إيقاع أكبر الخسائر بين صفوف المتظاهرين الفلسطينيين منذ انطلاق مسيرات العودة في ال30 من مارس الماضي، كان هو الهدف الرئيسي للاحتلال الإسرائيلي، من خلال إطلاق النيران بطريقة لا يستوعبها أي عقل، فقتل العشرات وأصاب الآلاف بأسلحة فتاكة واستخدم رصاصا متفجرا محرما دوليًا، منذ ما يقرب من شهر. فمنذ انطلاق مسيرات العودة الكبرى وصل عدد الشهداء والجرحى إلى نحو 6 آلاف، حيث يتدفق آلاف الفلسطينيين إلى حدود قطاع غزة المحاصر منذ عدة أسابيع ضمن مسيرة العودة بدعوة من الهيئة الوطنية العليا للمسيرة الكبرى للاجئين. أسلحة محرمة "الدمدم" أو "الرصاص الانشطاري المتفجر"، من أبرز الأسلحة الفتاكة التي يستخدمها الاحتلال الإسرائيلي ضد المدنيين، خاصة الأطفال منذ الانتفاضة الأولى (1987) وحتى الآن، رغم تحريمه دوليًا. هذا الرصاص يطلقه قناصة محترفون يركزون على المناطق العلوية من جسم الإنسان، مما يتسبب في تهتك الأحشاء، إضافة إلى مدخل ومخرج الرصاص من الجسم، ويعتبر هذا الرصاص صغير الحجم مقارنة بغيره، وأقل من الرصاصة العادية. اقرأ أيضا: «الخطر القادم لإسرائيل».. «عدسة جنى التميمي» تفضح جرائم الاحتلال وبالرغم من تحريم استخدام الرصاص المتفجر أو الدمدم في عدة اتفاقيات دولية، فإن الاحتلال يضرب بها عرض الحائط، ويستخدمه بشكل كبير وبإشراف جهاز الاستخبارات الإسرائيلية (الموساد)، خاصة ضد الفلسطينيين العزل، حسب "الأخبار الفلسطينية". هذا السلاح المحرم دوليا، ينفجر في الجسم لحظة الإصابة به، وتنتشر أجزاؤه على هيئة شظايا لتلحق الضرر بمناطق واسعة من الجسم، مما يؤدي لتفاقم الإصابة وجعل العلاج منها شبه مستحيل، خاصة إذا أصابت العظام حيث تؤدي لتهشيمها بشكل حاد. بدأ استخدام هذا السلاح خلال الحرب الأهلية الأمريكية في القرن التاسع عشر، وهو محرم دوليا منذ عام 1868 عندما صدر تصريح بطرسبورج بتحريم استعمال الرصاص المتفجر (الدمدم)، وأيد مؤتمران دوليان عقدا في لاهاي بهولندا، سنة 1899 وسنة 1907 (مبادئ بطرسبورج) التي ترتكز على أن استخدام أسلحة تسبب "معاناة غير ضرورية" أو "أذى زائداً" محرم. وأعيد تأكيد هذا المبدأ المعتبر أيضاً جزءاً من القانون الدولي العرفي، في مؤتمر دبلوماسي عقد في جنيف، سويسرا، سنة 1977. اقرأ أيضا: من هو «فادي البطش» الذي اغتاله «الموساد» بزعم أنه مهندس ب«حماس»؟ واستخدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي أنواعا مختلفة من المقذوفات المحرمة دوليا، التي تستهدف عددا كبيرا من الضحايا تؤدي للوفاة أو الإصابة بجروح شديدة وعاهات وإعاقات دائمة. العشرات على عكاز العديد من الصور أظهرت عشرات المصابين الفلسطينيين في القدم والأطراف بإصابات مباشرة جراء اعتداء قوات الاحتلال، مما يجبر هؤلاء الشبان الفلسطينيين على استكمال حياتهم بالعكاز. ووصف عدد من المصابين الفلسطينيين حالات إصاباتهم، حيث يروي الشاب محمد المغاري من على سرير المستشفى الذي يوجد فيه بعد 3 أسابيع من إصابته برصاصة إسرائيلية على حدود