شهدت الأسابيع الأخيرة، تصاعدا غير مسبوق في التهديدات بين إسرائيل وإيران، التي أعلنت أنها لن تتخلى عن فكرة الانتقام من تل أبيب ردا على قصف المواقع الإيرانية في سوريا. وكان آخرها الهجوم على قاعدة "التيفور" الجوية في ريف حمص وسط سوريا في التاسع من إبريل الجاري، وأسفر عن سقوط عسكريين إيرانيين، من بينهم قائد بارز. وأشارت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، إلى أن "أخطاء" إسرائيل الأخيرة التي أحاطت بالهجوم على القاعدة الإيرانية في سوريا، ليست مصادفة، بل إنها سياسة جديدة تتبعها تل أبيب. حيث إنها تحاول استفزاز إيران في صراع مباشر على الأراضي السورية، حتى تتمكن من إحباط محاولات طهران لترسيخ وجودها في سوريا قبل أن تتاح لها تلك الفرصة. وتقول الصحيفة العبرية، إن "زلة اللسان" من ضابط إسرائيلي كبير في لقاء مع صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية؛ وإطلاق العشرات من الصواريخ السورية المضادة للطائرات تجاه أهداف غير موجودة، واستدعاء جنود الاحتياط في إسرائيل، ثم الإعلان بعد ذلك أنه كان "خطأ غير مقصود"، لم تكن من قبيل الصدفة، فالكثير من "الأخطاء" في أسبوع واحد يعني أنها سياسة مقصودة. اقرأ المزيد: «هجوم التيفور» خطوة في الطريق نحو حرب إسرائيلية إيرانية مضيفة أنه من الصعب التخلص من الانطباع أنه هناك خطة ما لإرباك الإيرانيين، وتكمن الفكرة وراء هذه الاستراتيجية في تجنب اندلاع صراع مباشر بين إسرائيل وإيران. ويبدو أن هناك تحركا ما أكثر طموحًا من الصراع المباشر، يتضمن خطط إسرائيل في الرد على الضربة الانتقامية الإيرانية التي أعلن عنها الإيرانيون. ومن المفترض أن تستخدم إسرائيل هذا الرد للتأثير على العناصر الرئيسية المسيطرة في سوريا، لوقف نشر فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني في سوريا، وللتوضيح لها أنه لا يجب تجاهل المصالح الإسرائيلية. وأشارت الصحيفة إلى أنه من الممكن أن تكون إسرائيل قد توصلت إلى أن الوسائل العسكرية والدبلوماسية التي استخدمتها حتى الآن لوقف ترسيخ إيران في سوريا لا تؤتي ثمارها. وطرحت تساؤلا هو: "إذن ما الطرق الأخرى الممكن اتباعها؟" على سبيل المثال، يمكن لإسرائيل السيطرة على الموقف بإذكاء نيران الخلافات في المنطقة، إلا أن هذه سياسة قد تثير المزيد من المخاطر، لذا اتبعت إسرائيل سياسة أخرى، اعتمدت على إرباك الإيرانيين. فإن حدوث خطأ في استدعاء جنود الاحتياط هو أمر نادر الحدوث، لكنه قد يحدث، لكن اعتراف الضابط الإسرائيلي الكبير للصحفي الأمريكي توماس فريدمان بأن إسرائيل قد هاجمت بالفعل القاعدة "التيفور" الجوية بهدف قتل الإيرانيين وتدمير المعدات العسكرية الإيرانية، ليست "زلة لسان"، فهو شخص لديه الكثير من الخبرة في التحدث إلى وسائل الإعلام، وهي خبرة كافية لتجعله يصرح ب"زلة لسان" مقصودة. اقرأ المزيد: الحرب الإسرائيلية الإيرانية.. تهديدات «مستفزة» ومواقف مفاجئة وفي وقت لاحق، ألقى السوريون باللوم على إسرائيل في اختراق أنظمتها