أكد الجنرال روجر ترنر، قائد القوات الخاصة الأميركية في إقليم هلمند بجنوب غربي أفغانستان أن القوات الأفغانية قادرة على هزيمة "طالبان" في حال تلقيه تدريبات مناسبة وعند امتلاكه المعدات اللازمة. إلا أن الجماعة التي كانت توصف ب"ضعف الإمكانيات"، صعدت من هجماتها التي تستخدم فيها نظارات الرؤية الليلية، والأسلحة المزودة بأشعة الليزر، والتي يقول المسؤولون العسكريون الأمريكيون إنهم إما سرقوها من القوات الأفغانية والدولية، أو اشتروها من السوق السوداء. وقالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية إن هذه المعدات مكنت "طالبان" من الهجوم على القوات في جنح الليل، حيث تمكنهم من تعقب مروحيات التحالف، وأشعة الليزر الصادرة من البنادق الأمريكية. وبعد استخدام هذه التقنيات، قال مسؤول في الجيش أمريكي، إن الهجمات الليلية لتنظيم طالبان تضاعفت في عام 2017 عما كانت عليه في عام 2014. وأضاف أن عدد القوات الأفغانية التي لقيت حتفها أو أصيبت خلال الهجمات الليلية التي يشنها تنظيم طالبان، خلال تلك الفترة، تضاعف ثلاث مرات تقريبًا. وهو ما دفع القادة الأمريكيين إلى إعادة النظر في تزويد قوات الأمن الأفغانية بنظارات الرؤية الليلية، إلا أنه أثار بعض المخاوف من أن يؤدي هذا القرار إلى تحجيم قدرات القوات الأفغانية. وعلى مدار السنوات الماضية عبر القادة الأمريكيين من منح ضباط الصف الأفغان، وضباط الشرطة الأفغانية نظارات الرؤية الليلية، نظرًا للفساد المستشري بينهم. وعادة ما يتم منح هذه الأجهزة لنخبة القوات الخاصة الأفغانية ووحدات المهام الخاصة التابعة للشرطة فقط، وفقا لمسؤولين عسكريين أمريكيين. وأشار دافيد بارنو الضابط السابق في الجيش الأمريكي، والذي خدم في العراق في الفترة بين 2003 إلى 2005، إلى أنه في الوقت الذي وقعت فيه هذه المعدات في أيدي طالبان، تمكنت القوى المتطرفة في كل مناطق الصراع حول العالم من الاستيلاء على معدات مماثلة من الطائرات دون طيار، وهو "ما يمثل أزمة كبيرة، ويغير من الطريقة التي تقاتل بها هذه الجماعات". وذكرت "نيويورك تايمز" أن مع انتشار هذه المعدات، تلقت قوات المشاة في أفغانستان تعليمات بعدم استخدام العلامات المميزة على مركباتهم والتي يمكن رؤيتها بنظارات الرؤية الليلية، ما بدأ قادة المروحيات في الإدراك أن طائراتهم لم تعد محمية في الظلام. ففي أحد الحوادث، شن مقاتلو طالبان الذين استخدموا نظارات الرؤية الليلية، هجومًا على مقر للشرطة في محافظة فرح غرب أفغانستان، وانتهى الهجوم قبل الفجر، حيث تم العثور على 8 ضباط شرطة مقتولين على أسرتهم. وترتبط وتيرة وحجم هجمات طالبان الليلية بمحاولات القوات الأفغانية المتمركزة في نقاط التفتيش الصغيرة في جميع أنحاء البلاد، بالحفاظ على الأراضي التي تم الاستيلاء عليها من المسلحين. وكشفت وثائق حصلت عليها الصحيفة في وقت سابق عن المخاوف المتزايدة من القدرات العسكرية التي اكتسبها تنظيم طالبان بعد 16 عامًا من الحرب، وتظهر الوثائق أن الجيش الأمريكي قد بدأ بإرسال نماذج قديمة من أجهزة الرؤية الليلية إلى وحدات الجيش الأفغاني، وقال المسؤولون إن تكلفة هذه الأجهزة تقدر بنحو ثلاثة آلاف دولار للقطعة الواحدة. وتم إرسال واحدة من أولى مجموعات معدات الرؤية الليلية المخصصة للوحدات التقليدية في جنوبأفغانستان، والتي خاضت برنامج تجريبي لمدة أشهر، إلى