قطاع غزة، أن هناك فجوة فى ساقه تحت الجبس بإمكانه تمرير إصبعه من خلالها من جانب إلى آخر. ويقول الشاب البالغ من العمر 28 عاما: "أصبتُ برصاصة فى ساقى أحدثت تفجيرا في العظام، تدمّر 30 سم من عظم الساق تماما إضافة إلى العضل كاملا". ويتابع بحسرة أن الأطباء كانوا على وشك بتر ساقه، مشيرا إلى أنه كان يعمل فى مطعم، ويقول: "لن أتمكن من العمل الآن لسنتين على الأقل بسبب إصابتي"، بحسب "فرانس برس". تدمير الجسد ويبدو الأطباء قلقين إزاء تدفق مئات الجرحى إلى المستشفيات بجروح خطيرة، لا سيما في منطقة الركبة. مدير الاستقبال والطوارئ بمجمع الشفاء الطبي، أيمن السحباني، وصف الرصاص المتفجر الذي يستخدمه الاحتلال ضد المشاركين في فعاليات مسيرة العودة ب"الرصاص المدمّر لجسد المصاب" إذا ما تعرّض لتلك الطلقات. وأوضح السحباني أن خطورة "الرصاص المتفجر" تتمثّل في إحداث تهتك وتهشم واسعين بعظام المصاب، وكذلك في الأنسجة والأوردة"، لافتاً إلى أنه قد يؤدي إلى إعاقة على المدى الطويل، بسبب الدمار الذي يحدثه بجسد المصاب. من جهتها، قالت منظمة أطباء بلا حدود في غزة، إنها التقت جرحى يعانون من إصابات خطيرة وذات تأثير مدمر على خلاف نوعية الإصابات التي اعتادوا على التعامل معها، وهو ما تسبب بصعوبة علاجها. اقرأ أيضا: في «يوم الأرض».. «العودة الكبرى» صداع في رأس الاحتلال وبعد تقديم فرقها الطبية الرعاية لأكثر من 500 مصاب بأعيرة نارية خلال مسيرة العودة، أشارت المنظمة إلى أن معظم تلك الإصابات ستترك إعاقات بدنية خطيرة طويلة المدى. قوة مفرطة من جانبه، أكد مفوض الأممالمتحدة السامي لحقوق الإنسان الأمير زيد بن رعد الحسين: "على إسرائيل أن تضع حدا لاستخدام قواتها الأمنية للقوة المفرطة على الحدود مع قطاع غزة، وأن تحاسب المسئولين عن سقوط العدد الكبير من القتلى والمصابين الفلسطينيين خلال الشهر الأخير". وقال الأمير زيد في بيان، إنه خلال الأسابيع الأربعة الأخيرة قتل 42 فلسطينيا وأصيب أكثر من 5500 على طول السياج الحدودى فى غزة، فى الوقت الذى لم ترد فيه تقارير عن سقوط قتلى أو مصابين من الجانب الإسرائيلي، مضيفا: "فقد الأرواح أمر يستحق الشجب وعدد الإصابات الصادم جراء الذخيرة الحية يؤكد فقط الانطباع باستخدام القوة المفرطة مع هؤلاء المتظاهرين.. ليس مرة أو اثنتين بل مرارا وتكرارا". اقرأ أيضا: «الهدم».. سياسة الاحتلال الفاشلة لمحو الوجود الفلسطيني ويرى مراقبون أن القوة المفرطة التي تستخدمها قوات الاحتلال بشكل غير متكافئ ضد الفلسطينيين العزل الذين يطالبون بحقهم في العودة إلى بيوتهم التي سلبها الاحتلال إضافة إلى استخدام تلك الأسلحة المتفجرة والمحرمة تعكس عقلية الإجرام الصهيوني المبني على القتل والتشريد، حسب "سانا". رغم مواصلة الاحتلال استخدامه للقوة المفرطة ضد المتظاهرين السلميين في غزة، فإن هذه الأسلحة الفتاكة ومحاولات القمع الإسرائيلية زادت من إصرار الفلسطينيين على حقهم في العودة إلى أراضيهم المغتصبة من عشرات السنين.