استمرارًا لمسلسل الانتهاكات والاعتداءات التي يرتكبها الاحتلال بحق المسجد الأقصى المبارك بمدينة القدسالمحتلة، أجاز قرار قضائي إسرائيلي إقامة طقوس تلمودية للمستوطنين اليهود على أبواب الأقصى، في سابقة خطيرة ربما تؤدي إلى تعقيد المشهد وزيادة التوتر بشكل غير مسبوق. القرار الإسرائيلي الصادم جاء في إطار جلسة للمحكمة عقدت للنظر في قرار الشرطة الإسرائيلية، إبعاد ثلاثة مستوطِنات عن منطقة الأقصى، بعد أدائهن صلوات يهودية عند باب حطة "أحد أبواب المسجد الأقصى"، إلا أن المحكمة ادعت أن "حقهم في ذلك لا يقل عن حق العرب". بعد ساعات قليلة من قرار المحكمة الإسرائيلية، اقتحم 64 مستوطنا، معظمهم من غلاة المتطرفين وبلباسهم التلمودي التقليدي، اليوم الاثنين، المسجد الأقصى المبارك، وذلك وسط حراسات مشددة من قوات الاحتلال الإسرائيلي، كما حاول عدد من المستوطنين أداء شعائر تلمودية في المسجد خلال جولاتهم الاستفزازية فيه. غضب فلسطيني ردود أفعال غاضبة، سادت في صفوف الفلسطينيين الذين أبدوا رفضهم لهذا الإجراء، مؤكدين أن الصلاة فيها لا تجوز إلا للمسلمين وحدهم. "المحكمة الإسرائيلية ليست ذات اختصاص وليست ذات صلاحية، فالأقصى أسمى من أن يخضع لقرارات محاكم الاحتلال، وهو حق خالص للمسلمين وحدهم"، هكذا علق رئيس الهيئة الإسلامية العليا عكرمة صبري على قرار المحكمة الإسرائيلية، مضيفًا أن "أي إجراء يمس الأقصى سيؤدي إلى توتر المنطقة"، حسب "قدس برس". كما حذر الناطق باسم الحكومة الفلسطينية يوسف المحمود، من خطورة الإجراءات الإسرائيلية بحق المسجد الأقصى وسائر المقدسات الإسلامية والمسيحية في مدينة القدس، محملا الحكومة الإسرائيلية كامل المسؤولية عن تلك الإجراءات. واعتبر أن إسرائيل "تفتح من خلال مساسها بالمقدسات الإسلامية والمسيحية الباب أمام حرب دينية فظيعة وغريبة على بلادنا، وتكوين وتفكير أهل بلادنا، ولا نرغب بها بل نبذل كل جهد لمنعها". المحمود أكد أن هذا القرار يعتبر ضمن الاعتداءات الاحتلالية الخطيرة، لأن ما تسمى "بالمحاكم الإسرائيلية" تقع ضمن مؤسسات الاحتلال، والتي أقيمت من أجل خدمته، والتغطية على اعتداءاته. من جانبه رفض المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية وخطيب الأقصى محمد حسين، القرار الإسرائيلي، مشددا على أن "الأقصى للمسلمين وحدهم، ولا يحق لغيرهم الصلاة أو ممارسة شعائرهم الدينية فيه". خطيب المسجد الأقصى أوضح أن "هذه ليست المرة الأولى التي تتخذ فيها محاكم الاحتلال مثل هذا القرار، فمنذ عام 1975 أجازت محاكم الاحتلال الصلاة للمستوطنين أمام الأقصى، لكنها في الوقت نفسه فوضت الأمر للشرطة الإسرائيلية". كما حذرت حكومة الوفاق الوطني من خطورة الإجراءات الإسرائيلية بحق الأقصى، قائلة "إن إجازة إقامة طقوس تلمودية لليهود على أبواب الأقصى من قبل محكمة إسرائيلية، يعتبر بالفعل سابقة خطيرة، واعتداء غير مسبوق". الصراع الديني من جانبها، أدانت حركة "فتح" على لسان الناطق باسمها أسامة القواسمي الاقتحامات المتتالية المتصاعدة من المتطرفين للمسجد الأقصى وأدائهم لشعائرهم الدينية على أبوابه، قائلا "إن هذا العمل جريمة بحق المقدسات الإسلامية، وامتهان لكرامة العرب والمسلمين، وتصعيد خطير بحق الفلسطينيين". وشدد على أن إسرائيل تدفع باتجاه الصراع الديني، وتضع مخطط هدم المسجد الأقصى نصب عينيها لإنشاء الهيكل المزعوم، وترى في صمت العالم على هذه الانتهاكات وعدم محاسبة ومساءلة إسرائيل على جرائمها فرصة سانحة للاستمرار فى خرق القانون الدولي وعدم الاكتراث به، وهى بذلك تصفع المؤسسات الدولية وقراراتها وتبعث لهم برسالة واضحة عنوانها أن إسرائيل فوق القانون الدولي. ذبح القرابين وبالتزامن مع قرار المحكمة، نجد أن شرطة الاحتلال سمحت لجماعة "أمناء جبل الهيكل" المتطرفة وللمرة الأولى بالقيام بذبح قربان عيد الفصح اليهودي قريبًا من مداخل المسجد الأقصى. الجماعة اعتادت في السنوات الماضية على ذبح القربان بعيدًا عن مداخل الأقصى، في حين اقتربت هذا العام من المسجد الأقصى وستقوم اليوم الاثنين بذبح القربان إلى الجنوب من المسجد الأقصى، وفيما يسمى بالحديقة الأثرية وهي أقرب نقطة على المسجد الأقصى من الجهة الجنوبية، حسب "هآرتس". وأضافت أن مراسم ذبح القربان تقترب عامًا بعد عام من المسجد الأقصى، حيث بدأت من غربي القدس واقتربت اليوم إلى مداخل المسجد الأقصى. سلسلة من الانتهاكات منذ احتلاله في العاشر من يونيو عام 1967، تعرض المسجد الأقصى، بمدينة القدس، لسلسلة طويلة من الانتهاكات الإسرائيلية. فنجد أن اقتحامات المستوطنين للمسجد الأقصى مستمرة منذ 1967، ولكنها شهدت التصعيد الأكثف في 2016، إذ وصل عدد المستوطنين الذين اقتحموا المسجد الأقصى خلال العام الماضي ما يقارب 14 ألف مستوطن، في حين كانوا في العام 2009 ما يقارب 5600 مستوطن، أي أنهم ازدادوا خلال 7 أعوام بنسبة 148%. شملت هذه الانتهاكات، إغلاق المسجد، ومنع الصلاة فيه، خلال العام الماضي، وأعقب ذلك تركيب إسرائيل بوابات تفتيش إلكترونية على مداخل المسجد، وهو ما أثار غضب الفلسطينيين، حيث رفضوا الدخول عبرها، وقرروا الصلاة في الشوارع المحيطة. "الحفريات" أيضا كانت أحد أشكال انتهاكات الأقصى، حسب تقرير مؤسسة القدس الدولية 2016، فقد وصل عدد الحفريات في محيط المسجد الأقصى 63 حفرية متوزعة على الجهات الأربعة في محيط الأقصى. ومن أخطر تلك الحفريات، النفق الذي افتتح في 2016 بحضور ميري ريجيف وزيرة الثقافة الإسرائيلية ونير بركات رئيس البلدية الإسرائيلية في القدس، والذي يمتد من عين سلوان جنوبا ويصل إلى الزاوية الجنوبية الغربية من المسجد الأقصى.