جريمة إنسانية، وصل صداها إلى الملايين على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتكبها شاب وفتاة، بعدما ألقيا برضيعهما الذي لم تمر ساعات على وصوله للحياة، بمستشفى القاهرة الجديدة للتخلص منه خوفا من الفضحية، واستكمل الأب جريمته بادعائه العثور على الطفل لإبعاد أى شبهة عنه، وهى الواقعة الغريبة من نوعها وتثير تساؤلات عدة بشأن الموقف القانوني للأب والأم وكيف ستتم محاسبتهما خاصة أن الأم ما زالت قاصرا، علاوة على مصير الأم. القضاء يتساهل مع الأهل في جرائمهم ضد الأبناء يوضح وليد الشواربي، المحامي، أن الواقعة تعكس أزمة الزواج العرفي الذى يهدر حق الطفل ويجعله منبوذا من المجتمع وأهله، حتى لو كانت ورقة الزواج فى إطار يبيحه القانون بموجب العقد غير الشرعي الذى يسطره الزوجان فى حضور شهود، مضيفًا: "رغم بلاويه للأسف يقر القانون الزواج العرفي، ولا يعاقب عليه ولا عزاء لحقوق الأطفال". وأشار المحامي إلى أن الأب الذى انتزع طفله من حضن أمه دون رعاية أو تغذية فى محاولة للتخلص منه بادعاء العثور عليه، يعد بمثابة شروع فى قتل الطفل وتعريض حياته للخطر، وهو ما يعاقب عليه القانون بالحبس. وأكد المحامي تشدد القانون الجنائي فى حماية الأطفال، علاوة على المواد الخاصة بقانون الطفل، لكن فى الغالب يتم إخلاء سبيل الأبوين مع تعهد بحسن رعاية الطفل، دون تطبيق العقوبة الجنائية، بما يعد تساهلًا فى تطبيق القانون، هذا إذا كان والدا الطفل معلومين من الأساس، بينما الأطفال مجهولو النسب حقوقهم وأرواحهم مهدرة تمامًا، قائلًا: "الشائع أن الأم لو سابت الطفل فى الشارع، عادة يتم التغاضي عنها وإعفائهما من العقوبة فى حال التعهد بالرعاية". وبالفعل هذا ما حدث، إذ أمرت نيابة القاهرة الجديدة بإخلاء سبيل الأب وزوجته، بعدما حضر أفراد أسرتيهما، وقدما ورقة الزواج العرفي، وتعهدا بحسن رعاية الطفل. الزوج ارتكب 3 جرائم يؤكد الدكتور يحيى قدري أستاذ القانون الجنائي، أن الحبس هو المصير القانوني للأبوين فى الحالة المشار إليها، إذ يجب تقديمهما إلى محكمة الجنح لمحاكمتهما عن تهمة تعريض حياة الطفل للخطر، واصفًا الواقعة بالمؤسفة، إذ إن حمل طفل إلى الشارع والمصير المجهول وهو عمره ساعات قليلة تمهيدًا لتركه فى الشارع كأقرب حيلة للتخلص منه يعد شروعا فى قتل روح إنسانية، ومن المؤكد أن الأب وزوجته على علم تام بأن الطفل معرض للموت بسبب ذلك، مشددًا على أن أي عقوبة فى القانون لا تفي للعقاب على ذلك الجرم الإنساني الذى ارتكبه الأبوان. وأضاف أستاذ القانون أن الأب يواجه اتهامات إضافية، تتمثل فى "البلاغ الكاذب"، إذ اختلق قصة السيارة المجهولة وعثوره على الطفل للتخلص من ابنه على نحو يتعارض مع كل أعراف الإنسانية، وأزعج السلطات والرأي العام بسبب بلاغه الكاذب وقصته المزعومة. وأشار المحامي إلى ارتكاب الشاب صاحب الواقعة جريمة ثالثة تتمثل فى الزواج من قاصر، إذ إن والدة الطفل فى سن أقل من 18 سنة، لذلك يعد هذا الزواج اختراقا للقانون، مشيرًا إلى أن القانون يعتبر من هي دون 16 سنة لا إرادة لها. وتساءل المحامي: أين أهل الأم، وأين كانت تقيم خلال مدة حملها 9 أشهر بما يقارب العام، من سمح لها بالزواج العرفى وهي قاصر؟ ومن سمح لها بالبقاء على ذلك الوضع السري غير الشرعي وهى حامل؟ ذلك كله يعكس صورة هائلة من أمراض المجتمع الضحية فيها هو ذلك الرضيع الباكي الذى لا ذنب له. نص القانون شرح "قدري" أن تعريض حياة طفل للخطر يعد جريمة تنص عليها المادة 96 من قانون الطفل، ويعتبر القانون محاولات التخلص من طفل بتركه فى أى مكان دون رعاية "شارع.. وسيلة مواصلات.. أمام منشأة رعاية"، جريمة تعرض حياة طفل للخطر، وتنص على أن الطفل يعد معرضا للخطر إذا وجد في حالة تهدد سلامة التنشئة الواجب توافرها له، وذلك في أي من الأحوال الآتية: 1- إذا تعرض أمنه أو أخلاقة أو صحته أو حياته للخطر. 2- إذا كانت ظروف تربيته في الأسرة أو المدرسة أو مؤسسات الرعاية أو غيرها من شأنها أن تعرضه للخطر أو كان معرضا للإهمال أو للإساءة أو العنف أو الاستغلال أو التشرد. 