تعيش ليبيا على وقع صراع سياسي ومسلح على السلطة منذ سقوط القذافي في 2011، بين حكومة الوفاق الوطني في طرابلس المعترف بها دوليا، والحكومة المؤقتة في شرق ليبيا المرتبطة بالمشير خليفة حفتر، ودفعت البلاد فاتورته من دماء شبابها. واليوم عاد الحديث مجددا عن تقسيم السلطة في خطوة قد تقود البلاد إلى الانهيار، حيث كشفت صحيفة الشرق الأوسط عن صفقة سرية طرحها فايز السراج على المشير حفتر عبر وسطاء ومبعوث شخصي، لاقتسام السلطة في محاولة لإنهاء الأزمة السياسية والعسكرية التي تشهدها البلاد. "الصحيفة" نقلت عن مسئول ليبي رفيع المستوى، قوله: إن "حفتر تلقى رسالة في هذا الخصوص من السراج، لدى اجتماعه قبل نحو أسبوعين بمقره في منطقة الرجمة خارج مدينة بنغازي شرقي ليبيا، مع مبعوث شخصي من السراج، بوساطة من دولتين عربيتين على الأقل". اقرأ أيضًا: انتخابات ليبيا.. صراع بين الفرقاء و«القذافي» يعود للمشهد وأوضح "المسئول" أن مبعوث السراج نقل إلى حفتر رسالة تتضمن إنشاء مجلس رئاسي جديد لحكومة الوفاق الوطني التي تدعمها بعثة الأممالمتحدة، وإعادة تشكيل حكومة جديدة، قبل الانتخابات البرلمانية والرئاسية التي تخطط البعثة الأممية لإجرائها قبل حلول نهاية سبتمبر المقبل. المثير في الأمر أن العرض يتضمن بقاء حفتر على رأس المؤسسة العسكرية الليبية، مع دمج وزارة الدفاع في حكومة السراج تحت قيادته العامة للجيش الوطني الليبي، بالإضافة إلى منح حفتر حصة في الحقائب الوزارية، وتعيين كبار المسئولين، بما في ذلك سفراء ليبيا في الخارج. لكن المسئول أكد أن المشير حفتر رفض ما وصفه بالصفقة السياسية مع السراج، وأبلغ مبعوثه بأنه لا يعترف بشرعية وجوده من الأساس، على اعتبار أن الولاية القانونية للمجلس الرئاسي للسراج وحكومته انتهت في ديسمبر الماضي. وعلى ما يبدو فإن المشير خليفة حفتر بدأ يسيطر على مجريات الأمور، خاصة أن هناك نقلة نوعية في التنسيق غير المعلن بين حفتر وإدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بشأن مكافحة الإرهاب على الأراضي الليبية، حسب ليبيا اليوم. اقرأ أيضًا: الإرهاب يتساقط في ليبيا.. وزعيم «داعش» يعيد ترتيب صفوف التنظيم حيث أجرى مسؤولون بوزارة الخارجية الأمريكية وقادة في قيادة القوات الأمريكية العاملة في إفريقيا، والمعروفة باسم "أفريكوم" محادثات سرية مع حفتر، بالعاصمة الأردنية عمان، واجتمع خلالها أيضًا مع مسئولين من الإمارات وروسيا. بعد إقرار واشنطن بأول ضربة بطائرة من دون طيار ضد مقاتلي تنظيم القاعدة جنوب ليبيا، أشارت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية إلى احتمال توسع كبير في الحملة الأمريكية لمكافحة الإرهاب في الدولة الواقعة فى شمال إفريقيا. الخطوات التي نحن بصددها تؤكد أن المشير خليفة حفتر بدأ في اكتساب ثقة المجتمع الدولي خاصة بعد النجاحات التي حققها في مواجهة الإرهاب. وتأكيدا على ذلك، مشاركة الولاياتالمتحدةالأمريكية في العملية العسكرية داخل الأراضي الليبية، بالتعاون مع الجيش الوطني، حيث استهدفت واشنطن مناطق تمركز للميليشيات المسلحة بجنوب غربي ليبيا، أسفرت عن مقتل عناصر من تنظيم القاعدة. اقرأ أيضًا: أمريكا تتآمر على ليبيا.. ومساعٍ للسيطرة على إفريقيا يمكننا القول إن الهجوم على ما يبدو هو توسيع إضافي لنشاط "أفريكوم" القيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا بالمناطق الليبية غير الخاضعة لسيطرة الحكومة. مصدر مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية أوضح أن الولاياتالمتحدة تتحدث مع نطاق واسع من القادة الليبيين السياسيين والأمنيين بمن فيهم المشير خليفة حفتر، وذلك من أجل دفع العملية السياسية قدمًا وإعادة الاستقرار في البلاد، وفقًا ل"الشرق الأوسط". في المقابل سعى قائد الجيش الوطني الليبي إلى عقد لقاءات بمقر إقامته في الرجمة، خارج بنغازي، بمجموعة من أعضاء مجلس النواب المحسوبين على السراج في غربي ليبيا، حيث نقلوا مقترحًا بإقالة رئيس البرلمان عقيلة صالح من منصبه، حسب مصادر ليبية. وتضمنت الفكرة الرئيسية بأن يتم الاتفاق على نقل مقر البرلمان من طبرق إلى بنغازي وعقد اجتماع لأعضائه يتم خلاله انتخاب شخصية أخرى لرئاسته، بخلاف رئيسه الحالي عقيلة صالح، الذي يرفض تمرير حكومة السراج أو منحها الشرعية تحت قبة البرلمان المعترف به دوليًا. لكن سرعان ما قوبل المشروع بالرفض من قبل المشير حفتر، حيث أكد أن رئيس البرلمان شخصية وطنية لا تقبل في التفريط بثوابت الوطن، كما أنه أحد أهم الداعمين للجيش الوطني، ولا نسمح بالمساس به. فكرة الإطاحة برئيس البرلمان لا تقتصر فقط على السراج، بل يبدو أنها تشمل أيضًا غسان سلامة الذي كان قد أبلغ أعضاء في البرلمان التقاهم خلال زيارته الأخيرة إلى بنغازي، أن المجتمع الدولي، وتحديدًا الاتحاد الأوروبي، لن يقبل باستمرار الشخصيات المُدرجة على قائمة عقوباته. في حين كشفت مصادر ليبية، عن تحدث أكثر من عضو في البرلمان الليبي من بينهم طلال الميهوب، رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي، عن تعرضهم لمحاولات لشراء ولائهم من قبل فايز السراج، مقابل الإطاحة بعقيلة صالح من منصبه كرئيس للبرلمان أو التصويت لصالح تمرير حكومته في حال الاتفاق على عقد جلسة للتصويت لمنحها الثقة، وفقًا للصحيفة اللندنية. يمكننا القول إن الفوضى العارمة والانفلات الأمني، وغياب دولة مركزية قوية جميعها عوامل أسهمت في بسط الميليشيات المسلحة نفوذها على البلد الإفريقي، وإحداث انقسام بين الفرقاء، ومن الممكن أن تدفع البلاد إلى التفتت.