حقوقيون: الزواج المبكر «اغتصاب برضا الأهل»

قال عدد من الحقوقيين إن الزواج المبكر هو طلاق مبكر، ويُعد اغتصابا لطفلة برضا ذويها، وجريمة ضد الطفولة والإنسانية، وطالبوا مجلس النواب بسرعة سن تشريع لمعاقبة الأهل والمأذون وكل مَن يتورط فى تزويج قاصر.
وقالت هالة عثمان، المحامية، رئيس مركز عدالة ومساندة، إن زواج القاصرات دعارة مُقنَّنة، لأنه دون عقد رسمى، والفتيات الصغيرات هن ضحايا هذه الزيجات، التى تُعتبر من الظواهر الخطيرة التى بها مهانة كبيرة للمرأة.
وأضافت: «للأسف لا يوجد تشريع محدد لضبط عقود الزواج، وهو ما يدفع الأهل لتزويج بناتهن وهن طفلات، ومن ثَمَّ يتم الطلاق نظراً لعدم قدرتهن على تحمل مسؤولية الزواج».
وتابعت أنه لابد على البرلمان من إقرار قانون لمكافحة زواج القاصرات، برفع العقوبة لولى الأمر، سواء الأب أو المأذون أو الزوج وكل مَن يتاجر فى قاصر ويزوجها، وأن يضع أعضاء البرلمان شروطا تعسفية لزواج المصريات من عرب وأجانب، ورفع سن الزواج للبنت بشكل قانونى، حتى لا يتم التحايل على القانون. وطالبت بسن عقوبة رادعة لمَن يتحايل على القانون والتصدى لأى محاولات لجعل المرأة سلعة.
وأوضحت «هالة»، ل«المصرى اليوم»، أن أغلب الحالات التى رصدتها فى محاكم الأسرة هى قضايا نسب وإثبات زواج تصل إلى نسبة 60%، 40% منها لقاصرات، والأغلب منهن متزوجات من عرب وأجانب كبار فى السن، حيث يُقمن دعاوى إثبات نسب، ويجدن صعوبة كبيرة فى الحصول على حقوقهن القانونية.
وأكدت: «القوانين المصرية مختلفة عن قوانين العرب والأجانب، وبالتالى فحقوق المرأة والطفل ضائعة، بخلاف مشاكل النفقة وقضايا الطلاق، التى تصل إلى 70%، وهذا كله بسبب تزويج القاصرات بعقود عرفية، تُضيع على المرأة حقوقها كزوجة وأم».
وكشفت: «استقبلت محاكم الأسرة، خلال العام الماضى، 64 ألف دعوى إثبات نسب، سببها الزواج العرفى، وبلغ عدد قضايا إثبات زواج القاصرات 35 ألفا، فضلاً عن 3 آلاف دعوى إثبات زواج، بسبب الزواج بعقود عرفية».
وقال رضا الدنبوقى، المحامى، مدير مركز المرأة للإرشاد والتوعية القانونية، إن الزواج المبكر طلاق مبكر، وإن المادة 80 من الدستور تحدثت عن التزام الدولة بحماية الطفل، وضرورة عدم تعريض حياته للخطر، ومنع الاتجار به، أو التعدى عليه جسدياً أو جنسياً.
وأضاف، ل«المصرى اليوم»: «مصر وقّعت على الاتفاقية الدولية لحماية الطفل فى 1990، وأصبحت قانونا داخليا واجب التطبيق، ووفقاً لقانون الطفل والاتفاقيات الدولية ولائحة المأذونين وقانون الأحوال الشخصية، لا يجوز توثيق عقد الزواج إلا عند إتمام سن الثامنة عشرة ميلادية كاملة، وعند ثبوت المخالفة تكون هناك عقوبة، وفق نص المادة 227 من قانون العقوبات».
وتابع: «القانون يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز السنتين أو الغرامة، التى لا تزيد على 300 جنيه، مَن أبدى- أمام السلطة المختصة، بقصد إثبات بلوغ أحد الزوجين السن المحددة قانونا لضبط عقد الزواج- أقوالاً يعلم أنها غير صحيحة، أو حرر أو قدم أوراقاً كذلك، متى ضُبط عقد الزواج على أساس هذه الأقوال أو الأوراق».
وأوضح: «يعاقَب بالحبس أو غرامة لا تزيد على 500 جنيه كل شخص خوّله القانون سلطة ضبط عقد الزواج، وهو يعلم أن أحد طرفيه لم يبلغ السن المحددة فى القانون، والزواج غير الموثق لا يعطى للمرأة أى حقوق، باستثناء حق التطليق، ولا يكون للزوجة أى حق فى المطالبة بنفقة أو إقامة أى دعاوى زوجية، لوجود نص صريح بعدم سماع دعاوى الزوجية عند الإنكار ما لم تكن ثابتة بورقة رسمية، وبالتالى الزواج المبكر يعنى تطليقا مبكرا، ويُعد نوعا من الاغتصاب برضا الأهل ومباركتهم».
وقالت الدكتورة جيهان أبوزيد، مدير مؤسسة سالمة، إن زواج الطفلة من طفل أو حتى رجل مقدمة حتمية لطلاق قادم ولأسرة ستتفكك وأطفال لن يجدوا أبسط قواعد التوجيه والرعاية النفسية والاجتماعية، وإن الأم والأب- اللذين لم تكتمل قدراتهما ولا نموهما العاطفى والعقلى والنفسى- لن يكونا قادرين بأى شكل من الأشكال على تربية الأبناء.
وأضافت، ل«المصرى اليوم»: «احتمالات انحراف هؤلاء الأطفال هى الأعلى، وزواج الأطفال يحقر من قيمة الإنسان وعقله، ويجعله كائنا لا يحقق سوى مهمة الإنجاب، التى يتشارك فيها مع جميع الكائنات الأدنى». ودعت إلى وقف زواج الأطفال، من خلال إقرار تشريع جازم تلعب الدولة فيه دورا رقابيا فاعلا لوقف تلك الجريمة.
وقال ياسر عبدالجواد، المستشار القانونى لمؤسسة قضايا المرأة، إن ما يحدث فى القرى والنجوع من زواج الأطفال يُعد اتجارا فيهم، وهو إحدى صور الاتجار بالبشر، وإنه للأسف لا يوجد تنظيم قانونى محدد لمواجهة هذه الحالات.
وأضاف: «زواج القاصرات كان موجوداً منذ القدم، كما انتشر العديد من السماسرة، الذين يكونون سبباً فى زواج الفتيات الصغيرات من أثرياء عرب، باستخدام عقود عرفية، وهذا نوع من أنواع زواج المتعة، وما يحدث تجارة بالبشر، وجريمة ضد الطفولة والإنسانية».
وتابع أن مَن يزوج ابنته فى عمر 13 أو 15 عاما مجرم، ولابد أن يعاقَب هو والمأذون.