أودعت محكمة النقض، برئاسة المستشار عاطف عبد السميع وعضوية كل من المستشارين محمد جمال الشربيني ومفتاح سليم ومحمود عبد المجيد وهشام عبد الرحمن، حيثيات حكمها بقبول الطعن المقدم من ضابطي الأمن الوطني على حكم محكمة الجنايات بالسجن المشدد 15 سنوات وإعادة المحاكمة. وذكرت الحيثيات التي أودعتها المحكمة أنه من حيث إن ما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه أنه إذ أدانهما بجريمة تعذيب متهم لحمله على الاعتراف تعذيبا أدى إلى موته قد شابه القصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأنهما دفعا بأن أقوال شاهد الإثبات الأول بالتحقيقات جاءت وليدة إكراه وقع عليه من رجال الشرطة، غير أن الحكم أطرح هذا الدفع برد غير سائغ مما يعيبه ويستوجب نقضه. وتابعت: "وحيث إنه تبين من محضر جلسة المرافعة المؤرخ فى 15 أكتوبر 2015 ومدونات الحكم المطعون فيه أن المدافعين عن الطاعنين قد أثار أمام المحكمة تعرض شاهد الإثبات الأول -عبد الغنى إبراهيم شعبان- للإكراه المادي والمعنوى من قبل إدارة البحث الجنائي بقسم المطرية، مدللا على صدق هذا الدفاع بعدوله عنها والاعتراف بالحقيقة أمام المحكمة بجلسة 12 من سبتمبر عام 2015، كما يتبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه استند -ضمن ما استند إليه من أدلة- إلى الأقوال التى أدلى بها هذا الشاهد فى تحقيقات النيابة". وأضافت: "ولما كان ذلك وكان الأصل أنه وإن كان وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التى يؤدى فيها شهادته وتعويل القضاء عليها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التى تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، إلا أنه يشترط في أقوال الشاهد التي يعول عليها أن تكون صادرة عنه اختيارا وهي لا تعتبر كذلك، ولو كانت صادقة إذ صدرت إثر الإكراه أيا كان نوعه وكائنا ما كان قدره.. كما أنه من المقرر أن الدفع ببطلان أقوال الشاهد لصدورها تحت تأثير الإكراه وهو دفع جوهري يتعين على محكمة الموضوع أن تعرض له بالمناقشة للوقوف على وجه الحق فيه، فإذا ما طرحته تعين أن تقيم ذلك على أسباب سائغة". وأورد الحكم المطعون فيه تبريرا لإطراحه دفع الطاعنين بوقوع إكراه مادي ومعنوى على الشاهد الأول المذكور غير سائغ وليس من شأنه أن يؤدى إلى ما رتبه عليه، ذلك أن قول الحكم فى عبارة عامة مجملة أنها تطمئن إلى هذه الشهادة وتعول عليها في حكمها وتلتفت عن عدوله عنها لأنه أدلى بشهادته تفصيلا أمام النيابة العامة ولم يقل إنه تعرض لثمة إكراه مادى أو معنوي، لا يصلح ردا على القول بصدورها نتيجة إكراه، لأن فى ذلك من الحكم مصادرة على المطلوب، إذ إن هذه الأقوال ينعي عليها بأنها وقت الإدلاء بها وأمام الجهة التى سمعتها إنما كانت نتيجة إكراه، ذلك أن سكوت الشهود عن الإفضاء بواقعة الإكراه في تحقيق النيابة العامة ليس شأنه حتما نفى وقوع هذا الإكراه. وكان الطاعنان قد استمسكا ببطلان أقوال الشاهد الأول -سالف الذكر- فإن دفع الطاعنين يعد -في صورة هذه الدعوي- دفعا جوهريا إذ يترتب عليه -إن صح- تغيير وجه الرأى فيها، فقد كان لزاما على المحكمة أن تسقطه حقه فى التحقيق بلوغا إلى غاية الأمر، ما دامت قد عولت فى الإدانة على الدليل المستمد من أقوال هذا الشاهد، أما وهى لم تفعل، وكانت الأسباب التى أوردتها لتقيده لا تؤدى إلى ذلك، فإن الحكم مشوب بالقصور فى التسبيب أدى به إلى الفساد فى الاستدلال، مما يعيبه ويوجب نقضه والإعادة. يذكر أن محكمة جنايات القاهرة، برئاسة المستشار أسامة شاهين قضت بمعاقبة كل من "عمر محمود عمر" و"محمد الأنور محمدين" ضابطى الأمن الوطنى، بالسجن المشدد 15 سنة عما أسند إليهما، وإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المختصة، فى اتهامهما بالاعتداء على المحامى "كريم حمدى" بالضرب وتعذيبه على نحو أدى إلى وفاته داخل قسم شرطة المطرية.