"أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم"، صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، نهل صحابة رسول الله العلم ونور الهداية من منبعه، فتشبعت قلوبهم بالنور، واستحقوا وصف رسولنا الكريم لهم ب"النجوم الهادية" وسط ظلام الباطل والتخبط بين شهوات الحياة، ونعرض فيما يلي جانبًا نورانيًّا لأحد أعظم صحابة رسول الله وهو حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه. لم يكن حمزة بن عبد المطلب للنبي مجرد عم تربطه صلة دم، بل إن حمزة رضي الله عنه كان من أقرب الصحابة إلى قلب رسول الله حتى إن الرسول قال "خير إخوتي علي وخير أعمامي حمزة رضي الله"، وكان رضي الله عنه يزيد عمرًا عن رسول الله بسنتين فقط كما جمعت بينهما صلة قرابة من جهة الأم فقد كانت والدة حمزة هالة بنت وهيب بن عبد مناف ابنة عم والدة الرسول آمنة بنت وهب بن عبد مناف. ساند حمزة بن عبد المطلب الدعوة الإسلامية منذ يوم إعلان إسلامه، ويروى عن قصة إسلامه أنه عندما اعترض أبو جهل الرسول عند جبل الصفا وآذاه وسبه، فلما بلغ ذلك حمزة غضب غضبًا شديدًا، وذهب يبحث عن أبي جهل حتى وجده جالسًا برفقة بعض القوم، وكان حمزة يتقلد قوسه حينها فرفعه وشج به رأس أبي جهل، قائلًا له "أتشتمه وأنا على دينه أقول ما يقول؟! فرد عليَّ إن استطعت"، فلم يستطع أبا جهل الرد. كان حمزة رضي الله عنه مجاهدًا ومحاربًا لا يشق له غبار، فعلى الرغم من أنه لم يشهد مع الرسول سوى غزوتي بدر وأحد التي استشهد فيها إلا أنه ترك أثرًا لا يمحى ويخلد ذكراه العطرة في سجلات الأبطال الذين ساندوا دين الله، وفي غزوة بدر كان هو من بادر المشركين بالقتال فقد خرج رجل من قريش يدعى الأسود بن عبد الأسد المخزومي القرشي، فقال: "أعاهد الله لأشربن من حوضهم، أو لأهدمنه، أو لأموتن دونه"، فخرج له حمزة بن عبد المطلب فضرب ساقه ثم بادره بضربة أخرى فقتله، ثم خرج نفر آخرون من قريش لقيهم حمزة ومعه عبيدة بن الحارث وعلي بن أبي طالب، وخلال الغزوة قتل حمزة عدد لا بأس به من المشركين. وأبلى كذلك حمزة رضي الله عنه بلاء حسنًا في غزوة أحد حتى قتل 31 مشركًا، وجاء أحد سادات قريش ويدعى جبير بن مطعم، جاء بعبد يسمى وحشي قلما يخطئ رميه بالرمح، فوعده جبير أن يعتقه إذا ما هو نجح في قتل حمزة، وبالفعل تربص له خلال المعركة ورماه وحشي برمحه فأصابه في مقتل ومثل المشركون بجثته، وحاولت هند بنت عتبة أكل كبده فلم تستطع فلفظته، فقال الرسول: "لو دخل بطنها لم تمسها النار"، وخرج الرسول يبحث عن حمزة، فوجده ببطن الوادي قد مُثِّل به، فلم ير منظرًا كان أوجع لقلبه منه فقال: "رحمك الله، أي عم، فلقد كنت وصولًا للرحم فعولًا للخيرات".