كتب- أحمد صبحي وعوض سليم ومحمد الزهراوي "تشققات، شروخ، تساقط أجزاء، حيوانات ضالة، دعارة، تعاطى مخدرات، بناء مخالف، مقالب قمامة"، هذا هو حال المقابر الإسلامية التى يرقد فيها صحابة رسولنا الكريم، وبعض التابعين، فى ظل حالة من الإهمال الصارخ، والبلادة القاتلة، من قبل المسئولين عنها، لتبقى هذه المقابر بأجساد أصحابها شاهدة على هذا العبث. بلادة المسئولين تضرب البقيع الثانى "البهنسا" منطقة البهنسا الواقعة في غرب مدينة بني مزار، شمال مُحافظة المنيا، والتي تُعد البقيع الثاني، وهى أحد أهم المناطق الأثرية في المنيا، لاحتوائها على العديد من العصور التاريخية بداية من العصر الفرعوني وانتهاءً بالعصر الإسلامي، وسُميت بالبقيع الثاني، لاحتوائها على المئات من مقابر صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم، والذى يتجاوز عددهم المئات. عدم العمل على ترميم المناطق الأثرية في المنطقة، جعل الكثير من قباب الصحابة والشهداء، تنتظر الانهيار، بعد أن تعرضت للتشققات والشروخ، وتساقط أجزاء منها، ومنها قباب محمد الخرسي أحد علماء البهنسا فى العصر العثمانى ولقب بالحبر لكثرة علمه ونبوغه، والحسن الصالح، ويحيى البصري، المتواجدة أعلى مكان مُرتفع بالمنطقة، ما أدى إلى زيادة الشروخ بها وتعرض بعضها للانهيار، وكذلك قبة السيدة رقية. وتُعاني قُبة الشيخ عبد الغني بن سمرة البهنسي والمعروف بالشيخ "أبو سمرة"، أحد علماء الأزهر الشريف في العصر المملوكي، وحاكم البهنسا، والمُقامة في التل الأثري، من حالة إهمال شديدة، تسبّبت في تشققات بالقبة، جعلتها عُرضة للانهيار، ولم تقف حالة الإهمال عند حد القباب، بل طالت سور موقع الحفائر، الذي تساقطت منه أجزاء كبيرة. سلامة زهران، مدير منطقة الآثار الإسلامية والقبطية بالبهنسا، قال إن قباب صحابة رسول الله، والشهداء، تحتاج لعمليات ترميم سريعة وعاجلة، بسب الشروخ العديدة والنافذة في الجدران، موضحًا أنّه أرسل مقترحًا لتطوير المنطقة إلى وزير الآثار الحالي، وفي انتظار الموافقة والتنفيذ، والتي تشمل عمل لوحات إرشادية لكل آثارها موضحًا عليها اسم الأثر وتاريخه ونبذة مختصرة عنه، وشبكة إنارة كاملة، ووضع أعمدة إنارة يتناسب مع الطراز الإسلامي، وتركيب أبواب خشبية بطراز إسلامي على القباب، وعمل أسوار حديدية متوسطة الارتفاع، لتتناسب أيضًا مع المظهر الاسلامي، وإقامة قاعة مؤتمرات صغرى تُقام فيها مؤتمرات السياحة والآثار، وكذلك مكتبة ثقافية تضم جمع الكتب التي تحكي تاريخ البهنسا والمنيا عبر العصور. اللواء عصام البديوي، محافظ الأقليم، قال إنّه وخلال تفقده منطقة البهنسا العام الماضي، أصابه حالة من الإحباط الشديد، بعد أن رصد حالة الإهمال التي تضرب "البهنسا"، وانتشار الباعة الجائلين، بما لا يتناسب مع مكانة "المنطقة"، مضيفًا "وضعنا خطة لتطوير المنطقة، حتى تكون بحق البقيع الثاني كما عُرف عنها. "البهنسا"، كانت أحد أهم الحصون الرومانية بصعيد مصر، ولم تكن بحدودها الجغرافية التي نعرفها الآن، ولكن كانت تمتد من حدود بني سويف شمالاً، وحتى قرية طحا الأعمدة في مركز سمالوط جنوبًا، وكانت مسرحا لأعمال القتال الكبيرة التي تمت بعد حصار من الجيش الإسلامي للبهنسا، استمر قرابة الستة أشهر، وتم فتحها، واُستشهد في معارك فتحها عدد كبير من الصحابة، وأصبحت هذه البقعة طاهرة بدماء الشهداء، لذا أطلق عليها مدينة الشهداء. تضم البهنسا مقابر العديد من الصحابة والشهداء، منهم: "محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق القرشي التيمي، وأبي عتيق - زياد بن أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب، والقعقاع بن عمرو التميمي، وميسرة بن مسروق العبسى، وزيد بن الخطاب، ومالك الأشقر الربيعي، ومحمد بن أبى ذر الغفاري، ومحمد بن عقبة بن نافع، والسيدة خولة بنت الأزور شقیقة الفارس العربي ضرار بن الأزور، وإبان بن عثمان بن عفان، وعبد الله بن المقداد بن الأسود، وعبد الرزاق الأنصاري، وأبو مسعود الثقفي، وكعب بن نائل السلمي، وهاشم بن نوفل القرشي، وعمارة بن عبد الدار الزُهري، وأبو كلثوم الخزاعي، وأبو سليمان الداراني، وأبو زياد اليربوعي، وصاغر بن فرقد، وعبد الله بن سعيد، وعبد الله بن حرملة، وعبد الله بن النعمان، وعبد الرحيم اللخمي، وأبو سلمة الثقفي، ومالك بن الحرث، وأبو سراقة الجهني، وأبو حذيفة اليماني، وابن أبي دجانة الأنصاري، وأبو العلاء الحضرمي". المقابر الفاطمية بأسوان تتحول إلى مقالب قمامة ومأوى للخارجين عن القانون
