تقف هيئة الأرصاد المصرية شامخة بجوار مقر وزارة الدفاع المصرية بمنطقة كوبري القبة، يسيطر الهدوء على الشوارع المحيطة، كما لا يسمح بالدخول إلى مقرها إلا بتصاريح خاصة للزوار، وتعد عملية التقاط الصور للمبنى من الخارج من الممنوعات. بدأت الهيئة العامة للأرصاد الجوية عملها عام 1824 من خلال مكتب يُصدر 5 رصدات يوميًا، ومع التطور الذي شهده عالم الطيران، أقيمت محطات أرصاد داخل كل مطار، أطلق عليها مصلحة الأرصاد الجوية عام 1947 تتبع وزارة الإنتاج الحربي. توجهت "التحرير" إلى مقر الهيئة، لفك طلاسم عالم الأرصاد بالتقاط صور ومشاهد مضيئة من الداخل، وتعريف الناس بمهام العاملين فيها، وطبيعة كل مهمة. في عام 1971 صدر قرار جمهوري بإنشاء الهيئة العامة للأرصاد الجوية، تشكلت من رئيس مجلس إدارة و5 إدارات مركزية تنقسم إلى 4 فنية وواحدة إدارية، وتضم العديد من العناصر أهمها ما يسمى بالراصد الجوي، وإخصائي الأرصاد الجوية. أصبحت البوابة الفولاذية خلفنا، توجهنا إلى مبنى يقع ناحية اليمين، حيث يقبع مكتب الدكتور أحمد عبد العال رئيس الهيئة، سمحت لنا إحدى الموظفات، وهي القائمة على تنظيم مواعيده بالدخول. يجلس عبد العال على كرسي وضع في منتصفه شريط مطبوعًا عليها علم مصر، يتحدث بابتسامة مع الموظفين عن الاحتفالية التي ستقيمها الهيئة 23 من الشهر الحالي، التي سيحضر فيها العديد من الوزراء، وذلك للاحتفال بيوم الأرصاد. في الدور العلوي يوجد مركز التحاليل، والذي تخرج منه نشرات الطقس، الخرائط منتشرة في كل مكان، توجد سيدتان تجلسان على أجهزة كمبيوتر، وتظهر بعض الخطوط الموجودة بداخل كل خريطة، جمعهما نقاش طويل للوصول إلى استنتاج صحيح لحالة المتوقعة للطقس، عرفنا فيما بعد أن هذه مهمة أخصائي الأرصاد. على اليسار يوجد مكتب يجلس عليه رجل في العقد الرابع من العمر، هو راصد جوي، التزم بكل ما طلب منه، حصل على دبلوم بعد انتهاء الثانوية العامة علمي، تدرب لمدة عامين، حصل على دورات تدريبية لمدة سنة في مركز القاهرة الإقليمي للطقس داخل الهيئة، وتدرب 6 أشهر في مركز التحاليل و6 شهور في مطار القاهرة الدولى، وعمل بعد ذلك في مجال الرصد، أصبح الآن لديه القدرة على قراءة الأجهزة والحصول على الرصد. يقول الدكتور أحمد عبد العال، رئيس هيئة الأرصاد، بعد الانتهاء من حديثه مع الموظفين، إن الراصد الجوي قبل بداية الساعة بعشر دقائق يقرأ أجهزة الرياح، الاتجاه السرعة والرؤية للتعرف على الظواهر مثل الأمطار والرمال المثارة، ويتعرف على السحاب ارتفاعه، كميته، ونوعه. وأشار إلى أن من مهام الراصد قراءة الترمومتر درجة الحرارة، الرطوبة، والضغط الجوي، ولدينا 176 محطة رصد موزعة على جميع محافظات مصر ترسل ما توصلت له من بيانات على رأس كل ساعة. منذ عدة أشهر وفر الرئيس عبد الفتاح السيسي مبلغ 100 مليون جنيه لهيئة الأرصاد، ذهب جزء منه لشراء رادار طقس، وهو أحدث جهاز في عملية الرصد، يساعد بشكل كبير في دقة التنبؤ. أوضح عبد العال، أن الهيئة تهتم بشراء كل المعدات الحديثة، وأنها