غياب دام ستة أعوام للسينما المصرية عن المسابقة الرسمية لمهرجان "كان"، أكبر المهرجانات السينمائية في العالم، وأُعيد التواجد هذا العام باختيار فيلم "يوم الدين" للمخرج الشاب أبو بكر شوقي، للمشاركة في الدورة الحادية والسبعين، لتكون المشاركة المصرية الأولى في المسابقة منذ آخر مشاركة للمخرج يسري نصر الله عام 2012، بفيلمه "بعد الموقعة"، بينما افتتح المخرج محمد دياب عام 2016 مسابقة "نظرة ما"، ثاني مسابقات المهرجان أهمية، بفيلمه "اشتباك" للنجمة نيللي كريم. وأُقيم العرض الأول للفيلم مساء الأربعاء، في السادسة والنصف في GRAND THE TRE LUMIÈRE، على أن يُعاد عرضه صباح غد الخميس مرتين، الأولى الساعة الحادية عشرة والنصف صباحًا في GRAND THE TRE LUMIÈRE، والثانية في الساعة الثانية ظهرًا في SALLE BAZIN، وذلك تمهيدًا للمنافسة على جائزة "السعفة" الذهبية. صور عدة تبعث بالبهجة تناقلها إعلاميين وصحفيين مصريين متواجدين في قلب مدينة "كان"، تُظهر طوابير لا حصر لها أمام قاعات المهرجان، من قِبل مواطنين فرنسيين وآخرين أجانب، أملًا في حضور العرض الأول للفيلم المصري. فيديوهات أخرى أكثر بهجة التُقطت أثناء وبعد عرض الفيلم، تؤكد أنه من حقنا أن نحلم بما هو أبعد من شرف المشاركة في المسابقة الرسمية، حيث نال "يوم الدين" استحسان كبير، وهو ما اتضح من التصفيق الحار من قِبل الحضور، ومن بين ناشري فيديو لرد فعل الحضور بعد انتهاء عرض الفيلم كانت الإعلامية بوسي شلبي، وذلك عبر حسابها ب"إنستجرام"، وقالت خلاله: "أكثر من ربع ساعة تصفيق للفيلم المصري يوم الدين، كل القاعة تصفق منذ ربع ساعة للفيلم، أعتقد أن فيلم يوم الدين سيحصد جوائز في مهرجان كان، ألف مبروك". الفنانة مي كساب بدورها أعادت نشر الفيديو، وكتبت: "ألف مبروك للسينما المصرية والعربية الفيلم المصري يوم الدين، المشارك في مهرجان كان وللمخرج العالمي أبو بكر شوقي، ألف مبروك وأتمنى أن ينال الفيلم جائزة إن شاء الله، لكل مجتهد نصيب بإذن الله، مبروك لصناعة السينما المصرية". لم نشاهد "يوم الدين"، ولكنه حسب الناقد طارق الشناوي، الذي رأه في عرض خاص، "فيلمًا رائعًا بدون تفاصيل تكشف الكثير عن سر هذا الجمال الفني، حيث استطاع مخرجه أن يقود مجموعة من الهواة لم يسبق لهم الوقوف أمام الكاميرا، الأصعب من ذلك أنهم لا يجيدون أساسًا القراءة، وبذكاء حافظ على الهارمونية بمفتاح واحد لأداء الممثلين وهو سيطرة روح الهواية على كل الشخصيات، ومنح ممثليه مساحة مقننة من الحرية أنتجت لنا هذا الفيلم". الفيلم حضر افتتاحه مخرجه الشاب أبو بكر شوقي، والذي لاقى حفاوة كبيرة بعد عرضه، وزوجته إليزابيث، والمهندس نجيب ساويرس الذي فاجئ الجميع بحضوره، ورافقه نخبة من النجوم والإعلاميين المصريين، منهم النجمة ليلى علوي، والفنانة بشرى، والإعلامية بوسي شلبي، وكذلك منتجة الفيلم دينا إمام، والمنتج محمد حفظي، والذي شارك في الإنتاج هو الآخر من خلال شركة "فيلم كلينك". وحرص عدد كبير من أبرز وألمع نجوم هوليوود على التواجد بالسجادة الحمراء والتقاط الصور التذكارية، ومن بينهم النجمة العالمية الحائزة على جائزة الأوسكار، جوليان موور، النجم العالمي كريستوفر فالتز، أرينا شايك، عارضة الأزياء كارتينال مينغيا، لويس بورجوان، تشانتل جفريز، تاليا ستورم، وتيزي هارتمان. من جانبه؛ أثنى تيري فريمو، المدير الفني لمهرجان "كان"، على فيلم "يوم الدين"، واصفًا إياه ب"الواقعية الإيطالية الجديدة في السينما"، مضيفًا: "الفيلم يعتبر عمل فني فريد وشاعري يسلط الضوء على أعماق مصر، وتوضح لنا من خلال التأمل في من نحن، ومن هم الآخرين، وكيف