3- إذا حرم الطفل، بغير مسوغ، من حقه ولو بصفة جزئية في حضانة أو رؤية أحد والديه أو من له الحق في ذلك. 4- إذا تخلى عنه الملتزم بالإنفاق عليه أو تعرض لفقد والديه أو أحدهما أو تخليهما أو متولي أمره عن المسئولية قبله. 5- إذا حرم الطفل من التعليم الأساسي أو تعرض مستقبله التعليمي للخطر. 6- إذا تعرض داخل الأسرة أو المدرسة أو مؤسسات الرعاية أو غيرها للتحريض على العنف أو الأعمال المنافية للآداب أو الأعمال الإباحية أو الاستغلال التجاري أو التحرش أو الاستغلال الجنسي أو الاستعمال غير المشروع للكحوليات أو المواد المخدرة المؤثرة على الحالة العقلية. 7- إذا وجد متسولاً، ويعد من أعمال التسول عرض سلع أو خدمات تافهة أو القيام بألعاب بهلوانية وغير ذلك مما لا يصلح موردا جديا للعيش. 8- إذا مارس جمع أعقاب السجائر أو غيرها من الفضلات والمهملات. 9- إذا لم يكن له محل إقامة مستقر أو كان يبيت عادة في الطرقات أو في أماكن أخرى غير معدة للإقامة أو المبيت. 10- إذا خالط المنحرفين أو المشتبه فيهم أو الذين اشتهر عنهم سوء السيرة. 11- إذا كان سيئ السلوك ومارقا من سلطة أبيه أو وليه أو وصيه أو متولي أمره، أو من سلطة أمه في حالة وفاة وليه أو غيابه أو عدم أهليته. 12- إذا لم يكن للطفل وسيلة مشروعة للتعيش ولا عائل مؤتمن، ولا يجوز في هذه الحالة اتخاذ أي إجراء قبل الطفل، ولو كان من إجراءات الاستدلال إلا بناء على شكوى من أبيه أو وليه أو وصيه أو أمه أو متولي أمره، حسب الأحوال. 13- إذا لم يكن للطفل وسيلة مشروعة للتعيش ولا عائل مؤتمن. 14- إذا كان مصابا بمرض بدني أو عقلي أو نفسي أو ضعف عقلي، وذلك على نحو يؤثر في قدرته على الإدراك أو الاختيار بحيث يخشى من هذا المرض أو الضعف على سلامته أو سلامة الغير. 15- إذا كان الطفل دون سن السابعة وصدرت منه واقعة تشكل جناية أو جنحة. العقوبة ينص قانون الطفل على أنه فيما عدا الحالات المنصوص عليها في البندين (3) و(4)، يعاقب كل من عرض طفلاً لإحدى حالات الخطر بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن ألفي جنيه، ولا تجاوز خمسة آلاف جنيه أو بإحدي هاتين العقوبتين. تفاصيل أزمة رضيع "الفيسبوك" ترجع تفاصيل الواقعة إلى تلقى قسم شرطة التجمع الخامس بلاغًا من "عبد الرحمن.س"، 20 سنة، طالب، بأنه أثناء دخوله أحد المولات الشهيرة، دائرة القسم، شاهد سيارة "لم يتمكن من التقاط أرقامها" قام قائدها بإلقاء طفل "حديث الولادة" أمام الباب وفر هاربا، ونشرت شقيقة الشاب إفادة بذلك على "الفيسبوك" مصحوبًا بصورة الطفل التى لقيت تداولًا كبيرًا على أمل إيصال الطفل لأهله، خاصة أن إسورة التعريف كانت حول معصمه وتحمل اسم الأم. وانتقلت قوة من القسم إلى مكان الواقعة، وبالفحص تبين أن الطفل ذكر حديث الولادة، معلق بيده إسورة بلاستيك مدون عليه اسم الأم "آية.ع"، داخل بطانية، ولا يوجد به ثمة إصابات، فتم إيداعه مستشفى القاهرة الجديدة، دون أن تتوصل التحريات التي قام بها رجال الأمن لشيء، إلا أن القدر كان رحيما بالطفل. فبعد منشور شقيقة المبلغ "أمنية"، 29 سنة، ربة منزل، شاءت الصدفة أن يتعرف عليه الطبيب الذي قام بإجراء عملية الولادة، ويدعى محمد علي، 25 سنة، طبيب نساء وتوليد بمستشفى سيد جلال، وأفاد أن والدة الطفل تدعى "آية.ع"، 16 سنة، طالبة، وأنها تسلمت الطفل عقب وضعه بمستشفى سيد جلال، مضيفًا أنه التقط صورة "سيلفي" مع الرضيع فور ولادته وشاهدتها زوجته بما مكنهما من التعرف على الطفل بعد نشر صورته بنفس الملابس فى منشور العثور عليه. وبإعداد الأكمنة اللازمة تم ضبط الأم، وبمواجهتها بما ورد من معلومات وما أسفرت عنه التحريات أيدتها، وقررت بزواجها عرفيًا من المُبلغ "عبد الرحمن.س"، وأنه عاشرها معاشرة الأزواج فحملت منه وأنجبت الطفل المعثور عليه، واتفقا على التخلص منه فقام الأخير باختلاق واقعة عثوره على الطفل، خشية افتضاح أمرهما، وتم بإرشادها ضبط الأخير وبمواجهته بما جاء بأقوالها أيدها. وأفاد المنشور الذى تسبب فى كشف غموض الواقعة أنه "تم العثور علي هذا الطفل حديث الولادة بتاريخ 15 ديسمبر 2017 أمام كايرو فستيفال سيتي بوابه 1، وتم عمل محضر في قسم الشرطة.. وتم العثور على إسورة في يد الطفل باسم الأم "آية.ع.أ" وكود رقم 13755 والطفل الآن في مستشفي القاهرة لتوقيع الكشف الطبي تمهيدا لإيداعه دار رعاية.