كتب- أحمد مطاوع ربما يغفر التاريخ ذلات الزعماء إذا كان حجم الإنجاز أعظم، لكن عدالة القانون الكل أمامها سواء ولا تفرقة.. حالة تنطبق على الزعيم الأسطوري لدولة البرازيلي لولا دا سيلفا، بعد أن قضت محكمة برازيلية بسجنه 9 سنوات ونصف العام، بتهم الفساد وغسل الأموال، دون شفاعة لإنجازاته التاريخية التي انتشلت البرازيل من قاع الفقر والديون خلال فترة وجيزة من حكمه. الزعيم الفقير يقود نهضة البرازيل الكبرى دا سيلفا البالغ من العمر 71 عامًا، تولى رئاسة البرازيل، بين عامي 2003 و2010، يعد ظاهرة كاريزمية فريدة من نوعها، فلم يكن يومًا مترفًا، إذ نشأ في أسرة شديدة الفقر، وانقطع عن التعليم في المرحلة الابتدائية لإعالة أسرته، متنقلًا بين حرفًا بسيطة أبرزها ماسح أحذية، إلى أن استقر في قطاع التعدين، الذي شهد انقطاع إصبع يده، حتى دخل معترك السياسة من بوابة العمل النقابي وحزب "العمال" اليساري، الذي شارك في تأسيسه، ومنه إلى الرئاسة بعد 3 محاولات فاشلة. مشوار دا سيلفا، النضالي جعله رمزًا لليسار في أمريكا اللاتينية، وبأول عهده بالرئاسة، تسلم السلطة والبرازيل منهارة اقتصاديًا، وفي غضون سنوات قليلة نجح قيادة نهضة اقتصادية وانتشال ما يقرب من 30 مليون برازيلي من الفقر، كما كبح التضخم محققًا زيادة في النمو وفائضًا قياسيًا، وحول البرازيل إلى أكبر قوة اقتصادية في أمريكا الجنوبية، والعاشرة عالميًا، وختم حكمه بتنظيم أكبر عملية اكتتاب بالعالم، ساهمت في رفع رأس مال شركة "بتروبراس" النفطية البرازيلية بأكثر من 66 مليار دولار، كما نالت بلاده حق تنظيم كأس العالم لكرة القدم في 2014. وأصبحت البرازيل، في عهد الرمز اليساري، قوة عالمية، ذات حضور دولي مؤثر في السياسة الخارجية، ولعب دورًا حيويًا في الشرق الأوسط ووقع عشرات الاتفاقيات الاقتصادية، وربطته صلات قوية مع إيران لحد توسطه في قضية البرنامج النووي، بخلاف إسرائيل التي انتقد عدوانها على الفلسطينين. فضيحة "غسيل السيارة".. القضية الأولى على الرغم من النهضة العظمى التي حققها دا سيلفا، لبلاده، إلا أنها لم تكن شفيعه في التعامل معه بالقضية التي تورط فيها، بداية من اقتحام منزله والقبض عليه، إذ تدخل القضية جزءًا من سلسلة تحقيقات واسعة حول الفساد، تبعها إرباك شديد في المشهد السياسي البرازيلي، كانت أبرز ملامحه الإطاحة بديلما روسيف، خليفة دا سيلفا في رئاسة البلاد، بالإضافة إلى سجن رجال أعمال ونخبة من السياسيين. وصدر الحكم على دا سيلفا، بعد اتهامه بالحصول على شقة سكنية على شاطئ البحر بمثابة رشوة من شركة "أواس" للبناء، وهي القضية الأولى بين 5 قضايا ضده، يواجه فيها الرئيس السابق اتهامات بالفساد وتلقي رشاوي واستغلال النفوذ وإعاقة مسار العدالة، وهي اتهامات ضمن الملف الذي أطلقت عليها الصحافة البرازيلية اسم فضيحة "غسيل السيارة"، المتعلقة بشبكة تنسقها شركات بناء، للتلاعب بصورة منهجية بالصفقات العامة، ولا سيما صفقات شركة "بتروبراس" العملاقة الحكومية للنفط. ويقول المدعون العامون، إن الرئيس البرازيلي الأسبق، استفاد من امتيازات سخية "رشاوي" بقيمة 3،7 ملايين ريال برازيلي -1.16 مليون دولار-. الزعيم ينكر.. واتهامات ب«بتسيس» الحكم أنكر دا سيلفا، التهم الموجهة إليه، واصفًا حيثيات الحكم ب"المزاعم"، حيث نفى تسلمه شقة سكنية رشوة، واتهم المحكمة بأنها "ذات دافع سياسي". وأوضحت السيناتور جليزي هوفمان، رئيسة حزب العمال، إن الحكم بإدانة دا سيلفا، يأتي لمنعه من الترشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة، مؤكدة ادعاءات "تسيس" الحكم. وسيظل دا سيلفا، حرًا أثناء نظر الاستئناف في القضية، وفق ما نقلت "الأسوشيتد برس". الترشح للرئاسة مجددًا.. تصدر الاستطلاعات كان دا سيلفا، قد أعلن في وقت سابق، نيته الترشح لرئاسة البرازيل في 2018، إلا أنه لن يتمكن من القدوم على هذه الخطوة في حال تأييد الحكم بحبسه. ورغم اتهامه بالفساد، إلا أنه الزعيم البرازيلي، يعتبر السياسي الأكثر شعبية في البلاد، فهو لا يزال يتصدر نوايا التصويت بالنسبة إلى الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية في 2018، وفق استطلاع للرأي نشر قبل فترة وجيزة، بحسب "دويتشه فيله" الألمانية.