ثارت حالة من الجدل بعد مقطع فيديو نشرته مصلحة السجون الإسرائيلية يظهر فيه عميد الأسرى مروان البرغوثي الذي يترأس إضراب المعتقلين الفلسطينيين عن الطعام، وهو يدخل غرفة المرحاض خفية ويحمل حزمة مغطاة فيها قطعة من الشيكولاتة فيفتحها ويتناولها، وبعد الانتهاء من الأكل، يغسل يديه ووجهه من بقايا فتات الأكل، كما تظهره الصور أيضًا وهو يتناول كعكات صغيرة. تزييف الحقائق وشككت فدوى البرغوثي -زوجة مروان- في صحة الفيديو؛ لافتة في مؤتمر صحفي بمدينة رام الله، وسط الضفة الغربية، إلى أن الفيديو "مفبرك وأسلوب دنيء وقذر"، مضيفة أن زوجها لا يمكن أن يقع في هذا الفخ؛ وهذا لا يعدو كونه تزييفًا للحقائق. وتابعت "منع الاحتلال مروان وبقية الأسرى المضربين عن الطعام من لقاء المحامين، خلال فترة الإضراب.. كأن الاحتلال يخفي شيئًا لا يريد لأحد أن يطلع عليه، وإلا لماذا يمنع الأسرى من الظهور والتواصل مع العالم الخارجي أو لقاء المحامين؟"، معتبرة أن نشر سلطات الاحتلال الإسرائيلي للفيديو المفبرك مؤشر على هزيمة الاحتلال في معركة الأمعاء الخاوية، ودليل ضعف أمام الإرادة والعزيمة التي يخوض بها الأسرى الإضراب. تخبط إسرائيل بدوره قال قدورة فارس رئيس نادي الأسير الفلسطيني في المؤتمر الصحفي ذاته: إن "نشر الفيديو الملفق لم يشكل أي مفاجأة"، مضيفًا: "كان من المتوقع أن تمارس سلطات الاحتلال الأكاذيب والتضليل في هذه المرحلة الحساسة من الإضراب عن الطعام في سجون الاحتلال". وتابع: "إسرائيل تتخبط والفيديو دليل على ذلك، وحالة الاضطراب التي تعيشها مؤشر على أن المضربين عن الطعام اقتربوا من مرحلة النصر". ويخوض نحو 1500 معتقل فلسطيني، إضرابًا مفتوحًا عن الطعام بقيادة مروان البرغوثي، منذ السابع عشر من إبريل الماضي، مطالبين بتحسين ظروفهم المعيشية. حرب إعلامية هذا ونفت اللجنة الوطنية للإضراب ما تدعيه مصلحة سجون الاحتلال عبر فيديوهات نشرتها، أن يكون القائد مروان البرغوثي علّق إضرابه عن الطعام، وأكدت أن المقطع المصور ما هو إلا محاولات سخيفة ووضيعة، تهدف إلى تثبيط عزيمة المضربين، مشيرة إلى أن هذا المقطع استُخدم سابقًا في عام 2004. كما أكدت اللجنة الوطنية أن الإعلام الإسرائيلي يشن حربًا خطيرة من أضاليل وأكاذيب، تهدف إلى خلق بلبلة في الشارع الفلسطيني وبين صفوف الأسرى المضربين عن الطعام؛ داعية وسائل الإعلام الفلسطينية والعربية إلى التحلي بالوعي الوطني المستند إلى الثقة العالية بالأسرى وقياداتهم، وعدم التعاطي أو تداول أية معلومات يبثها إعلام الاحتلال. عجز إسرائيل في السياق نفسه وصفت الحركة الأسيرة بسجون الاحتلال المشهد الذي قالت إسرائيل "إنه للقيادي في حركة فتح الأسير مروان البرغوثي، وهو يتناول الطعام داخل زنزانته"، بأنه مسرحية رديئة وفبركة رخيصة مفضوحة؛ مضيفة في بيان لها أن الاحتلال يحاول وبكل مستوياته كسر إرادة الأسرى الذين يخوضون معركة الحرية والكرامة بكل الوسائل ومنها بث الأكاذيب والشائعات. وأشار إلى أن المشهد الذي زعم الاحتلال أنه للبرغوثي لم يظهر فيه وجه الأسير المزعوم ولجوء الاحتلال لهذه الأساليب يدل على عجزه وإفلاسه أمام صلابة وإصرار أسرانا الأبطال، وأن الانتصار في هذه المعركة بات وشيكا بإذن الله. تجنيد الإعلام الإسرائيلي فيما طالب مركز عدالة الحقوقي الإسرائيلي، المستشار القانوني للكنيست آيال غنون؛ بالسماح للبرلماني العربي يوسف جبارين عن حزب القائمة العربية المشتركة، بزيارة البرغوثي الذي