شهدت العلاقات الإسرائيلية التركية، حالة من التوتر، بعد تبادل سحب سفراء البلدين من أراضي بعضهم وبعض، في أعقاب اتهام تركيا باستخدام إسرائيل العنف ضد الفلسطينيين. وهددت تل أبيب من جانبها بالاعتراف رسميا بمجزرة الأرمن، التي تواجه تركيا اتهامات بارتكابها في أوائل القرن الماضي. إلا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أعلن ليلة السبت، تأجيل نقاش وزاري بشأن الاقتراحات المقدمة بالاعتراف رسميا بالإبادة الجماعية للأرمن، وفقًا لصحيفة "تايمز أوف إسرائيل" العبرية. وقالت وزارة الخارجية، اليوم الأحد، إنها نصحت في بيان لها، على أن المضي قدمًا في مناقشة مشروع القانون، المقترح من عضو الكنيست عن حزب الليكود أمير أوهانا، وعضو الكنيست عن الاتحاد الصهيوني إيتسيك شمولي، قد يساعد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في حملته الانتخابية. وأشارت الوزارة في البيان إلى أن نتنياهو قبل التوصية بتأجيل مناقشة تشريع حول الاعتراف بالإبادة الجماعية للأرمن، إلى ما بعد الانتخابات التركية المقررة في 24 يونيو"، مضيفة "أن مناقشة المشروع في موعده الأصلي قد يخدم حملة أردوغان". اقرأ المزيد: تاريخ من المد والجزر.. «مجزرة غزة» تعكر صفو العلاقات التركية الإسرائيلية وطلب نتنياهو، والذي يشغل أيضا منصب وزير الخارجية، أن يتم استبعاد هذا الموضوع من جدول أعمال اللجنة الوزارية للتشريع، التي من المقرر أن تجتمع يوم الأحد لمراجعة مشاريع قوانين قبل تصويت الكنيست. وأشار شمولي إلى أن تفسير وزارة الخارجية "زائف وسخيف"، مضيفًا أنه "إذا كانت وزارات الخارجية في جميع أنحاء العالم قد تصرفت بطريقة جبانة ونفعية، عندما يتعلق الأمر بالاعتراف بالمحرقة النازية، لكانت قد أوصت بالتراجع عن اعترافها بالمحرقة". وردا على قرار مجلس الوزراء الإسرائيلي بتأجيل المناقشة، أعلنت تمار ساندبرج رئيسة حزب "ميرتس"، تأييدها وضع مناقشة المشروع في جدول أعمال الكنيست في 12 يونيو، وهو ما يعني أنه سيتم مناقشة والتصويت على المشروع في الجلسة العامة للكنيست. وانتقد عضو الكنيست يائير لابيد، زعيم حزب "يش عتيد" المعارض، قرار الحكومة بالتراجع عن مناقشة التشريع، وقال إنه "قد حان الوقت للتوقف عن التراجع أمام أردوغان"، مضيفًا أن "الوقت قد حان للقيام بالأمور الأخلاقية والصواب والاعتراف بالإبادة الجماعية للأرمن". وأكد أنه "إذا كانت الحكومة خائفة من مناقشة القانون، فسوف نطرحه للتصويت في أقرب وقت ممكن، إنني أدعو جميع أعضاء التحالف إلى تمرير القانون". اقرأ المزيد: في ذكرى إبادة الأرمن.. وثائق جديدة توجه ضربة لتركيا وقالت وزارة الخارجية في بيانها، إن الاعتراف بالإبادة الجماعية للأرمن أمر شديد الحساسية في تركيا، ومناقشتها وسط توتر العلاقات بين تركيا، سيمنح ذلك المزيد من الدعم لأردوغان قبل انتخابات الرئاسة التركية. وكانت العلاقات بين إسرائيل وتركيا قد توترت بشكل كبير في أعقاب الاشتباكات الأخيرة على الحدود بين إسرائيل وغزة والتي أسفرت عن مقتل عشرات الفلسطينيين، مما أدى إلى خلاف دبلوماسي شهد طرد السفراء والقناصل العامين في كلا البلدين أو سحبهم إلى بلدانهم. كما انخرط أردوغان في حرب كلامية مع نتنياهو، واتهمه بالمسؤولية عن "دماء الفلسطينيين"، بينما اتهمه نتنياهو في المقابل بدعم حماس وكونه من مؤيدي "المجازر والإرهاب". وفي محاولة واضحة لإثارة غضب أردوغان، قدم أعضاء الكنيست مشاريع قوانين تطالب إسرائيل بالاعتراف الرسمي بالإبادة الجماعية للأرمن، بشكل دوري. وطالما سعى الأرمن إلى الحصول على الاعتراف الدولي باعتبار عمليات القتل التي وقعت في الفترة من 1915 إلى 1917 في الحقبة العثمانية، والتي يقولون إنها أسفرت عن مقتل 1.5 مليون شخص، إبادة جماعية. اقرأ المزيد: على الرغم من حدته.. الخلاف الإسرائيلي التركي قد ينتهي في غضون أشهر من جانبها، ترفض تركيا بشدة فكرة أن المذابح والسجن والترحيل القسري للأرمن عام 1915 كانت بمثابة إبادة جماعية. وقالت تركيا الشهر الماضي، إن اعتراف إسرائيل بالإبادة الجماعية للأرمن، لن يلحق الضرر إلا بها، لأن القيام بذلك من شأنه أن يقوض الوضع الخاص للمحرقة النازية. وصرح هامي أكسوي المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية، للصحفيين في أنقرة في ذلك الوقت، "نعتقد أن إسرائيل تضع أحداث عام 1915 على نفس المستوى مع المحرقة النازية، لتضر نفسها في المقام الأول". وكان نواب بالكنيست، قد صوتوا بالفعل الشهر الماضي، على مناقشة الاعتراف بالإبادة الجماعية للأرمن في البرلمان، ولم يعلن تاريخ جلسات للمناقشة. ويثار موضوع الاعتراف بالإبادة الجماعية للأرمن كل عام في الكنيست، إلا أن الحكومات الإسرائيلية دائمًا ما كانت تعمل على تأجيله منذ عام 1989. وتشير "تايمز أوف إسرائيل" إلى أن رفض إسرائيل الاعتراف رسميا بمجازر الأرمن، على أنه إبادة جماعية، حتى الآن، يأتي بسبب اعتبارات جيوسياسية واستراتيجية، من أهمها علاقاتها مع تركيا.