بدأت الأزمات الناتجة عن قرار تقليل مساحات الأراضي المخصصة لزراعة الأرز تحيط بالفلاحين، وتهدد المساحات غير المخصصة لزراعة الأرز بالبوار، بعد امتثال الفلاحين لقرار الحكومة بزراعة 700 ألف فدان فقط بدلا من مليون و700 ألف فدان كانت مخصصة لزراعة الأرز خلال السنوات الماضية، ويأتي امتثالهم للقرار خوفا من العقوبات التي نص عليها القانون والتي تصل للحبس. حسين أبو صدام نقيب الفلاحين قال ل"التحرير"، إن الآثار السلبية لقرار تقليص المساحات المزروعة من الأرز، بدأت في الظهور، أولها عزوف الفلاحين المهتمين بالشأن الزراعي، عن زراعة أراضيهم بعد خروجها من المساحات غير المخصصة لزراعة الأرز، كما أن إيجار هذه الأراضي بدأ في الانخفاض بشكل ملحوظ، فقليل من الفلاحين من سيتجهون لزراعة محاصيل بديلة للأرز. حسين لفت الانتباه إلى أن كل المؤشرات تؤكد أن القرار سيؤدي إلى بوار ما يقرب من 500 ألف فدان بسبب منعهم من زراعة الأرز، موضحا أن القرار كان مفاجئا بعد أن استعد عدد كبير من الفلاحين لزراعة الأرز، مشيرا إلى أن المحاصيل البديلة لا تصلح لأراض مجهزة لزراعة الأرز، وبالتالي زراعتها ستؤدي إلى خسارة فادحة للفلاحين، متوقعا زيادة أسعار الأرز خلال الشهور القادمة بعد انتهاء المخزون من منازل الفلاحين. نقيب الفلاحين يؤكد أن الكمية التي سيحصدها الفلاحون من الأراضي المخصصة لزراعة الأرز لن تكفى السوق المحلي، وبالتالي ستلجأ الدولة للاستيراد، مما يزيد الأعباء على الميزانية هذا العام، مضيفا أن هناك نتائج سلبية أخرى منها تسريح عمال المضارب الخاصة بالأرز وارتفاع سعر الأعلاف التي يدخل في إنتاجها غلاف الأرز الخارجي، مطالبا الحكومة بإعادة النظر في القرار قبل بوار الأراضي. الدكتور يحيى متولي، خبير الاقتصاد الزراعي قال ل"التحرير" إن هناك 500 ألف فدان مهددة بالبوار بسبب قرار تقليل مساحة الأراضي المخصصة لزراعة الأرز، وذلك لأن نتيجة القرار بدأت بعزوف الفلاحين عن زراعة المحاصيل البديلة التي ستجلب لهم الخسارة، مطالبا بضرورة عقد حوار مجتمعي ما بين الحكومة والفلاحين لإنقاذ هذه الأراضي. متولي يرى أن هناك حلا آخر لتوفير المياه وهو زراعة صنف من الأرز يسمى "السبعيني" يمكث في الأرض 90 يوما، ويستهلك كمية أقل من المياه، لأن كمية الأرز المقرر زراعتها لن تكفي احتياجات السوق المحلي، لذا لا بد من إتاحة الفرصة للفلاحين الذين يملكون أراضي تجود بها زراعة الرز مثل دمياط وكفر الشيخ والدقهلية، أن يزرعوها بدلا من أن يتركوها للبوار. الدكتور جمال صيام، أستاذ الاقتصاد الزراعي، قال ل"التحرير" إن نتائج القرار سيئة للغاية بالنسبة للمزارع، لأن محصول الأرز يعطي دخلا نقديا فوريا له عكس المحاصيل الأخرى والبدائل أمامه قليلة، البديل الأول هو الذرة، ولا يعد من المحاصيل النقدية للفلاح لأنه سيستخدمه علفا للماشية، فالمرغوب لأصحاب مزارع الدواجن الذرة الصفراء المستورد، والبديل الثاني هو القطن، وليس من المحاصيل النقدية أيضا، لأن سعره لا يغطي تكاليف الزراعة بالشكل المطلوب، أي أن كليهما أقل نقديا من الأرز. وأوضح صيام أنه كان لا بد على الحكومة أن تقدم حلولا للفلاح حتى لا يترك الأرض للبوار، فكان من الممكن أن تتعاقد مع مزارعي الذرة وتأخذ المحاصيل منهم، أو ترفع سعر قنطار القطن، مع ضمان أنها ستقوم بتوريده، لافتا إلى أنه من الممكن أن يضرب عدد من المزارعين عن الزراعة وتتحول الأراضي إلى أراضي بور وعلى المدى الطويل قد تتحول إلى مبان، ويتجه المزارعون إلى أعمال أخرى بعيدا عن الزراعة، وهذه نتيجة خطيرة لا بد أن تنتبه لها الحكومة مبكرا، من خلال دعم الفلاح عن طريق دعمها للمحاصيل البديلة. جدير بالذكر أن مجلس النواب كان قد وافق برئاسة الدكتور على عبد العال نهائيا على مشروع قانون مقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام قانون الزراعة الصادر بالقانون 53 لسنة 1966، ويعطى مشروع القانون لوزير الزراعة بالتنسيق مع وزير الرى طبقا للسياسة العامة للدولة، أن يصدر قرارا بحظر زراعة محاصيل معينة من الحاصلات الزراعية فى مناطق محددة والتى قد تكون شرهة للمياه، بغية الحفاظ على المقنن المائى وترشيد استخدام المياه، كما ينص على أن يصدر وزير الزراعة بالتنسيق مع وزير الرى قرارا بتحديد مناطق لزراعة أصناف معينة من الحاصلات الزراعية دون غيرها من المحاصيل الزراعية للحد من اختلاط السلالات والحفاظ على نقاوة التقاوى والأصناف، وقد منح مشروع القانون وزير الزراعة واستصلاح الأراضى سلطة استثناء تطبيق نصوص مشروع القانون على المزارع والحقول المخصصة لأغراض إجراء التجارب والإكثارات الأولى للمحاصيل، وشدد مشروع القانون العقوبة المترتبة على مخالفة القرارات التى تصدر نفاذا لتلك المواد بأن أضافت عقوبة الحبس على مخالفة هذه القرارات بمدة لا تزيد على ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن ثلاثة آلاف جنيه، ولا تزيد على عشرين ألف جنيه عن الفدان أو كسور الفدان أو بإحدى العقوبتين، وقد تضمنت العقوبة الحكم بإزالة المخالفة على نفقة المخالف.