وفى أسوان تشهد المقابر الفاطمية إهمالا جسيما، والتى يعود تاريخها إلى القرن الأول الهجرى، وتحديدا سنة 13 هجريا، وتعد من أهم وأقدم الآثار الإسلامية فى العالم، إذ تأرخ لحقبة تاريخية هامة لعصر الفتوحات الإسلامية فى مصر وإفريقيا، حتى أن بعض المراجع التاريخية وضعها فى المرتبة الرابعة من حيث عدد الصحابة والتابعين المدفونين فيها وذلك بعد البقيع في المدينةالمنورة ثم جبانة البهنسا الغراء في بني مزار بالمنيا. المقابر الفاطمية، المنتشرة فى عدة مناطق بمدينة أسوان وهى مناطق العنانى والمنشية والجبانة الفاطمية ومنطقة خلف المتحف النوبى، والتى حملت شواهد قبور عدد من الرعيل الأول من الصحابة الذين عاصروا الرسول صلي الله عليه وسلم من قبائل قحطان ونزار وربيعة ومضر، وكثيرون من القرشيين، تعانى الآن من الإهمال خاصة المقابر المتواجدة بمنطقة منشية النوبة وسط أسوان، حيث تحولت من مزارات سياحية ودينية وتاريخية إلي "مقالب للقمامة، فيما بدأت الجدران تتعرض وبشكل يومي للتآكل والشقوق والتصدعات، فضلا إلى تحولها الى مرتع للخارجين عن القانون والكلاب الضالة، فى ظل توقف عمليات الترميم نظرا لضآلة الميزانيات. "التحرير" قامت بجولة بمنطقة المقابر الفاطمية بمنشية النوبة، أو منطقة العنانى كما يطلق عليها، لفتح هذا الملف الساخن قبل أن نفاجأ ذات صباح بانهيارها وزوالها. للحظة الأولى وعند مشاهدة المجموعة الشرقية من القباب المتواجدة بالقرب من مديرية أوقاف أسوان، يتبين أن الإهمال أصبح عنوانا لها، حتى أنها تحولت من كل النواحي إلى تلال من القمامة وشهدت العديد من الانهيارات والتصدعات للجدران، كما هو الحال لأحد الأسوار المقابلة لمبنى الأوقاف. أحمد راشد، وهو أحد أبناء المنطقة، يقول إن المنطقة الأثرية للقباب الفاطمية، تحولت إلى مقلب للقمامة حيث يقوم الأهالى بإلقاء مخلفات القمامة بداخلها فى شكل محزن بعد تحول مراقد وشواهد قبور عدد من المهاجرين الأوائل من الصحابة، إلى هذه الحالة، فضلا عن تحولها إلى مأوى للخارجين عن القانون والحيوانات الضالة، فى ظل غياب الوجود الأمنى. وتابع، أن المنطقة الأثرية للقباب الفاطمية، أصبحت منطقة مهجورة بعدما فشل مسئولو الآثار فى تحويلها إلى منطقة سياحية تضاف إلى الخريطة السياحية للمحافظة، والتى قد تجذب عشاق السياحة الدينية، حتى أن أبسط مقومات الترويج السياحى لها من خلال التعريف بتاريخ هذه القباب وأشهر من دفن بها لن تجده. أبو السعود حمته وهوأحد قيادات منطقة منشية النوبة بأسوان، قال: إننا نعانى منذ فترة كبيرة من تحول المقابر الفاطمية الموجودة بالمنطقة سواء من الناحية الشرقية، أو الغربية وصولا إلى ضريح الشيح العنانى، لمأوى للخارجين عن القانون، ناهيك بحالة الإهمال التى ضربت المواقع الأثرية الإسلامية، خاصة مع الانهيارات والتصدعات التى شهدتها الحوائط والجدران، الأمر الذى يستلزم تدخلا فوريا لمسئولى الآثار حتى لا نفاجأ ذات صباح بانهيارها وزوالها وتحولها إلى مجرد ذكرى. عبد السلام حسن، مدير عام منطقة آثار أسوان الإسلامية والقبطية، قال إننا رفعنا مذكرة لقطاع الآثار الإسلامية بالوزارة، لتطوير منطقة القباب الفاطمية بمنشية النوبة، أو العنانى كما يطلق عليها خاصة مع انهيار أحد الأسوار الخاص بالمجموعة الشرقية للقباب الفاطمية. وأضاف أنه سيتم ترميم السور الذى سقط بهذه المجموعة فور اعتماد الميزانيات الخاصة بها، كما شكلنا لجنة تفقدت المنطقة المشار إليها وأعدت تقريرا عنها، خاصة مع وجود حالة بناء لأحد الأشخاص بالقرب من ضريح العنانى بالمخالفة لشروط البناء المتبع فى هذه المنطقة والتى تحدد طابقا أرضيا ودورا علويا فقط للبناء، كما تم تحرير محضر إثبات حالة بالواقعة فى إطار الحفاظ على أثرية المنطقة.