"على الحكومة توفير البدائل للمزارعين" هذا ما اتفق عليه خبراء الاقتصاد الزراعي في تعليقهم على قرار تقليص مساحة زراعة الأرز ومعاقبة من يخالف ذلك بالغرامة والسجن، مطالبين بضرورة عمل حوار مجتمعي مع المزارعين حول أزمة المياه، والاتفاق على حلول مناسبة للمزارع. الحاج حسين عبد الرحمن أبو صدام نقيب الفلاحين، قال ل"التحرير" إن قرار تعديل قانون الزراعة قرار ظالم للمزارعين الذي يعتمدون على المحاصيل التي تستخدم نسبة كبيرة من المياه، فالقانون أصبح يعطي الحق لوزير الري في اتخاذ القرارات الخاصة بمنع أو تقليص مساحة زراعة محاصيل معينة، كما أن التعديلات تضمنت غرامة كبيرة، بالإضافة إلى حبس الفلاح الذي يخالف ذلك، وهو ما يضع الفلاح المصري في ورطة، إما أن يزرع الأرز فيتعرض للغرامة والحبس، أو يزرع محاصيل أخرى فيتعرض للخسارة، أو يتجه لبيع الأرض واستثمار سعرها في مشروع آخر، وسينتهي الأمر بأن تتحول الأرض الزراعية إلى أرض بور بطريقة غير مباشرة. وأوضح نقيب الفلاحين أنه قبل تطبيق هذه القرارات كان يجب أن تطبق الحكومة قانون الزراعات التعاقدية، والذي لم يفعل على أرض الواقع حتى الآن، موضحا أن هذا القانون يسمح بتعاقد شركات حكومية مع المزارعين على المحاصيل البديلة للأرز قبل زراعتها، لافتا إلى أن الفلاحين تقدموا بمذكرة لمجلس النواب للمطالبة بتزويد الرقعة المطلوبة لزراعة الأرز حتى تصل إلى مليون فدان، مع ضرورة تفعيل قانون الزراعات التعطيلية والنظر في حبس الفلاحين، لأنه لا يجوز سجن فلاح من أجل الزراعة، مطالبا بضرورة عرض القانون على الحوار المجتمعي ودراسة كل القرارات بشكل جيد، قائلا "الفلاح لو باع الفدان بمليون جنيه هيعمل بيهم قهوة ويكسب ولكننا نخاف على الأمن الزراعي". الدكتور محمد فتحي سالم الخبير الزراعي قال ل"التحرير"، إنه فيما يخص توفير المياه يعد القرار صائبا إلى حد ما، لأنه يستهدف تقنين حصة المياه المخصصة للمحاصيل الصيفية، ولكن لا بد أن تقدم الدولة الحلول البديلة للمزارعين، فمن الممكن أن تصل المساحة المخصصة لزراعة الأرز إلى مليون فدان في حالة زراعة محاصيل الأرز المستنبطة من وزارة الزراعة والجامعات، وهي أصناف جديدة من الأرز موفرة للمياه، ويتم زراعتها بمقنن مائي يشبه مقنن الذرة ولا بد من تعميمها. وأضاف سالم أنه متبرع للدولة بنوع معين من الأسمدة الموفرة للمياه وهو من أنواع الأسمدة الحيوية والصديقة للبيئة، موضحا أن المحاصيل البديلة للأرز لن تحقق عائدا للمزارع الذي اعتاد زراعة الأرز، مطالبا الدولة بالتعاقد مع الفلاح على المحاصيل البديلة حتى يتجه لزراعتها كبديل للأرز. ومن جانبه قال الدكتور يحيي متولي خليل خبير الاقتصاد الزراعي، إن قرار تقليص مساحة زراعة الأرز بهذا الشكل قرار غير صائب، ولم يدرس بشكل جيد، والأمر في حاجة لإجراء حوار مجتمعي مع المزارعين للوصول إلى حلول أفضل، لأنه من الخطأ إجبار الفلاح على هذا القرار ولكن لا بد من الحوار والتفاهم، موضحا أن المزارع كان يدفع غرامة زراعة الأرز، لأنه مربح بالنسبة له، لافتا إلى أنه لا بد من الأخذ في الاعتبار أن هناك أماكن لا تصلح إلا لزراعة الأرز، لذا الأمر يستلزم دراسة مجتمعية قبل اتخاذ القرار لأن الأمر ليس بالإجبار، مطالبا الحكومة بعمل توريد للمحاصيل البديلة حتى يشعر المزارع بالأمان. وأضاف خليل أن المزارع معرض لقوى المخاطر واللا يقين بسبب الظروف الجوية، وارتفاع الأسعار، ومستلزمات الزراعة والعمالة الزراعية، مشيرا إلى أن هناك طرقا أخرى لتقليل استخدام المياه في الزراعة، منها الري بالتنقيط والرش، والتوسع في استخدام الصوب الزراعية، موضحا أنه إذا أنتجت مصر الأرز بما يكفي احتياجات السوق المحلية فهذا جيد، لأن تصديرنا للأرز هو تصدير للمياه، حيث يستهلك الأرز 7000 متر مكعب من المياه خلال 6 أشهر، في حين يستهلك الموز 12 ألف متر مكعب سنويا، والقصب من 10 إلى 12 ألف متر مكعب سنويا، موضحا أن الزراعات الحديثة بها أصناف من الأرز تعطي إنتاجية 4 طن للفدان، وهذه أصناف قصيرة المدة في الأرض، وبالتالي تقلل استهلاك المياه. وأوضح الخبير الزراعي أن المساحة المحددة لزراعة الأرز ستجبر مصر على الاستيراد، ولكن هل الأرز المستورد سيكون بجودة المصري؟ وهل سيوافق عليه المستهلك؟ مؤكدا ضرورة الانتباه إلى هذه الأسئلة، مطالبا الحكومة بتحفيز المزارع على زراعة الذرة والمحاصيل الصيفية من خلال رفع سعر التوريد لهذه المحاصيل. جدير بالذكر أن مجلس النواب وافق خلال جلسته العامة الأحد الماضي برئاسة الدكتور على عبد العال نهائيا على مشروع قانون مقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام قانون الزراعة الصادر بالقانون 53 لسنة 1966، ويعطى مشروع القانون لوزير الزراعة بالتنسيق مع وزير الرى طبقا للسياسة العامة للدولة، أن يصدر قرارا بحظر زراعة محاصيل معينة من الحاصلات الزراعية فى مناطق محددة والتى قد تكون شرهة للمياه بغية الحفاظ على المقنن المائى وترشيد استخدام المياه، كما ينص على أن يصدر وزير الزراعة بالتنسيق مع وزير الرى قرارا بتحديد مناطق لزراعة أصناف معينة من الحاصلات الزراعية دون غيرها من المحاصيل الزراعية للحد من اختلاط السلالات والحفاظ على نقاوة التقاوى والأصناف وقد منح مشروع القانون وزير الزراعة واستصلاح الأراضى سلطة استثناء تطبيق نصوص مشروع القانون على المزارع والحقول المخصصة لأغراض إجراء التجارب والإكثارات الأولى للمحاصيل، وشدد مشروع القانون العقوبة المترتبة على مخالفة القرارات التى تصدر نفاذا لتلك المواد بأن أضافت عقوبة الحبس على مخالفة هذه القرارات بمدة لا تزيد على ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن ثلاثة آلاف جنيه ولا تزيد على عشرين ألف جنيه عن الفدان أو كسور الفدان أو بإحدى العقوبتين، وقد تضمنت العقوبة الحكم بإزالة المخالفة على نفقة المخالف.