تحتفل جميع الشعوب في أنحاء العالم؛ وخاصة الإفريقية، اليوم السبت ب"يوم التراث العالمي الإفريقي"، وهو اليوم الذي أقره المؤتمر العام لمنظمة التربية والعلم والثقافة "اليونسكو" في جلسته الثامنة والثلاثين (نوفمبر 2015) للاحتفاء بالتراث الثقافي والطبيعي الخاص بالقارة، اقترانا مع الذكرى العاشرة لقرار اليونسكو بإنشاء صندوق التراث العالمي الإفريقي (2006- 2016) الذى يوجد مقره فى جوهنسبورج، بجنوب إفريقيا، الذي أنشئ بمبادرة مشتركة بين اليونسكو والاتحاد الافريقى؛ كصندوق للاستثمار، يعمل من خلال الشراكات بين القطاعين الخاص والعام على تمويل مشاريع للحفاظ وتثمين التراث الإفريقي المدرج ضمن لائحة التراث العالمي لليونسكو. وفى الاحتفال هذا العام لفتت "اليونسكو" إلى أنه "في الوقت الذي لا يزال فيه تمثيل إفريقيا ناقصا على قائمة التراث العالمي (إذ تشكل الممتلكات الإفريقية حوالي 12٪ من مجموع المواقع المدرجة على القائمة من جميع أنحاء العالم)، فإن نسبة عالية جدًا من هذه الممتلكات (39٪) مدرجة على قائمة التراث العالمي المعرض للخطر. وفي ظل ما تواجهه القارة من تهديدات مختلفة متمثلة بتغيير المناخ، والتنمية غير المنضبطة، والصيد غير المشروع، والاضطرابات الأهلية وعدم الاستقرار، فإن العديد من المواقع الإفريقية التي تحظى بصفة عجائب معرضة لخطر فقدان قيمتها العالمية المرموقة، ولذلك فقد بات من الملحّ، أكثر من أي وقت مضى، صون هذا التراث الذي لا غنى عنه والمحافظة عليه من أجل الأجيال القادمة". وأكدت اليونسكو أنها تلتزم بالمضي قدمًا بحشد الجهود الدولية الرامية إلى استثمار الإمكانات الهائلة للتراث الثقافي والطبيعي الإفريقي كقوة داعمة من شأنها الحد من الفقر وتعزيز التماسك الاجتماعي، إضافة إلى كونها دافعا للتنمية المستدامة والابتكارات، تهدف اليونسكو من خلال هذا اليوم العالمي إلى إذكاء الوعي العالمي بشأن التراث الإفريقي مع التركيز بشكل خاص على فئة الشباب وعلى حشد التعاون لضمان صونها على المستوى المحلي والإقليمي والعالمي. وكانت منظمة "اليونسكو" قد أدرجت بداية من سنة (1978) 129 مواقعًا للتراث في إفريقيا ضمن قائمة مواقع التراث العالمي، وتقع هذه المواقع في 37 بلدًا، وتعد إثيوبيا الدولة الأكثر احتواءً للمواقع الأثرية في إفريقيا (تسعة مواقع)، كما تحوي اثنتا عشرة دولة موقعا واحدا فقط. وأدرجت المواقع الأولى من القارة في عام 1978، حيث تم اختيار جزيرة غوريه في السنغال والكنائس المحفورة في صخر لاليبلا من إثيوبيا عند وضع القائمة، وتملك 5 بلدان في شمال إفريقيا (مصر والجزائر وتونس والمغرب وليبيا) نحو 50٪ من إجمالي المواقع الثقافية لإفريقيا. وتسمى بعض المواقع، بالمواقع المختلطة، لتوفرها على عناصر التراثين الثقافي والطبيعي، يوجد في إفريقيا، 83 موقعا ثقافيا، و41 موقعا طبيعيا، و5 مواقع مختلطة. وتحدد لجنة التراث العالمي المواقع المهددة بالانقراض، وتحدد أيضا الظروف التي تهدد الخصائص المميزة والتي بفضلها أدرجت تلك المواقع على قائمة التراث العالمي، ومثل سائر مواقع التراث العالمي، تخضع المواقع المهددة بالخطر لإعادة التقييم من قبل لجنة في كل عام خلال الدورات العادية. وتم تصنيف المواقع في إفريقيا ضمن المواقع المهددة بالخطر لمجموعة متنوعة من الأسباب، مثل: إزالة الغابات والصيد، الحرب الأهلية، التهديدات بأخذ الرهائن من الموظفين، مشاريع النفط والغاز وإستخراج المعادن، التدهور في التنوع البيولوجي، والأضرار الهيكلية التي لحقت بالمواقع. تنفذ اليونسكو عدة مشاريع فى إفريقيا يأتى فى مقدمتها إعادة بناء أضرحة تمبكتو بعد تدميرها على يد جماعات إسلامية متطرفة، وقد قام بالجزء الأعظم من إعادة البناء الحرفيون المحليون، وقد دعمت جهودهم اليونسكو، وإعادة بناء أضرحة "تمبكتو" مثال رائع للتنفيذ الناجح لقرارات لجنة التراث العالمي، فمنذ إدراج الموقع في قائمة التراث العالمي المهدد بالخطر في عام 2012، تناولت لجنة التراث العالمي دراسة هذه الحالة، وعملت على التصدى لمعالجتها. وأضرحة "تمبكتو" تمثل أماكن للزيارات ذات الطابع الدينى والثقافى والاجتماعى منذ أمد طويل يرتادها أفراد الشعب في مالي وشعوب البلدان المجاورة، وساد الاعتقاد على نطاق واسع أن هذه الأضرحة تحمي المدينة من المخاطر، أما أقدم هذه الأبنية فقد أُنشئت في القرن الثالث عشر، كما أُدرج ستة عشر منها في قائمة التراث العالمي، وتم تدمير 14 ضريحا في عام 2012، وهو ما يمثل خسارة فادحة للمجتمعات المحلية. وتبعا لذلك، طلبت حكومة مالي في عام 2013 مساعدة الشركاء في الخارج، ومن بينهم اليونسكو. ومن ضمن أهم المشاريع التى تنفذها اليونسكو فى إفريقيا يأتى مشروع صون بحيرة تشاد، وقضية حماية بحيرة تشاد مسألة تاريخية قديمة؛ فقد أنشئت عام 1964 لجنة تًعنى بحماية حوض بحيرة تشاد، وبصون نظمها الإيكولوجية، وتتألف اللجنة من مجموعة من الدول الأعضاء، وهي: الكاميرون وليبيا والنيجر ونيجيريا وجمهورية إفريقيا الوسطى والتشاد، وتحصل على تمويلها من مساهمات الدول الأعضاء. وقد نظمت اليونسكو فى أواخر شهر فبراير الماضى المؤتمر الدولي حول بحيرة تشاد، في أبوجا في نيجيريا، للعمل على تكثيف الجهود الدولية للنهوض بالمعارف المتوفرة بشأن بحيرة تشاد، وترميم المناطق الرطبة، وإعادة إحياء مسارات هجرة الحيوانات البرية، وتعزيز الأنشطة المستدامة والمدرة للدخل.