلى عصر الدولة الطولونية عام 905 م، حيث كان يصنع في قوالب خاصة مكتوب عليها «كل واشكر مولاك»، كما انتقل إلى عصر الدولة الإخشيدية وأصبح من مظاهر الاحتفال بالأعياد.. حدوتة أصابع زينب تجمع بين المأساوية والرومانسية المفرطة. وفي الدولة الفاطمية سمي ب«كعك حافظة» نسبة إلى أشهر صانعة الكعك في الدولة الفاطمية «حافظة»، كما يحتفظ متحف الفن الإسلامي ببعض هذه القوالب، وخلال هذا العصر أنشأ المعز لدين الله الفاطمي أول دار لصناعة الكعك وكانت تسمى «دار الفطرة» ويبدأ العمل فيها منذ منتصف شهر رجب إلى نهاية شهر رمضان.. واعرف القصة الخفية وراء حلوى أم علي من هنا. ومرورا بعهد الدولة الأيوبية، حاول صلاح الدين الأيوبي القضاء على عادة صناعة كعك العيد في محاولة منه للقضاء على جميع العادات الفاطمية، لكنه فشل في ذلك وظلت صناعة الكعك أبرز سمات الأعياد في مصر، ثم جاءت الدولة العثمانية عام 1261م فاهتمت بصناعة الكعك وتوزيعه على الفقراء ورجال الدين، واستمرت عادة صناعة كعك العيد من أهم مظاهر عيد الفطر المبارك حتى الآن.. كيف تحتفل دول العالم بعيد الفطر؟.