الحصول على أكبر قدر من الأراضي الفلسطينية، هو الهدف الأساسي للاحتلال الإسرائيلي، وذلك في سبيل ترسيخ الوجود "الإسرائيلي" من خلال محو الوجود الفلسطيني على تلك الأراضي. فخنق المجتمع الفلسطيني هو ما تحاول سياسة الاحتلال تحقيقه من خلال عدة أدوات وأساليب، أبرزها "الهدم"، وبات الفلسطيني يواجه مختلف العراقيل للحصول على تراخيص البناء، وجراء رفض بلدية الاحتلال بمدينة القدس إصدار تراخيص البناء في معظم الأحيان، اضطر الفلسطيني لبناء المسكن من غير ترخيص في سبيل إيواء أسرته، ليصبح تحت طائلة التهديد المستمر بالهدم. أرقام مخيفة "مركز أبحاث الأراضي" في القدس، كشف عن أرقام مخيفة، حول هدم المباني في فلسطين، وأشار في تقرير له إلى أن الاحتلال هدم 5 آلاف منزل فلسطيني بذريعة عدم الترخيص منذ عام 1967، وهجّر الآلاف من سكان مدينة القدس. وأشار التقرير إلى أن إسرائيل هدمت أكثر من 1700 منزل في المدينة المقدسة بين عامي 2000 و2017، مما أدى إلى تهجير نحو 10 آلاف فلسطيني. وكشف التقرير أن الاحتلال هدم 39 قرية تابعة للقدس، وهجر نحو 198 ألفا من سكانها عام 1948، إذ لم تتوقف سياسة الهدم والمنع من البناء حتى اليوم. وفي تقرير حديث أيضًا نشر مركز الدفاع عن الفرد في إسرائيل "هموكيد" إحصائيات محدثة عن هدم منازل عائلات الفلسطينيين المشتبه في تنفيذهم هجمات على إسرائيليين كإجراء عقابي منذ يوليو 2014 وحتى 23 مارس 2017. ويتضح من الإحصائيات أن السلطات الإسرائيلية هدمت 35 منزلًا 11 منزلا في شمال الضفة الغربية؛ و18 في جنوب الضفة، و6 في القدسالشرقية. فيما ألقت السلطات الإسرائيلية 8 منازل، وأشار المركز إلى أن هناك 99 منزلا، شملها المسح لكن دون إصدار أوامر عقابية بحقها موزعة كما يلي: 15 منزلًا في شمال الضفة الغربية، 66 في جنوب الضفة، و18 في القدسالشرقية، حسب "راديو حياة" الفلسطيني. "وسيلة رادعة" الرواية الإسرائيلية الرسمية تقول إن هدم المنازل وسيلة ناجعة لوقف الهجمات الفلسطينية، مشيرة إلى أنه "وسيلة رادعة" في محاربة الفلسطينيين، الذين نفذوا أو في نيتهم شن هجمات. وتستند إسرائيل في عملية تشريع هدم المنازل إلى قانون "الطوارئ" في عهد الانتداب البريطاني في الأراضي الفلسطينية عام 1945، الذي ألغي مع نهاية الانتداب. لكن ووفقا لقانون دولي، فإن المادة 53 من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، تحرم تدمير الممتلكات أيا كانت ثابتة أو منقولة، كما تنص المادة 17 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على "أنه لا يجوز تجريد أي شخص من ملكه تعسفا". وتحدثت عشرات المنظمات الدولية في عام 2015 عن ارتفاع في عمليات الهدم الإسرائيلية في الضفة الغربية. عدة مراحل يستخدم الاحتلال سياسة "الهدم" بعد فرض حالة من الخوف والهلع على أصحاب المنازل، التي سيتم هدمها، حيث يقتحم المنطقة أو الحي المتواجد به المنزل في ساعات الفجر بأعداد هائلة من السيارات العسكرية والدبابات والجرافات، ومساندة بعض المروحيات في بعض الحالات. بعد ذلك تفرض هذه القوات حظرا للتجوال في المنطقة، وتحاصر المنزل المستهدف، وتجبر أصحاب المنزل على إخلائه على الفور، ولا يمنحون أكثر من عشرين دقيقة لإخلاء الأثاث والمحتويات، بهدف هدم المنزل، وهو ما يعني فعليا الإبقاء على غالبية الأثاث داخل المنزل لعدم كفاية الوقت لذلك. أداة فاشلة منظمة "بيتسيلم" الإسرائيلية الحقوقية المعنية بمتابعة انتهاكات الاحتلال تؤكد: "أن التأثير الرادع لهدم بيوت الفلسطينيين لم يثبت مطلقا". ودلالة على فشل سياسة هدم المنازل أيضًا أقر مستوطنون وجنود بجيش الاحتلال، أن هدم بيوت منفذي العمليات الفدائية من الفلسطينيين في الضفة والقدس المحتلتين "ليست ذات قيمة ولم تؤدِ الهدف المنوط منها بردع الفلسطينيين، بل كانت وازعا جديدا لدى الفلسطينيين لتنفيذ المزيد من العمليات ضد الإسرائيليين"، حسب "فلسطين نت". تحقيق نشرته صحيفة "معاريف" مؤخرا، أظهر أن "قرار هدم منازل منفذي العمليات من المقاومين الفلسطينيين تدل على أنه قرار ناجم عن فشل قوة الردع الإسرائيلية ضد الفلسطينيين وهو يأتي بنتائج عكسية".