سيد الشهداء وأسد الله، الذي قاتل حتى استشهد وكان دخوله في الإسلام له وطأة شديدة على أعداء النبي صلى الله عليه وسلم وقت رسالته، إنه عم الرسول الذى استشهد على يد غلام وعده سيده بعتقه إن نال منه وقتله. «حمزة بن عبد المطلب (واسمه شيبة) بن هاشم (واسمه عمرو) بن عبد مناف (واسمه المغيرة) بن قصي (واسمه زيد) بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر (واسمه قيس)، وهو قريش بن كنانة بن خزيمة بن مدركة (واسمه عامر) بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. وهو شقيق صفية بنت عبد المطلب أم الزبير بن العوام، وهو عم الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وأخوه من الرضاعة، أرضعتهما ثويبة مولاة أبي لهب، فقد أرضعت حمزة بن عبد المطلب، ثم محمداً، ثم أبا سلمة عبد الله المخزومي القرشي، فكانوا جميعًا إخوة من الرضاعة. وأمه هالة بنت وهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر (واسمه قيس) وهو قريش بن كنانة بن خزيمة بن مدركة (واسمه عامر) بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. وهي ابنة عم آمنة بنت وهب أم الرسول. صفاته كان رضي الله عنه فارسًا شجاعًا، محبًا لحياة الصيد والفروسية، حاضرًا في مجتمع السادة من قبيلة قريش، ومن أعظم فضائله أن نزلت فيه أو بسببه آيات، منها قوله تعالى: (أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَىٰ ۚ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ). إسلامه لم يعلن إسلامه إلا في السنة السادسة من البعثة إثر موقف غيرة وانتصار لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد كان عائداً من الصيد مرة وبلغه أن أبا جهل بن هشام المخزومي لقي النبي صلى الله عليه وسلم عند الكعبة فتعرض له بما يكره وسبّه سباً قبيحاً وآذاه، فغضب وأقبل على أبي جهل بعد أن طاف بالبيت، وضربه على رأسه بقوسه فشجّه شجة منكرة، وقال: (أتشتمه وأنا على دينه، أقول ما يقول، فاردد عليَّ إن استطعت؟ ثم مضى إلى رسول الله في دار الأرقم وأعلن إسلامه، ففرح به الرسول عليه السلام والمسلمون فرحاً كبيراً، وعز جانبهم بإسلامه، ولما أسلم عمر بن الخطاب بعده بفترة وجيزة، خرج المسلمون من دار أبي الأرقم بقيادة حمزة وعمر الفاروق وهم يكبرون ويهللون جهاراً نهاراً. وفي السنة السابعة من البعثة شارك حمزة قومه بني هاشم وبني المطلب الحصار الذي فرضته عليهم قريش في شِعب أبي طالب وعانوا منه المشقة والعذاب، ولكنهم خرجوا منه في السنة العاشرة وهم أشد قوة وأكثر صلابة جهاده بدأ حمزة رضي الله عنه جهاده بالدفاع عن الرسول صلى الله عليه وسلم والذبّ عنه، وبعد الهجرة إلى المدينة، شهِد بدرًا، وأبلى في المعركة بلاءً حسنًا، فبارز صناديد قريش وصرعهم، وهدّ صفوفهم، وفي العام الثالث من الهجرة كانت معركة أُحُد، فقاتل فيها قتالًا شديدًا، وقُتِل حمزة رضي الله عنه يوم أحد، وقد مثّل المشركون بجسده، فبكاه صلى الله عليه وسلم حين رأى عمه قد شُقّ بطنه ومُثِّل به، ووصفه النبي عليه السلام بأنه سيّد الشهداء. ومن جهاده أيضًا أنه اعترض قافلة لقريش في ثلاثين رجلًا من الأنصار، ثمَّ جاءت غزوة الأبواء، وقد حمل حمزة بن عبد المطلب فيها اللواء، وبعدها غزوة ذي العشيرة وهي من غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم، وحمل فيها حمزة أيضًا اللواء، وهذه الغزوات والسرايا كلها كانت مقدمة لغزوة بدر. استشهاده روي عن وحشي بن حرب أنه حدَّث جعفر بن عمرو بن أمية الضمري الكناني وعبيد الله بن عدي بن الخيار النوفلي القرشي بقصة قتله حمزة بن عبد المطلب، فقال "أما إني سأحدثكما كما حدثت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين سألني عن ذلك، كنت غلاماً لجبير بن مطعم، وكان عمه طعيمة بن عدي قد أصيب يوم بدر، فلما سارت قريش إلى أحد، قال لي جبير: «إن قتلت حمزة عم محمد بعمي فأنت عتيق»، فخرجت مع الناس، وكنت رجلاً حبشياً أقذف بالحربة قذف الحبشة، قلَّما أخطئ بها شيئاً، فلما التقى الناس خرجت أنظر حمزة وأتبصره، حتى رأيته في عرض الناس مثل الجمل الأورق، يهدُّ الناس بسيفه هدًَا، ما يقوم له شيء، فوالله إني لأتهيأ له، أريده وأستتر منه بشجرة أو حجر ليدنو مني إذ تقدمني إليه سباع بن عبد العزى، فلما رآه حمزة قال له: «هلم إليَّ يا ابن مقطعة البظور»، فضربه ضربة كأن ما أخطأ رأسه، وهززت حربتي، حتى إذا رضيت منها، دفعتها عليه، فوقعت في ثنته، حتى خرجت من بين رجليه، وذهب لينوء نحوي، فغُلب، وتركته وإياها حتى مات، ثم أتيته فأخذت حربتي، ثم رجعت إلى العسكر، فقعدت فيه، ولم يكن لي بغيره حاجة، وإنما قتلته لأعتق».