في وقت تتناقض فيه أسباب إرجاء لقاء أستانا 3 إلى يوم الغد الخميس، أعلنت المعارضة السورية أن روسيا كثَّفت ضرباتها لمناطق في درعا دعما لقوات نظام الأسد. وجاء القصف الروسي للمناطق التي تسيطر عليها المعارضة السورية بعد أن تمكنت الأخيرة من السيطرة على هذه المناطق لتغيير الوضع نسبيا على الأرض. غير أن هذا التقدم، وفق خبراء، لا يخدم روسيا في مساعيها لفرض نهج معين على لقاء أستانا 3 الذي كان من المقرر أن يبدأ اليوم، ولكنه تأجل ليوم واحد فقط وسط لغط شديد بشأن أسباب التأجيل. وكان وزير الخارجية الكازاخي خيرت عبد الرحمنوف قد أكد أمس الثلاثاء على وصول الوفد الروسي ووفد نظام الأسد إلى أستانا لإجراء اللقاء الثالث مع المعارضة السورية. ولكن المعارضة السورية استبقت هذا التصريح بالإعلان عن احتجاجها على عدم التزام موسكو بتعهدات أعطتها في لقاء أستانا الأول في الثالث والعشرين من يناير الماضي بتثيت نظام وقف إطلاق النار والضغط على نظام الأسد لوقف العمليات القتالية. وقالت مصادر روسية وكازاخية، أمس الثلاثاء، أن وفدي تركياوالأردن لم يصلا إلى أستانا أيضا. كما صرَّح وزير الخارجية الكازاخي عبد الرحمنوف أن بلاده تنتظر من الجانب التركي، في القريب العاجل تأكيد مشاركة وفد المعارضة السورية في لقاء أستانا من عدمها. ولكن كل المؤشرات، خلال اليومين الأخيرين، كانت تؤكد أن اللقاء إما أن يؤجل أو يلغى بنتيجة انتهاك نظام الأسد للاتفاقات التي تم التوصل إليها في أستانا 1، وفشل روسيا في الضغط عليه، ما أدى إلى احتجاج المعارضة السورية التي تعاني من انقسامات وخلافات كثيرة نجمت تحديدا بعد لقاء أستانا الأول في 23 يناير الماضي. أما وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف فقد أكد على أن أستانا 3 سيجرى وفق التمثيل نفسه الذي شهدته أستانا واحد من حيث حضور ممثلي المعارضة السورية والنظام، بالإضافة إلى حضور نفس ممثلي الدول الضامنة لاتفاق الهدنة، وكذلك المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا، بالإضافة إلى حضور أردني. هذا في الوقت الذي أعلن فيه وزير الخارجية الكازاخي أن المباحثات ستجري خلف أبواب مغلقة، وستكون آليات مراقبة وقف إطلاق النار، ومعاقبة الجهة التي تنتهك الهدنة في سوريا هما عنوانا اللقاء. ومع ذلك، يتأجل موعد إطلاق أستانا 3 ليوم واحد وسط تشاؤم شديد، وخلافات كثيرة، وذلك قبل أقل من أسبوع على لقاء جنيف 4 في 23 فبراير الحالي الذي يستضيف مباحثات برعاية الأممالمتحدة حول تسوية الأزمة السورية، وبهدف استكمال بحث تفاصيل عملية الانتقال السياسي والملفات الخلافية، وعلى رأسها مصير بشار الأسد. وفي وقت مبكر من صباح اليوم الأربعاء، أعلنت كازاخستان وفود النظام وبعض فصائل المعارضة قد وصلت بالفعل إلى أستانا، وأن وفدا أردنيا برئاسة مستشار وزير الخارجية، يضم عناصر استخبارات وصل أيضا إلى أستانا للمشاركة في المباحثات. وقد نجحت روسيا في جر الأردن إلى ساحة لقاءات أستانا لضمان مشاركة أطراف أخرى يمكن أن تؤثر على الأوضاع الميدانية، ما يعطي انطباعا بأن الأزردن متورط بدرجة أو بأخرى في النزاع السوري. ومن جهة أخرى تحاول موسكو أن تؤكد للرأي العام العالمي أن هناك أطرافا كثيرة تدعم روسيا في خطواتها في أستانا. وعلى الرغم من إرجاء موعد إطلاق لقاء أستانا 3 إلا أن وزارة الدفاع الروسية أعلنت أن المباحثات ستجري كما هو مخطط لها، يومي 15 و16 فبراير الحالي، و لا يوجد أي تأجيل أو تعليق لها. وذلك على عكس ما يجري على أرض الواقع. وذهبت مصادر روسية إلى الإعلان عن إمكانية إجلاس وفدي نظام الأسد والمعارضة المسلحة وجها إلى وجه حول طاولة مفاوضات واحد، وإجراء مباحثات بصيغة ثنائية. وهو ما نفته المعارضة بشكل قاطع. وفي سياق متصل، تُصِر وسائل الإعلام الروسية على إقناع الرأي العام بمشاركة الولاياتالمتحدة في لقاءات أستانا، وتركز على معلومات مجتزأة بأن السفير الزمريكي يمثل واشنطن في المباحثات. غير أن الولاياتالمتحدة نفت أكثر من مرة مشاركتها في مباحثات أستانا. وأمام إلحاح كل من روسياوتركيا، أعلنت واشنطن أن السفير الأمريكي في كازاخستان سوف يحضر تلك اللقاءات ولكن كمراقب دون التدخل في سير المباحثات أو المشاركة أو الإدلاء بأي تصريحات. ورأت تقارير أن تكثيف الضربات الروسية لمناطق المعارضة السورية في اليومين الأخيرين يهدف إلى الضغط على المعارضة وتحسين أوضاع قوات الأسد قبل انعقاد لقاء جنيف 4 في 23 فبراير الجاري. واعتبرت هذه التقارير أن موسكو نجحت في دق أسافين بين فصائل المعارضة السورية، وهو ما ينعكس حاليا في الخلافات بين منصات موسكو والقاهرة والرياض على التمثيل في جنيف. كما تتعجل موسكو إصدار بيان ختامي بنهاية لقاء أستانا 3 لتثبيت ليس بالضبط وقف إطلاق النار، وإنما لتثبيت مواقف موسكو، ودور روسيا في تسوية الأزمة السورية.