تعمل دائمًا على تدريب العاملين فيها خارج وداخل مصر، مشيرًا إلى أن هناك أكثر من 800 راصد، بالإضافة إلى 300 أخصائي على مستوى الجمهورية. توجد 6 مراكز تنبوءات في مطارات مصر، مهمتها قراءة الخرائط ومعرفة حالة الطقس على المستوى القريب والبعيد، ويعمل فيها إخصائي الأرصاد، الذي لا بد أن يكون حاصلًا على بكالوريوس علوم، وينهي فترة تدريب تصل إلى ثلاث سنوات. رئيس هيئة الأرصاد لفت إلى أن الخرائط كان يتم تحليلها يدويًا، لكن أصبح العمل يعتمد على أجهزة الكمبيوتر، حيث يتم فصل الكتل الساخنة عن الباردة، والضغط العالي عن المنخفض، وتخرج النتائج بناء على الرؤية وبعد حساب السرعة والكتلة، للوصول إلى نتيجة قريبة من التي تقع فيما بعد. في مصر يتم التنبوء بحالة الطقس على مدى قريب يصل ل4 أيام اعتمادًا على قاعدة "كلما طالت فترة التنبوء قلت مصداقيته"، ذلك رغم أن الهيئة لديها القدرة على معرفة حالة الطقس خلال أشهر قادمة. يرى عبد العال أن الطبيعة أقوى من أي دولة، فهناك أعاصير دمرت ولايات في أمريكا، لكننا نحاول بقدر المستطاع أن نقلل من أضرارها، ونحذر من أي كوارث حتى لا تزهق الأرواح، مشيرًا إلى حدوث تغيرات مناخية شديدة في الفترة الأخيرة. وتابع: شهدنا صيف شديد الحرارة، وربيع يأتي لأول مرة بدون رياح خماسين، وخريف أمطاره شديدة وسيول على راس غارب وصلت إلى 120 مليون متر مكعب، وهو أمر لم نعتد عليه. تعد الإدارة العامة هي الجهة المسؤولة عن إصدار التنبوءات الجوية، وهي تنقسم إلى 3 إدارات رئيسية مركز التحاليل، إدارة التنبوءات بحرية، والاستشعار عن بعد، وهي ترسم تصورًا كاملًا عما يحدث وما سيحدث فيما بعد من تنبوءات جوية. يقول أحمد فاروق، مدير مركز التحاليل والتنبوءات الجوية الرئيسي بالهيئة العامة للأرصاد، إن هناك بيانات تكون مرصودة من المحطات الموجودة على مستوى الجمهورية، منها سطحية على الأرض أو علوية ترصد طبقات الهواء. وأوضح، أن هذه المحطات تجمع البيانات من درجة الحرارة ضغط ورياح، وترسلها إلى المراكز الرئيسية في الهيئة، ومنها إلى مراكز رئيسية دولية، لأن عمل الهيئة يتكون من شق إداري خاص بمصر، وآخر فنى تقوم عليها منظمة الدولية خاصة بالعملية الفنية للهيئة العامة للأرصاد في دول العالم. وأشار إلى أن البيانات يتم تجميعها كقطر مصري، وترسل إلى المراكز الرئيسية في أوروبا أو أمريكا، وبعد تجميع بيانات على مستوى العالم تعود لإرسالها لمصر، حيث نحصل على بيانات حاصة بالقطر وبما يحيط به مثل دول البحر المتوسط. تقول أمانى حمدي، إخصائي أرصاد، نعمل على تحليل البيانات من خلال خطوط تساوي الضغوط، ومعرفة أماكن الضغط المرتفع والمنخفض، ونعمل على تحليل خطوط تساوي الارتفاعات، ومعرفة تأثيرها علينا. وأشارت إلى أنه من خلال سرعة الرياح والضغط، ومعرفة كمية الأمطار، والتنبوء لعدة أيام، مشيرة إلى وجود خرائط تبين منطقة شبه الجزيرة العربية تمكننا من التوقع والتحذير، وتوجد خرائط سطحية وفوق مستوى سطح الأرض على ارتفاع كيلو نصف و3 كيلو حتى 16 كيلو.