"أنت لست سوى كومة من اللحم..."، كلمات مسيئة ضد الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة أثارت غضب السلطات الجزائرية، هذه الكلمات تم بثها خلال فيديو سجلته وبثته صحفية جزائرية من داخل مقر البرلمان الأوروبي بالعاصمة البلجيكية بروكسل، مما أدى إلى تفجير أزمة دبلوماسية بين الجزائر والاتحاد الأوروبي. خلال الفيديو الذي نشرته الصحفية السابقة في التليفزيون الجزائري الحكومي ليلى حداد، انتقدت الأخيرة الحالة الصحية للرئيس الجزائري والوضع العام في البلاد، مما أثار غضب الحكومة الجزائرية، مؤكدة أن الفيديو جرى تسجيله داخل مقر الاتحاد ببروكسل. اقرأ أيضا : تعديل وزاري بالجزائر.. بوتفليقة يتمسك ب«أويحيى» ويتجاهل ضغط الشارع وظهرت حداد، المعتمدة لدى البرلمان الأوروبي خلال الفيديو وهي تخاطب الرئيس بوتفليقة قائلة: "أنت تجلس على كرسي متحرك بعينين بارزتين وفم مفتوح… أنت لست سوى كومة من اللحم غير قادرة على الحركة ومعروضة أمام العالم رغم استياء أمة بأكملها.. لا يجب التعامل معك كشيء بعد الآن.. إذا كانت هناك دولة قانون في الجزائر، يجب أن يُحاكم أخوك لأنه جعلك مادة للترفيه.. الجزائريون أصبحوا موضع سخرية العالم". خدمة أطراف مشبوهة وبعد تداول الفيديو أدانت الجزائر ذلك التصرف، ووصفت الصحفية بأنها "جانية وتخدم مصالح أطراف مشبوهة معروفة"، وطلبت من الاتحاد الأوروبي اتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف "التهكم على رموز الدولة الجزائرية ومؤسساتها". وزارة الخارجية الجزائرية قامت باستدعاء سفير بعثة الاتحاد الأوروبي في الجزائر جون أورورك، وأبلغته استنكارها وشجبها استغلال مؤسسات الاتحاد الأوروبي للتهجم على الرئيس بوتفليقة. وطلبت وزارة الخارجية الجزائرية "أن يعلن الاتحاد الأوروبي علنيا عن ابتعاده عن هذه المناورة" وأن يتخذ "إجراءات ملموسة ضد التصرفات اللامسؤولة" من جانب حداد وطالبته بالتحرك الفوري ضد الصحفية. اقرأ أيضا : سياسة التقشف تشعل الشارع الجزائري.. وبوتفليقة يعلن التحدي لكن بعد ساعات من استدعائه، نشر السفير الأوروبي تغريدة مثيرة للجدل على "تويتر" قال فيها "الصحفيون المعتمدون في الاتحاد الأوروبي يتحدثون باسمهم وآرائهم تلزمهم بصفة شخصية فقط"، وتابع: "نحن نحترم حرية التعبير". من جانبها، عبرت الخارجية الجزائرية عن استغرابها من تغريدة السفير الأوروبي، وردت عليه بأن "تصريحه ملزم له فقط ولا يعني الاتحاد الأوروبي". وردا على تغريدة السفير الأوروبي، قال الناطق باسم الخارجية الجزائرية بن علي الشريف، في بيان له، إنه "بالنسبة لنا إن تغريدة السيد أورورك لا تلزم إلا شخصه"، مضيفا: "ردا على إجراء رسمي (لم يذكره) ننتظر جوابا رسميا طبقا للأعراف والممارسات الدبلوماسية المكرسة". واعتبر أن تغريدة السفير الأوروبي "بعيدة تماما عما ينتظره الطرف الجزائري". وذكر الشريف أن "التغريدة ليست جوابا على موضوع استدعائه المتمثل في طلب توضيحات بشأن استغلال حداد لشعار الاتحاد الأوروبي والوسائل الموضوعة تحت تصرف وسائل الإعلام بمقر الاتحاد الأوروبي للتهجم على الجزائر ورموزها ومؤسساتها"، بحسب "هسبريس". اقرأ أيضا : حملة إلكترونية تستهدف المؤسسات الجزائرية.. والفاعل مجهول استغلال غير مقبول وبناءً على تعليمات وزارة الخارجية، قام سفير الجزائر في بروكسل عمار بلاني، باتخاذ خطوات عاجلة مع المؤسسات المختصة في الاتحاد الأوروبي. ونددت سفارة الجزائرببروكسل ب"الاستغلال غير المقبول" لرموز الاتحاد الأوروبي ومقر البرلمان الأوروبي من أجل المساس بشرف وكرامة المؤسسات الجزائرية. وجاء في بيان لسفارة الجزائرببروكسل "أنه عقب نشر صحفية مزعومة من أصل جزائري لشريط فيديو مهين يمس شرف وكرامة مؤسسات الجمهورية الجزائرية، قامت السفارة بإجراءات رسمية عاجلة لدى مسؤولي مختلف هيئات الاتحاد الأوروبي من أجل التنديد بقوة بالاستغلال غير المقبول لرموز الاتحاد الأوروبي والفضاء الذي يخصصه البرلمان الأوروبي للصحفيين المهنيين". وأشارت سفارة الجزائر إلى أن هذه المراسلة السابقة للمؤسسة الوطنية للتليفزيون ببروكسل قد تم فصلها بسبب "انعدام القيم الوطنية" و"سلوكها ثنائي القطب"، تأسف السفارة الجزائريةببروكسل لسلوك هذه "الصحفية التي ارتضت لنفسها تسخير صوتها وقلمها المرتزق لخدمة قوى أجنبية معادية للجزائر". اقرأ أيضا : «الحكومة الافتراضية» بالجزائر.. هل ستكون بداية لنهاية «أويحيى»؟ وعقبت الصحفية حداد على بيان السفارة الجزائريةببروكسل في منشور لها عبر موقع "فيسبوك"، مؤكدة أن "حرية الصحافة في دول الاتحاد الأوروبي خط أحمر". تجاوز للأخلاق من جانبه، اعتبر رئيس المجلس الشعبي الوطني بالجزائر السعيد بوحجة أمس، أن الأمر بمثابة "تجاوز للأخلاق والأعراف الدبلوماسية والسياسية"، مستنكرا "استغلال رمز البرلمان الأوروبي منبرا لنفث سموم حاقدة على الجزائر ومؤسساتها". وقال رئيس المجلس: "نستنكر بشدة استغلال رمز البرلمان الأوروبي منبرا لنفث سموم حاقدة على الجزائر ومؤسساتها ونعتبر ذلك أمرا خطيرا يتجاوز ضوابط الأخلاق والأعراف الدبلوماسية والسياسية"، معتبرا أن "هذه السقطة وما تخللها من افتراء وتزييف للحقائق وحقد على بلادنا ورموز مؤسساتنا، لن تنال من عزيمة الشعب الجزائري الذي يراقب الأحداث بوعي ويدلي في كل مرة بحكمه لرئيس الجمهورية بالإنجازات التي تحققت والتي تتحقق تحت قيادته الرشيدة"، بحسب وكالة الأنباء الجزائرية. الفيديو ومنع الاستيراد من جانبه، استبعد مصدر مطلع الربط بين إجراءات منع الاستيراد، المتخذة من طرف الجزائر والتي أثارت غضب الاتحاد الأوروبي أوائل السنة الجارية، والفيديو المثير للجدل، إلا أنه أكد أن المفاوضات مع أوروبا مستمرة لتعديل اتفاقية الشراكة، والتي لم يتم تطبيق إلا الشق التجاري منها ولصالح الاتحاد الأوروبي، قائلا: "لن نقبل الضغط علينا بسبب إجراءات الاستيراد بهذه الطريقة، فمصلحة وخزينة بلادنا أولى". وكشف المصدر لصحيفة "الشروق" الجزائرية، إمكانية أن تكون قصة الفيديو "المتهجم على مؤسسات الدولة الجزائرية" مقصودة، وأن تقف أطراف معينة خلفه، مؤكدا أن الكثير من أصحاب المصالح داخل الاتحاد الأوروبي "يكيدون للجزائر ويستهدفونها، وهناك أطراف ترغب في تشويه صورتها"، على حد قوله. في حين شدد على أن الجزائر لن تصمت وأنها ستصعّد الوضع أكثر في حال لم تتلق توضيحات من الطرف الأوروبي. مضيفا أن "الجزائر لا تطلب تكميم أفواه الصحفيين أو قمع حرية التعبير، ولكن تطالب بتوضيح وجود الراية الأوروبية ورموز الاتحاد الأوروبي في الفيديو المصور". مطالبات بعدم الترشح وسبق الفيديو المسيء لبوتفليقة بأيام قليلة، مطالبة 14 شخصية سياسية، الرئيس الجزائري عبر رسالة مفتوحة، بعدم الترشح لولاية خامسة. وقالت الشخصيات في رسالتهم والتي كان من بين موقعيها رئيس الحكومة الأسبق أحمد بن بيتور، ورئيس حزب جيل جديد سفيان جيلالي والكاتب ياسمينة خضرة، إن "الوقت قد حان للأمة لتسترجع أملاكها، في الوقت الذي تجتمع فيه قوى خبيثة وتتحرك لدفعكم نحو طريق العهدة الخامسة، فإننا نتوجه إليكم باحترام وبكل صراحة لننبهكم بالخطأ الجسيم الذي قد تقترفونه إن رفضتم مرة أخرى صوت الحكمة الذي يخاطب الضمير في أوقات الخيارات المصيرية"، بحسب "الحياة". وتضمنت الرسالة دعوة لبوتفليقة "إلى الحكمة والتعقل"، ويرى الموقعون على الرسالة أن نتائج سياسات بوتفليقة خلال العشرين سنة الماضية ليست مرضية وبعيدة عن تلبية الطموحات المشروعة للجزائريين، وأن مدة حكم بوتفليقة الطويلة للبلاد " أفضت إلى خلق نظام سياسي لا يمكن أن يفي بالمعايير الحديثة لسيادة القانون"، وأن التقدم في السن وحالة الرئيس الصحية "تمنعه من التكفل بمهام تسيير الدولة". اقرأ أيضا : المصالحة الجزائرية.. هل تحل الأزمات العربية؟ ويبدو أن العلاقات الجزائرية الأوروبية ستشهد مزيدا من التوتر وتقترب من مرحلة الأزمة، في ظل التزام الاتحاد الأوروبي الصمت تجاه مطالب السلطات الجزائرية بتوضيح حقيقة الفيديو المصور داخل مبنى بروكسل، والذي وصفته الجزائر بالتهجم على سيادتها الوطنية ورموز الدولة، بحكم أن المقطع تضمن راية الاتحاد الأوروبي ورموزه، في الوقت الذي اكتفى سفير الاتحاد الذي استدعته الخارجية الجزائرية السبت الماضي، بالتغريد عبر تويتر، والحديث عن حرية التعبير.