الفيلق 215 المحاصر في مقاطعة هلمند في ربيع عام 2016. وكشفت الوثائق أنه تم إرجاع 161 جهاز فقط من أصل 210 جهاز، ولم يتم استخدام هذه المعدات بشكل فعال، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أن القوات لم تكن مدربة بشكل جيد لاستخدامها. وقالت القوات الأفغانية إن الأجهزة المفقودة كانت من "خسائر المعارك"، لكنها لم تستطع دعم هذه الادعاءات بأي دليل أو سجلات لتوضيح أين أو متى تم خسارة هذه المعدات، وفقاً للوثائق. وفي ذلك الوقت، كان قائد الفيلق 215 هو الجنرال معين فقير، والذي تم اعتقاله فيما بعد بتهم فساد، شملت إساءة استخدام أموال الطعام المخصصة لقواته. وفي العام الماضي كانت النتائج أفضل، حيث تم إرسال معدات الرؤية الليلية إلى الفيلق رقم 205، المتمركز حول مدينة قندهار، حسبما أظهرت الوثائق العسكرية. وفي الفترة بين يوليو وديسمبر، كشفت الوثائق فقدان خمسة أجهزة عندما انتهى البرنامج، وخلال الصيف والخريف، قلت نسبة الضحايا في الجيش الأفغاني بنسبة 15% حول قندهار، مقارنة بما كان عليه الأمر خلال نفس الفترة من عام 2016. وذكرت الوثائق أن الفضل يعود لمعدات الرؤية الليلية في الانخفاض الملحوظ في أعداد الضحايا، وخلصت إلى أن هذه الأجهزة "أصبحت جزءًا لا يتجزأ من خطط الدفاع الأساسية". وأضافت أن الجيش الأمريكي يخطط الآن لتجهيز القوات بما يقرب من 2500 نظارة للرؤية الليلية، كجزء مما وصفته الوثائق ب"برنامج دائم". على الرغم من تلك النجاحات، إلا أنه لا يزال من غير الواضح ما إذا كان الجيش الأمريكي سيعطي بقية الأجهزة للجيش الأفغاني، حيث قالت القيادة الأمريكية في كابول إنها لا تمنح معدات الرؤية الليلية سوى إلى وحدات العمليات الخاصة في الجيش والشرطة الأفغانية. وأشارت "نيويورك تايمز" إلى أن أجهزة الرؤية الليلية، مكنت مقاتلي طالبان من الاقتراب من المعسكرات الأفغانية دون أن يتم اكتشافهم قبل الهجوم. في البداية كانت تلك الهجمات تنفذ بواسطة مجموعة من مقاتلي طالبان في جنوبأفغانستان يطلق عليهم اسم "الوحدات الحمراء"، إلا أنه على مدار العام الماضي، انتشر استخدام نظارات الرؤية الليلية في شمال وشرق أفغانستان، وفق مسؤولين في الجيش الأمريكي. وقال هؤلاء المسؤولون إن طالبان كانت تستخدم أجهزة ومعدات أمريكية الصنع يتم توفيرها على نطاق واسع للشراء، وفي بعض الحالات، تركت الولاياتالمتحدة أو القوات الأفغانية هذه المعدات في ساحة المعركة، وفي حالات أخرى، يُعتقد أن الجنود الأفغان باعوا هذه الأجهزة للمتطرفين. وهو ما نفاه اللواء دولت وزيري، الذي كان حتى وقت قريب يعمل كمتحدث باسم وزارة الدفاع الأفغانية، وقال إن جميع معدات الرؤية الليلية التي قدمها الجيش الأميركي للقوات الأفغانية قد تم "تسجيلها". فيما قال ذبيح الله مجاهد المتحدث باسم طالبان، إن المقاتلين حصلوا على أجهزة للرؤية الليلية، بعد مهاجمة قواعد أفغانية أو أسر أعضاء في قوات الأمن الأفغانية. وقال أحد المسؤولين العسكريين الأمريكيين إن ضباط الشرطة الأفغانية يتعرضون لتهديدات متزايدة بسبب تزايد أعداد الهجمات الليلية، حيث تنتشر وحداتهم في مناطق قليلة السكان في أفغانستان. وأضاف المسؤول أن ضباط الشرطة الوطنية الافغانية خاصة في الجنوب يقدمون طلبات يائسة للحصول على المعدات منذ شهور، حيث تعد الشرطة جزء من وزارة الداخلية، المتهمة بالتورط في بيع هذه المعدات.