يبدو العالم حولنا"، يُتابع: "يدور الفيلم في ساعة ونصف، ولدينا الجرأة لبرمجته ضمن المسابقة، تلاحظون أن اختيارات هذا العام تشمل العديد من الوجوه الجديدة، فنحن نريد إعطاء الفرصة للسينمائيين الشباب"، وذلك وفقًا لمجلة "فارايتي". "يوم الدين" من فئة أفلام التراجيدية الكوميدية، من إخراج وتأليف أبو بكر شوقي، من بطولة راضي جمال وأحمد عبد الحفيظ، مدير التصوير الأرجنتيني فدريكو سيسكا، المونتيرة إيرين غرينويل، والموسيقى التصويرية عمر فاضل، واختياره ضمن المسابقة الرسمية ل"كان" جاء مفاجئًا لكثيرين، فهو فيلم تم تنفيذه بهدوء ودون دعاية تذكر، وبدون أي وجوه معروفة، وبدأب من مخرجه الشاب ومنتجته. الفيلم دراما مليئة بالمغامرات عن المسيحي المصري "بشاي" الذي يعيش في مستعمرة للمصابين بالجذام، وهو من جامعي القمامة، وبعد وفاة زوجته يتحلى بالشجاعة ويقرر مغادرة المستعمرة لأول مرة منذ أن تم التخلي عنه هناك عندما كان طفلاً، ويبدأ الرحلة برفقة الطفل اليتيم "أوباما"، على عربة يجرها حمار، في رحلة عبر أنحاء مصر إلى مسقط رأسه لمعرفة السبب الذي جعل والده يخلف وعده بالعودة من أجله. "يوم الدين" من إنتاج المصرية الأمريكية دينا إمام بمشاركة المخرج، حصل على عدد من المنح الإنتاجية منها منحة جامعة نيويورك ومنحة معهد ترايبكا، ثم جمع مبلغًا من الأصدقاء وأفراد العائلة والمهتمين عبر موقع Kickstarter للتمويل الجماعي، قبل أن يُنهي رحلة تمويله بالحصول على منحة العمل قيد الإنجاز من مهرجان الجونة السينمائي في دورته الأولى، لينضم المنتج محمد حفظي لقائمة المنتجين ويمول مراحل ما بعد الإنتاج، قبل أن يُعلن عن حصول شركة "وايلد بانش" الفرنسية، إحدى أكبر شركات التوزيع في العالم، على حقوق المبيعات الدولية للفيلم. أبو بكر شوقي مخرج مؤلف ومنتج مصري نمساوي، 33 عامًا، خريج معهد السينما، قدّم عددًا من الأفلام الوثائقية، من بينها الفيلم الحائز على العديد من الجوائز "المستعمرة" عام 2009، والذي تناول حياة مرضى مستعمرة الجُذام في منطقة أبو زعبل، وهناك تعرف على راضي جمال، مريض الجذام الذي سيصير لاحقًا بطل فيلم المخرج الروائي الأول وهو "يوم الدين". ومن المقرر أن يشارك منتج الفيلم محمد حفظي، في حلقة نقاشية بعنوان "منتجون مبدعون: أصحاب الرؤى الآخرون" يوم الأحد 13 مايو الساعة 11 صباحاً في قاعة Pantiero 207، وسوف يتحدث خلالها عن مدى تأثير المنتج الإبداعي في أي مشروع فني، بدءً من العثور على المواهب. يشارك "يوم الدين" المنافسة من السينما العربية في مهرجان "كان"، فيلم "كفرناحوم" للمخرجة نادين لبكي، ويشارك فيلمان عربيان أيضًا خارج المسابقة الرسمية، لكن ضمن اختيارات المهرجان، في قسم "نظرة ما"، وهما "صوفيا" للمغربية مريم بن مبارك، و"قماشتي المفضلة" للسورية غايا جيجي، وفي قسم "أسبوع المخرجين" الموازي سيُعرض فيلم "ولدي" للتونسي محمد بن عطية، إضافة إلى سلسلة أفلام قصيرة تحت برنامج "المصنع التونسي"، وتشارك السعودية بشكل رمزي خارج المسابقات مع عرض تسعة أفلام قصيرة وتنظيم لقاءات مهنية، ولأول مرة تشارك فلسطين بجناح خاص في "كان" هذا العام بالشراكة مع القنصلية الفرنسية بالقدس ومؤسسة الفيلم الفلسطيني، وسيُسلط الضوء على النشاط البارز للسينما الفلسطينية وإنجازاتها خلال العقود الماضية. فعاليات مهرجان "كان" انطلقت، مساء الثلاثاء، بعرض فيلم "الجميع يعلم" وهو فيلم ناطق بالإسبانية، للمخرج الإيراني أصغر فرهادي، ومن بطولة النجمين بينيلوبي كروز وخافيير بارديم، ولجنة تحكيم هذه الدورة تترأسها الممثلة الأسترالية كايت بلانشيت الملتزمة بالقضايا النسوية.