الإلكترونية لإطلاق صواريخ من أنظمة مضادة للطائرات، على أهداف وهمية. وأشارت الصحيفة إلى أنه بغض النظر عن مدى صحة هذا الأمر، فإن النتيجة كانت أن السوريين، أفادوا في البداية أن هذه الصواريخ اعترضت صواريخ إسرائيلية، فهم لم يكذبوا، حيث كانوا على يقين أن هذا ما حدث قبل أن يكتشفوا أنها أطلقت بالخطأ. وفي إطار الخطة الإسرائيلية، أصدر مكتب المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي بيانا قال فيه إن الطائرة الإيرانية التي أسقطت في 10 فبراير كانت مسلحة، كما أصدر، خريطة لنشر وحدات سلاح الجو الإيراني في سوريا. وتساءلت "يديعوت أحرونوت" مرة أخرى: إذا كان ذلك لا يهدف إلى تهيئة الرأي العام الإسرائيلي، وإثارة أعصاب السوريين والإيرانيين، فما هو إذن؟ وشارك مسؤول بارز في وزارة الدفاع الإسرائيلية في هذه الحملة لإثارة الأعصاب الإيرانية، وبث الرسالة نفسها منذ أسبوع، قائلا إنه إذا اندلعت الحرب بين إسرائيل والإيرانيين على الأرض السورية، فإنه سيطاح بالنظام السوري وسيختفي الأسد. فلا يعد هذا تهديدًا، بل استفزاز، لأن إسرائيل لا تملك القدرة على تغيير النظام في سوريا، لكن البيان ذاته يعد تحديا للإيرانيين، وليس من المفترض أن يردعهم، بل على العكس، هذا تصريح يدفعهم لتحدي إسرائيل. وبالنسبة للأسد، الذي بدأ يرى بصيصا من الأمل، بعد سلسلة الانتصارات التي حققها، فإنه بالتأكيد لا يريد حربًا جديدة على أرضه، ولا سيما مع إسرائيل. اقرأ المزيد: هل ستهاجم إيران إسرائيل؟ وكان أول من أدرك أن إسرائيل تخطط للتصعيد، حتى تتمكن من توجيه ضربة إلى الإيرانيين، في الوقت الذي لم ينتهوا فيه بعد من تأمين وجودهم بالكامل في سوريا، هو زعيم حزب الله حسن نصر الله. ومن بين تصريحاته التي أدلى بها خلال الخطاب الذي ألقاه الأسبوع الماضي، "اختارت وسائل الإعلام الإسرائيلية تسليط الضوء على تعليقه بأن إسرائيل ارتكبت خطأ تاريخيا بفتح مواجهة مباشرة مع الإيرانيين". لكن الرسالة الرئيسية التي خرجت من هذا الخطاب كانت، "أنا لست جزءًا من هذا الأمر"، وكانت بمثابة دعوة لإسرائيل، "لا تورطوني في مشكلاتكم مع الإيرانيين، إذا كنتم تريدون مواجهتهم، دعوني وشأني". وتحاول إسرائيل خلق ضغط شديد على النظام الإيراني، من خلال خلق أزمة عسكرية، وتوضح للشعب الإيراني والرئيس حسن روحاني، أن تصرفات الحرس الثوري تتعارض مع المصالح الواضحة للدولة الإيرانية. حيث كُلِّف الحرس الثوري، بمساعدة سوريا في هزيمة داعش، لكن الصراع مع داعش انتهى بالفعل، في حين أن الصراع مع إسرائيل على الأراضي السورية ليس جزءًا من التفويض الذي حصل عليه الحرس الثوري. وتساءلت الصحيفة: هل الشعب الإيراني، الذي يعاني من أزمة اقتصادية خطيرة، مستعد لتقبل الخسائر البشرية والمادية في حرب غير ضرورية مع إسرائيل؟ علاوة على ذلك، من المقرر أن يتخذ الأمريكيون خلال شهرين، قرارًا بشأن البقاء في الاتفاق النووي مع طهران، وهذا توقيت سيئ جدا للنظام الإيراني من أجل مواجهة عسكرية مباشرة مع إسرائيل.