يقود الإضراب عن الطعام في سجون إسرائيل. وكان "جبارين" قد تقدم خلال الأسابيع الماضية بثلاثة طلبات لزيارة البرغوثي ولكن تم رفض طلباته. من جانبه قال عيسى قراقع رئيس هيئة شؤون الأسرى: إن "الإعلام الإسرائيلي مجند إلى جانب حكومة إسرائيل المتطرفة ومنظومتها الأمنية والعسكرية في التحريض والعدوان على الأسرى وشن حرب نفسية مبرمجة، بهدف كسر الإضراب وإحباط العزائم وخلق الشائعات والبلبلة". ويأتي ذلك في سياق استمرار حكومة الاحتلال في فرض إجراءات قاسية وغير مسبوقة على الأسرى المضربين بهدف إنهاكهم وإيصالهم إلى مرحلة صحية خطيرة للغاية. وأضاف "قراقع": "بدأنا العمل لمقاضاة القناة الثانية الإسرائيلية التي بثت فيلمًا تشويهيًّا حول الأسير مروان البرغوثي؛ بتهمة القذف والتشهير والمساس بخصوصية وكرامة الأسير"، لافتا إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو أحكم السيطرة على وسائل الإعلام لتمرير سياسة حكومته في جميع المجالات ولاستخدامها في معاركه ضد الشعب الفلسطيني، ولتصبح جميعها مؤيدة وداعمة لسياساته اليمينية الفاشية. وأشار إلى أن حكومة الاحتلال لم تجر أية مفاوضات جدية مع قادة الإضراب، بل ما زالت تصعد من عدوانها عليهم وتمنع زيارة المحامين لمروان البرغوثي وتضع عقبات أمام زيارة سائر الأسرى المضربين، إضافة إلى حملة مغرضة بحق المحامين أنفسهم، موضحًا أن الأسرى أصبحوا بين الحياة والموت، ودائرة الخطر تحيط بهم، وإسرائيل تريد أن ترتكب جريمة بحق المضربين. وأوضح قراقع أنه إذا سقط شهداء في صفوف المضربين ستكون وصمة عار ولعنة في وجه العالم والمجتمع الدولي ومجلس الأمن والأمم المتحدة بسبب عجزهم عن إنقاذ الأسرى وتوفير الحماية الإنسانية والقانونية، ووقف سياسة البطش والقمع وانتهاك الحقوق بحق الأسرى في السجون. من جانبه قال كريم عجوة محامى هيئة شؤون الأسرى: إن "حالة الأسير نائل البرغوثى، (59 عاماً)، تراجعت بشكل ملحوظ، إذ فقد من وزنه 5 كيلوجرامات"، لافتًا إلى أن الأسرى يستندون إلى تناول الماء فقط، ويرفضون تناول المدعّمات، وتخلو زنازينهم من أغراضهم الشخصية باستثناء تزويدهم بفرشاة أسنان ومعجون". وأضاف "عجوة" أن إدارة السّجون نقلت الأسير البرغوثى و30 أسيرًا آخر؛ كانوا قد انخرطوا فى الإضراب في يومه ال18 من سجون (أوهلي كيدار) و(رامون) و(النقب) إلى سجن (عسقلان)". تحريض الكنيست هذا وبدأ عدد من أعضاء الكنيست الإسرائيليين، بالتحريض على محامي الأسرى بعد اتهامهم بتنسيق الإضراب عن الطعام، الذي يخوضه نحو 1600 أسير في السجون الإسرائيلية، واتهامهم بنقل الرسائل بين الأسرى في السجون وبين الفصائل خارجها، بهدف سلب حقوق الأسرى في السجون ومنعهم من اجْتِماع محاميهم. وطالب البرلمانيون الإسرائيليون بإقامة لجنة لفحص الحقوق التي يتمتع بها الأسرى في السجون وتقليصها أو تقييدها، وعلى رأسها السرية والخصوصية في لقاءاتهم بالمحامين، وذلك في ظل اتهام المحامين بنقل الرسائل، واتهامهم مؤخرًا بتنسيق إضراب الكرامة. وصرح آفى ديختر عضو الكنيست، أنه معروف لدى السلطات الإسرائيلية أن محامي الأسرى ينقلون المعلومات إلى فصائلهم خارج السجون، وأن المشكلة تكمن في إثبات ذلك بالدليل القاطع، مدعيًا أن هذه الظاهرة منتشرة، وسيصعب على إسرائيل مكافحتها فى المستقبل. بينما طلب عضو الكنيست نحمان شاي من وزارة الأمن الداخلى، التحقيق حول إمكانية نقل محامي الأسرى للمعلومات وتنسيق الإضراب، داعيًا إلى سلب حقوق الأسرى الأمنيين.