مع اقتراب الانتخابات التركية، المقرر عقدها أوائل العام المقبل، لا يزال الشعب العثماني يعاني من ديكتاتورية رجب طيب أردوغان، في ظل حملته القمعية بحق المعارضين الرافضين لسياسته، والانتهاكات التي يمارسها ضد حزب الشعوب الديمقراطي "الأكراد". لم يكتف أردوغان بمساعيه الرامية إلى تكميم أفواه المعارضة، بل وصل الأمر إلى استخدام أساليب قمع مختلفة للتأكد رسميا من عدم خروج أي تظاهرات مناهضة له، أو الاعتراض على عملياته العسكرية في شمال سورياوالعراق. ويبدو أن الانتهاكات العثمانية بحق أبناء الشعب، طالت المؤسسات مثل الجيش والمدارس والمحاكم بذريعة قلب نظام الحكم، إضافة إلى شن حملة شرسة على المعارضة في الداخل والخارج لرفضها تجاوزات أردوغان بحق الأقلية الكردية. اقرأ أيضًا: مواجهة أمريكية ونفور أوروبي.. سياسة أردوغان الخارجية تقود تركيا للهاوية ورغم القوة المفرطة التي يستخدمها أردوغان بحق شعبه، فإن أصوات المعارضة أخذت تتعالى في الأفق، خاصة بعد أن دعا زعيم حزب الشعب الجمهوري التركي المعارض كمال كيليتشدار أوغلو إلى التعاون مع دمشق في محاربة الإرهاب، مبديا استعداد الحزب للاتصال المباشر مع السلطات السورية للحفاظ على وحدة أراضي البلاد ضد العملية العسكرية التي يشنها أردوغان في عفرين وضواحيها. وواصل أوغلو تحديه للرئيس العثماني، بالإشارة إلى الدعوة إلى انتخابات محلية مبكرة، وأنه سيعطي كل التأييد الضروري من أجل إجراء تغيير قانوني لإجراء الانتخابات قبل عام 2019. والسؤال هنا.. هل ينجح أوغلو في مواجهة أردوغان؟ تصريحات زعيم المعارضة حول ضرورة إجراء الانتخابات قبل العام المقبل، هي مؤشر قوي على تراجع شعبية أردوغان على الساحة المحلية، بل وصل الأمر إلى توجيه رسالة تحد إلى السلطان العثماني مفادها: "أتحداك علنًا.. دعونا نرى من يحاول الهروب من صناديق الاقتراع". اقرأ أيضًا: تركيا تستعد لغزو العراق.. مؤامرة جديدة لقتل الهوية الكردية تحدي أوغلو لم يأت من فراغ، خاصة أن أردوغان طالب باستقالة عدد من رؤساء البلديات المنتخبين من صفوف حزب العدالة والتنمية، وهو ما دفع زعيم المعارضة إلى التعجل في إجراء الانتخابات لمعرفة مدى شعبية الرئيس الحالي لدى الرأي العام. الحقيقة أن السلطان الديكتاتوري، فقد دعما كبيرا في الداخل والخارج، وهو مؤشر قوي على احتمالية خسارته في الانتخابات المرتقبة، وهذا ما دفعه إلى إحكام قبضته على السلطة ومؤسساتها، وأيضًا الاستحواذ على كافة الوسائل الإعلامية في البلاد كي لا تكون مِنبرًا للمعارضة. خطة أردوغان لفرض السيطرة كاملة وسد جميع السبل أمام المعارضة قبل الانتخابات، دليل دامغ على رغبة الأخير في البقاء بمنصبه بصلاحيات أوسع تجعله حاكما عثمانيًا جديدًا لتركيا. اقرأ أيضًا: تركيا تواصل انتقامها من أكراد سوريا.. وتتحدى مجلس الأمن صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، كشفت عن دور أحد رجال الأعمال البارزين في مجال الصناعة والمقرب من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في تكميم أفواه المعارضة. حيث أجرى رجل الأعمال محادثات لشراء مجموعة من الصحف والقنوات التليفزيوينة فى تركيا، من بينها صحيفة "حريت" اليومية، وقناة "سى إن إن تورك"، في صفقة تزيد من عرقلة أصوات المعارضة قبيل الانتخابات. أما ويليام جاكسون، الخبير الاقتصادي في شركة كابيتال إيكونوميكس الاستشارية فى لندن، قال: إن "بعض الأصول الإعلامية التي يتم الاتفاق عليها كانت تميل لاتخاذ موقف سياسي مُحايد، والخوف الآن أنها ستصبح أكثر موالاة للحكومة". في حين علَق إرول أوديروجلو، ممثل منظمة مراسلون بلاد حدود في تركيا، بالقول: "لو تم المضي قدمًا في الصفقة، فإن الحكومة سيكون لها سيطرة كاملة على الإعلام". ما نود الإشارة إليه أن الحكومة التركية لن تتوانى عن مواصلة قمع الإعلام والصحفيين والمجتمع المدني، وذلك بعد محاولة الانقلاب الفاشلة في 2016، والتي أدت إلى اعتقال عشرات الآلاف من المعارضين وأفراد الجيش بالإضافة إلى الصحفيين. المثير في الأمر أن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان قضت هذا الأسبوع بأن حق الحرية والأمن وحرية التعبير لاثنين من الصحفيين الأتراك قد تم انتهاكه خلال اعتقالهما لأكثر من عام دون محاكمة، وهذا دليل آخر من الخارج على سياسة أردوغان القمعية دون مبالاة للقيم الإنسانية والحقوق والحريات. ومن المقرر أن تعقد تركيا انتخابات محلية في مارس العام المقبل، تعقبها انتخابات رئاسية وبرلمانية في نوفمبر، وذلك بعد الموافقة على تعديلات دستورية تتيح توسعة صلاحيات السلطان العثماني.